آخر التحديثاتأبرز العناوينبوّابة سوريا

العراق إلى “منزلق خطير” نتيجة صراع المالكي- الصدر

الاستماع للمقال صوتياً

كتبت ريهام الحكيم – مكتب العراق

دخلت الأزمة السياسية في العراق، منعطفاً جديداً، بعد إعلان أنصار التيار الصدري اعتصاما مفتوحاً داخل مجلس النواب العراقي، وهى المرة الثانية التي يدخل فيها أنصار الصدر أبواب البرلمان خلال أيام، رافعين شعارات تنتقد الطبقة السياسية وترفض ترشيح محمد شياع السوداني لمنصب رئيس الوزراء.

في صباح السبت الماضي، تدفق الآلاف من أنصار التيار الصدري إلى ساحة التحرير وسط العاصمة بغداد، بعد أن اجتاز المئات منهم جسر الجمهورية إلى المنطقة الخضراء حيث مباني الحكومة والبرلمان والعديد من الهيئات الدبلوماسية. المتظاهرون توجهوا إلى المحكمة الإتحادية ومجلس القضاء الأعلى، احتجاجاً على جلسة لإنتخاب رئيس البلاد.

دعا مصطفى الكاظمي، رئيس مجلس الوزراء، إلى حماية المتظاهرين وإلتزام السلمية، وعدم التصعيد، والإلتزام بتوجيهات القوات الأمنية التي هدفها حمايتهم، وحماية المؤسسات الرسمية.
وجدد المتظاهرون رفضهم اسم محمد شياع السوداني، والذي رشحه لهذا المنصب خصوم الصدر السياسيون في الإطار التنسيقي.

الإطار التنسيقي – المكون من جميع القوى السياسية الشيعية بإستثناء التيار الصدري – دعا أنصاره للاحتجاج على تعطيل جلسة البرلمان، لمواجهة أنصار الصدر، ولكنه عاد وقرر تأجيل التظاهرات المدافعة عن الدولة إلى إشعار آخر.

الإطار هو قوة سياسية محسوبة على إيران، بالمقابل مقتدى الصدر(سليل آل الصدر)، يحمل طموحات السياسية كبيرة جعلته رقماً صعباً في المعادلة العراقية.

ظهر اسم مقتدى الصدر في سياق الغزو الأمريكي 2003، وإنهيار المؤسسات والحرب الأهلية، دون أن يشغل منصبا سياسيا أو رسميا على الإطلاق، و لمع أسمه ليصبح من أكثر السياسيين نفوذاً، كما يعد الصدر واحدا من العراقيين القلائل الذين يمكنهم حشد مئات الآلاف من الأتباع في أي وقت، وهو ما مكنه من الضغط على خصومه طيلة السنوات السابقة.

أما الخلافات العميقة بين نوري المالكي – أحد أكبر زعماء الإطار- والصدر، فتمتد لأكثر من عقد ونصف.

تاريخ حافل بالأزمات بين الرجلين، بدأ منذ تولى حزب “الدعوة” الإسلامي حكم البلاد في الـ 2005.

بداية العداء كانت في مارس عام 2008، حين قاد المالكي، رئيس الوزراء آنذاك، عملية عسكرية ضارية سُمّيت بـ “صولة الفرسان”، بهدف وقف سيطرة الميليشيات الشيعية المتمثلة بـ “جيش المهدي” العائد للصدر وإعتقال عناصره وزجهم بالسجون وتحولت خلالها محافظة البصرة، جنوب العراق، لساحة حرب، حيث قدرت الخسائر البشرية من الطرفين بـ 1500 قتيل، بينما بلغت الخسائر المادية للعراق نحو 27 مليون دولار.وبات المالكي يخشى خصماً عنيداً كمقتدى الصدر، يحظى بدعم جماهيري غير مسبوق من انصاره، والذي يسمى “التيار الصدري.”

مع الوقت، نجح الصدرفي إثبات قدرته على الإبحار في خطورة تضاريس السياسة العراقية، صعوده غير التقليدي واستخدامه نهجا مختلفا في السياسة عن سابقيه، من مؤسسي أحزاب الإسلام السياسي المنافسين.

نجح الصدر في العمل بصمت على تطوير أدواته السياسية بين البرلمان واللجان الاقتصادية والعمل الجماهيري والعمل السياسي والعسكري، وتكوين أكبر كتلة في الائتلاف الشيعي وخارجه.

كان الصدر دائمًا على إستعداد لعقد صفقات مع قوى متصارعة من إيران إلى السعودية، متى كان يرى أن مثل هذه الصفقات ستعمل لصالح المصالح الوطنية العراقية أو تعزز مكانته كقائد.

كما تمكّن الصدر، من أن يكون داخل النظام السياسي ومعارضاً له في الوقت نفسه، لاسيما في تقديم الحماية والدعم اللوجيستي للتظاهرات في بغداد ومحافظات الوسط والجنوب، مما جعله يكسب قلوب الملايين من سكان المناطق الشيعية الفقيرة.

في نفس الوقت، ظل الصدر في بيت أبيه المرجع محمد صادق الصدر في (الحنانة) في محافظة النجف، ويتمركز الملايين من أتباعه في التيار في مدينة “الصدر” والتي سميت باسم أبيه ومناطق فقيرة أخرى من بغداد، إضافة لمحافظات: النجف وكربلاء والناصرية والبصرة وميسان، التي تكاد تكون مقفلة للتيار الصدري.

ولعل المالكي قد أخطأ بعدم التقاط هذه العلاقة العضوية بين حزب “الدعوة” الذي أسسته عائلة الصدر، وبين مقتدى الصدر وانصاره الصدريين، وتحولت العلاقة بين المالكي والصدريين إلى العداء والإقصاء بسبب المصالح السياسية.

لم تكن معركة “صولة الفرسان” فقط، ولكن التاريخ حافل بالأزمات بين الصدريين و حكومات حزب “الدعوة” الإسلامي، ففي عام 2016، حرّك الصدر أنصاره وكاد يطيح بحكومة رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، عندما اقتحم آلاف من أنصاره المنطقة الخضراء، ودخلوا إلى مبنى البرلمان والحكومة، وقام مئات الآلاف من جمهور الصدر بالإحتشاد قبالة الجسور الرئيسة التي تؤدي للمنطقة الخضراء وقطع الأسلاك ورفع الحواجز من على جسري “الجمهورية” و”السنك” وعبورهم إلى “المنطقة الخضراء” بعد إضطرار حكومة العبادي بالسماح لهم بالعبور، قبل أن يأمر مقتدى الصدر بإنسحابهم، في حادثة ما زالت ماثلة أمام القوى السياسية، واعتُبرت دليلا على قدرة الصدر في تحشيد أنصاره بشكل سريع.

في ظل تلك المعطيات، وتمسك كلا الطرفين، (التيار الصدري، والإطار التنسيقي)، برؤيتهما، واستنفار كل منهما أتباعه، فإن العراق يمضي في طريق محفوف بالمخاطر، خاصة وأن هذين الطرفين، يمتلكان ترسانة عسكرية، كما لديهما الآلاف من العناصر المسلحة.

زر الذهاب إلى الأعلى