آخر التحديثاتأبرز العناوينعربيات

غزو أوكرانيا يزلزل الاقتصاد العالمي

النهار العربي - وايتهاوس ان أرابيك

الاستماع للمقال صوتياً
أشعل الغزو الروسي للأراضي الأوكرانية، فجر الخميس، موجة ذعر واسعة النطاق بكل أسواق المال العالمية، مزلزلة أسواق الأسهم، ومفجرة أسواق السلع… فيما بدت القوى الغربية غير قادرة على توفير رد كاف لردع موسكو عن التقدم.
ومع أضواء النهار الأولى، اشتعلت أسواق الطاقة العالمية، ليتجاوز النفط بخاميه الأساسيين 100 دولار للمرة الأولى منذ صيف عام 2014. وقرابة الساعة 1020 بتوقيت غرينتش، ارتفع سعر برميل خام غرب تكساس الوسيط تسليم نيسان (ابريل) بنسبة 8,59 في المئة إلى 100,01 دولار، وارتفع برميل برنت بحر الشمال تسليم نيسان أيضا 8,76 في المئة إلى 105,28 دولارات.
وقال المحلل لدى مصرف “كومرتزبنك” كارستن فريتش لوكالة “فرانس برس” إن “السوق تتوقع تراجعاً كبيراً في العرض على النفط… وفي حال انقطاع إمدادات النفط الروسي جزئياً، لن يكون بإمكان الدول الكبرى المنتجة الأخرى التعويض عن ذلك إلّا بقدر محدود”.
والآن، تترقب الأسواق الأفعال وردود الأفعال، وسط توقعات هائلة باضطرابات واسعة النطاق خلال الأيام المقبلة. ويلاحظ أن العقوبات الغربية لم تمتد لتشمل الطاقة الروسية، بل إن مسؤولين في الإدارة الأميركية أكدوا لـ”رويترز” أنه من غير المتوقع أن تستهدف الإدارة قطاع النفط الخام والوقود المكرر في روسيا بعقوبات؛ بسبب مخاوف تتعلق بالتضخم والأضرار التي يمكن أن تلحقها بحلفائها الأوروبيين وأسواق النفط العالمية والمستهلكين الأميركيين.
ويرى المراقبون أن روسيا لن تتأثر بأي عقوبات نفطية، لأن لديها بالفعل مشترين لا يهمهم ذلك، خاصة في الصين، بينما ستكون أميركا كمن يطلق الرصاص على قدميه إذا فعّلت مثل هذه العقوبات.
ولم يقتصر الأمر على أسواق النفط، إذ تفجرت أسعار الطاقة في أوروبا، وارتفعت العقود الهولندية الآجلة القياسية بنسبة 41 في المئة، مواصلة الارتفاع لليوم الرابع على التوالي. كما ارتفعت أسعار الكهرباء الألمانية لشهر آذار (مارس) المقبل بنسبة 31 في المئة.
ومن جانبها، أكدت شركة “غازبروم” الروسية استمرار ضخ الغاز الطبيعي من روسيا إلى أوروبا عبر أوكرانيا، في رسالة لطمأنة الأسواق. وقال الممثل الرسمي للشركة سيرجي كوبريانوف يوم الخميس، بحسب وكالة أنباء “تاس” الروسية، إن “ضخ الغاز الطبيعي من روسيا إلى أوروبا عبر أوكرانيا مستمر طبيعياً”.
وقفزت أسعار الغاز في أوروبا بنحو 35 بالمئة، وتجاوز سعر العقود الآجلة للغاز مستوى 1400 دولار لكل ألف متر مكعب، وذلك في ظل مخاوف المستثمرين من تأثر إمدادات الغاز الطبيعي من روسيا إلى أوروبا عبر أوكرانيا.
وتشكّل الإمدادات الروسية حوالي 40 في المئة من حاجة الغاز الأوروبية، فيما يتجه نحو 2,3 مليون برميل من الخام الروسي غرباً كل يوم عبر شبكة من خطوط الأنابيب. وكانت هناك آمال في أوروبا وواشنطن في أن تقوم الدوحة، أحد أكبر مصدري الغاز الطبيعي المسال في العالم، بإعادة توجيه الصادرات المخصصة للأسواق الآسيوية إلى أوروبا. إلا أن قطر أوضحت أن لديها قدرة محدودة أو حتى شبه معدومة في تحقيق إنتاج إضافي من الغاز الطبيعي المسال، متحدّثة عن قيود على الكميات التي يمكن تغيير وجهتها.
أيضاً، سجّلت أسعار الحبوب مستويات قياسية في جلسات التداول الأوروبية، وبلغ سعر القمح سعراً غير مسبوق إطلاقاً مع 344 يورو للطن الواحد لدى مجموعة “يورونكست” التي تدير عدداً من البورصات الأوروبية.
وارتفعت ارتفاعاً كبيراً أسعار القمح والذرة التي تشكل أوكرانيا رابع مصدّر لهما عالمياً، منذ افتتاح جلسات التداول، بعد ساعات على بدء الغزو الروسي لأوكرانيا. كما ارتفعت العقود الآجلة لشحنات القمح والذرة الأميركية بأعلى مستوى تداول يومي، فيما سجلت أسعار فول الصويا أعلى مستوى منذ 2012.
