
آخر التحديثاتأبرز العناوينبوّابة سوريارسالة المحرّر
لماذا يحتفظ بوتين بدكتاتور منتهي الصلاحية!
|
الاستماع للمقال صوتياً
|
واشنطن – رسالة المحرر
بقلم مرح البقاعي
في استفتاء للرأي العام أجرته منصة البيت الأبيض بالعربية تحت عنوان “هل تُسلّم موسكو بشار الأسد لمحاكمة وطنية عادلة داخل سوريا وعلى يد الشعب السوري؟”، ذهبت أغلبية الأصوات إلى أن روسيا “لن تسلّم” الأسد للدولة السورية الجديدة.
وفي قراءة محايدة وموضوعية لإحداثيات المنظومة السياسية في الكرملين، تلك التي يرسمها بدقة غير قابلة للتعديل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، نستطيع القول إن موسكو ترى في الأسد رصيدًا جيوسياسيًا يستحق عدم التفريط به البتة! فتسليمه يُضعف نفوذها في سوريا حيث استثمرت عقودًا في القواعد العسكرية والتحالفات، وهي تُفضّل الاحتفاظ به كورقة ضغط أو ورقة مساومة في صفقات مستقبلية.
من نافلة القول أن اعترافاً معلناً من موسكو بأن الأسد غدا عبئاً على تحركاتها وعلاقاتها الدولية وتحديداً مع الحكومة السورية الجديدة، هكذا اعتراف قد يخفي إحراجاً صعباً لقيادة موسكو، ويضحد روايتها التي تدعي فيها دعمها المطلق وغير المشروط للقادة في العالم الذين يقفون في وجه تمدد الغرب ونفوذه.
“كبرياء” روسيا المفتعل والغرضي في آن، لن يسمح لها بتسليم الدكتاتور التي طالما دعمت بقاءه في السلطة بالنار والحديد حين تدخلت بشكل مباشر لحماية سلطته في مقتلة مارستها على مدنيي الشعب السوري على مدى عشر سنوات منذ أن أعلنت دخولها العسكري إلى الأرض السورية رسمياً في يوم مظلم من منتصف شهر أيلول من العام 2015. ذاك الصنف من الكبرياء يجعلها تفضّل التمسك به كبيدق للمساومة مهما صغر شأنه، ما يتّسق مع نهج الكرملين الكلاسيكي: السيطرة على المشهد كاملاً دون التفريط بأي حجر من أحجاره.
من طرف آخر، يعتبر لجوء الأسد إلى موسكو إثر سقوطه في سوريا حاملاً مرحلياً لما تبقى لها من نفوذ في سوريا تحتاجه موسكو وهي تعاني من خسارات كبرى في حربها على أوكرانيا، ويمكن أن يكون في وقت ما ورقة لتفاهمات على هذا النفوذ مع القوى المتدخلة وذات المصالح في سوريا، ولا سيما الولايات المتحدة الأميركية، بهدف التراجع عن دعم أوكرانيا بالسلاح في حربها.
فهل ستتمكن حكومة الشرع من الالتفاف على قرار بوتين وثنيه عن الاحتفاظ بشريكه في قتل المدنيين السوريين الممنهج وتهجيرهم بالملايين في أرجاء الأرض؟!
الإجابة قد تأتي في المستقبل سواء القريب منه أو البعيد. وليس مشهد زج الرئيس الفرنسي الأسبق، نيكولا ساركوزي، في السجن لمدة خمس سنوات بتهم الفساد، ببعيد عن احتمال محاكمة بشار الأسد على أرض سوريا في أقرب مطب قضائي سيُطبق على عنقه.
قراءة وتحليل سياسي يتوافق مع واقع احداث سوريا والعلاقة مع روسيا ومصلحتها