آخر التحديثاتعربيات

بمناسبة إصدار بشار الأسد قانون تجريم التعذيب

مرح البقاعي

الاستماع للمقال صوتياً

النهار العربي/ وايتهاوس ان أرابيك

وماذا أيّها الرئيس المفدّى عن جرائم التعذيب النفسي والقهر المبرمج بممارسة الإبعاد القسري على المواطنين السوريين المهاجرين ممّن اختلفوا معك في النهج السياسي، وكذا أولئك المهجّرين (ممن حالفهم الحظ ونجوا من مسالخ معتقلاتك الجهنمية)، فدُفعوا غصباً للمغادرة، وقد حملوا معهم ذاك الشغف الوطني النبيل الذي لا يسمح لهم بقبول الإذلال الجماعي، وقد فرضه ‒ دونما رقيب ولا حسيب ‒ حكمُ الفرد الأوحد الطائفي؟

ماذا عن منع آلاف مؤلفة من السوريين من العودة إلى بلدهم واللقاء مع عائلاتهم، أو حتى تمكين دفنهم بعد موتهم في تراب يضمّ رفات آبائهم وأجدادهم، بما يعني الإجرام بحقهم أحياءً ثم أمواتاً، نسبةً للحق الإنساني الذي تضمنه القوانين الدولية في “جمع الشمل” لأفراد العائلة الواحدة التي كُتب عليها الافتراق لأسباب كارثية أو كرب عظيم حلّ بها ‒ وأنتَ ونظامك خير مثال عن الكوارث السياسية والإنسانية والضيم الجماعي الذي لحق بالسوريين في عهدَي الأب والابن من آل #الأسد؟

كم من الزمن والأعوام تكفي لعقاب من فرّق ابناً أو ابنة عن أمّ مكلومة قضت حزناً على ولد منعتم عنه حتى تقبيل يدها الباردة قبل أن توارى في مثواها الأخير؟

كم من التاريخ يلزم لمحو تلويثكم وحرفكم لمسار التطوّر الطبيعي ل#سوريا وإخراجها من جادة المعاصرة إلى مضائق التجهيل والإفقار، وبث روح الفرقة والطائفية بين أبناء شعب لم يعرف النعرات أو العقد الفئوية من قبل، إلى أن انتهى حطبَ حروب متنقلة شرّدت ودفعت خارج الحدود نصفه أو يزيد؟

هل من مرسوم رئاسي قادر على استيعاب وتوفير العقاب الموازي لهذا الحجم النوعي من الجرائم الأخلاقية المضادة للإنسانية التي ارتكبت بحق المواطن السوري بصمت ودون سفك دماء، وأنتَ الأعلم بهويّة مرتكبيها أيّها الرئيس الذي غدر بنا جميعاً (وقد تكون نفسه البشرية أولى ضحاياه)؟

مرح البقاعي

مستشارة في السياسات الدولية، صحافية معتمدة في البيت الأبيض، ورئيسة تحرير منصة .’البيت الأبيض بالعربية’ في واشنطن
زر الذهاب إلى الأعلى