وقفزت العقود الآجلة للقمح لشهر أيار (مايو) في مجلس شيكاغو للتجارة 5.7 في المئة إلى نحو 9.34 دولارات للبوشل، وهو أعلى سعر منذ تموز (يوليو) 2021. وارتفعت الذرة 5.1 في المئة إلى 7.16 دولارات للبوشل، مسجلة أعلى مستوى منذ العاشر من حزيران (يونيو). وزادت عقود فول الصويا لشهر أيار 4.2 بالمئة إلى 17.41 دولاراً للبوشل، مسجلة ارتفاعاً لسادس جلسة على التوالي. وبلغت في وقت سابق من الجلسة أعلى مستوى منذ أيلول (سبتمبر) 2021 عند 17.56 دولاراً.
ومن جهة أخرى، ارتجّت أسواق الأسهم العالمية، وهبط المؤشر ناسداك المجمع في بورصة وول ستريت أكثر من ثلاثة بالمئة عند الفتح، ليهوي أكثر من 20 بالمئة من مستوى إغلاقه القياسي المرتفع الذي سجله في نوفمبر الماضي، ويدخل رسمياً في ربقة “السوق الهابطة”.
كما انخفض المؤشر داو جونز الصناعي 0.91 بالمئة في بداية الجلسة إلى 32830.33 نقطة، ليهبط أكثر من 10 بالمئة من مستوى إغلاقه القياسي المسجل في الرابع من (يناير) كانون الثاني، ويدخل مرحلة “التصحيح”. كما بدأ المؤشر ستاندرد أند بوزر 500 القياسي الجلسة منخفضاً 1.65 بالمئة إلى 4155.77 نقطة.
وتراجعت الأسهم الأوروبية ثلاثة بالمئة مع عزوف المستثمرين عن الأصول المحفوفة بالمخاطر بعد هجوم روسيا على أوكرانيا، ما أثار مخاوف من نشوب حرب في أوروبا، بما يساهم في زيادة التضخم ويعرقل النمو الاقتصادي.
وانخفض المؤشر ستوكس 600 الأوروبي 2.9 بالمئة، مسجلاً أدنى مستوياته منذ أيار 2021. ونزل المؤشر داكس الألماني 3.7 بالمئة إلى أدنى مستوى منذ آذار 2021، متكبداً أكبر خسارة من موجة بيع ناتجة من مخاوف متعلقة باعتماد ألمانيا الكبير على واردات الطاقة الروسية. وحد ارتفاع أسعار النفط من خسائر المؤشر فايننشال تايمز 100 البريطاني الذي تراجع 2.4 بالمئة.
وبدوره، سجل المؤشر نيكي الياباني أدنى مستوى في 15 شهراً عند الإغلاق، وانخفض 1.81 بالمئة ليغلق عند 25970.82 نقطة، وهو أدنى مستوياته منذ 20 تشرين الثاني 2020، وعوّض بعض خسائره في وقت مبكر، إذ كان متراجعاً بنسبة 2.5 بالمئة خلال الجلسة. ونزل المؤشر توبكس الأوسع نطاقاً 1.25 بالمئة إلى 1857.58 نقطة. وسجل المؤشران خسائر لخامس جلسة على التوالي.
وفي المقابل، قفزت أسعار الذهب بأكثر من 3 بالمئة إلى أعلى مستوى منذ أكثر من عام، إذ أقبل المستثمرون على الملاذات الآمنة بعد بدء الغزو. ويتجه المعدن النفيس صوب تسجيل أفضل أداء شهري منذ تموز 2020.
وفي الداخل الروسي، أعلن البنك المركزي يوم الخميس، أنه سيتدخل في سوق الصرف الأجنبي لأول مرة منذ أعوام، في أول تدابيره الطارئة، في محاولة لتعزيز استقرار السوق المالي بعد إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بدء عملية عسكرية في دونباس، والتي دفعت لـ”متوالية حوادث اقتصادية”.
وفي البداية، هبطت بورصة موسكو سريعاً 20 بالمئة، ما دفع إلى وقف التداولات. وتلاها فقدان الروبل نحو 10 بالمئة من قيمته السوقية مقابل الدولار واليورو. ولم يُدل البنك المركزي بأي تعليقات حول رفع أسعار الفائدة، لكنه قال إنه سيتم توفير سيولة إضافية إلى البنوك بمقدار تريليون روبل ضمن مزاد إعادة شراء لليلة واحدة. ورفع محافظ بنك روسيا بالفعل حتى الآن معدل الفائدة بمقدار 525 نقطة أساس منذ (مارس) آذار الماضي في محاولة لكبح معدلات التضخم. كما علق الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف لصحافيين قائلاً: “كان رد الفعل الانفعالي للأسواق والقطاع المالي متوقعاً. وقد اتخذت كل الإجراءات اللازمة لضمان انتهاء هذه الفترة في أسرع وقت ممكن”.
زر الذهاب إلى الأعلى