آخر التحديثاتأبرز العناوينمقال الرأي

متى نباشر حواراً مسؤولاً مع أهلنا في شرق الفرات؟

الاستماع للمقال صوتياً

المحامي ادوار حشوة 

هناك حقيقة لا يمكن تجاهلها أن الكرد السوريين في الشمال الشرقي يسيطرون على جزء مهم من الأرض السورية، بقوة ودعم الولايات المتحدة، وقد وجدت فيهم حليفا يوثق به لمحاربة داعش حصرا.

حزب العمال الكردستاني يطالب بحق تقرير المصير للشعب الكردي ويقوده عبدالله أوجلان المعتقل منذ سنوات في تركيا، ويطالب بدولة قومية كبرى، وله أنصار في سوريا، وصار له قوات فيها استفزت تركيا.
.
الأميركيون لايدعمون مشروع أوجلان، وتحالفهم مع الكرد في الشمال السور ي ينحصر في حربهم على داعش، ولا يمتد إلى دعم تحقيق حلم دولة أو شبه دولة .

إذا كنا نريد وحدة سوريا فعلا فيجب الذهاب إلى الحوار مع أهلنا الكرد بقلب مفتوح، ونضع الماضي خلفنا، ونستفيد جميعا من دروسه، ولا نعيش على خلافاته وأحقاده. ولا ننسى أن النظام السوري البائد هو من كان يقمع أي حزب كردي يدعو لحق تقرير المصير.

الذين يرفضون الحوار مع الكرد أو يؤجلونه إنما هم يخدمون قلّة منهم تدعو للانفصال عن سوريا، ولا يتصرفون بواقعية سياسية البتة.

عندما سقطت الدولة العثمانية أعطى الحلفاء شعوب ممتلكاتها في أوروبا الاستقلال، وفرّقوا العرب في دول تحت الانتداب.
أما الكرد فقد بعثروهم في تركيا وإيران والعراق وسوريا ولم يمنحوهم دولة، فكان طبيعيا أن يطالبوا بحق تقرير المصير.

كانت مفارقة أن يكون أمرا وطنيا خالصا، وجزءا من حق العرب في الدعوة لحق تقرير المصير و الوحدة العربية، وأن يكون  بالمقابل الأمر نفسه ممنوعا على الكرد، بل وجرما يعاقبون عليه.

هناك صعوبات دولية وإقليمية تقف في وجه المشروع القومي الكردي الموحد، بينما حلّت محله مشاريع شبه دول او أقاليم ذات حكم ذاتي .

في العراق صار هناك كيان اتحادي، وكانت خطوة عادلة وإن عارضتها عناصر قومية عربية متشددة.

في سوريا صار للكرد إدارة ذاتية برعاية أميركية، وهدفا لقواتها المسلحة  المدعوة “قسد” ينحصر في حرب داعش، ودعما سياسيا من دول التحالف لا يتضمن خيارا أو اعترافا بانفصال عن سوريا.

 خيارنا في الورشة الدستورية السورية كان  الإدارة اللامركزية الديمقراطية الموسعة في إطار دولة  سوريا الواحدة الموحّدة.

اللامركزية الموسعة تتضمن مجالس ديمقراطية منتخبة، ولغة كردية ثانية بعد العربية في مناطق الكثافة ومدارس تدرسها في منهاجها، وشرطة محلية، ومحافظا يُنتحب من جميع المكونات.

إذا كنا حريصين على وحدة سوريا فيجب أن لا نتشدد، وأن لا ندفعهم ليكونوا انفصالين خاصةأن أغلبهم يعتزّون بانتمائهم لسوريا – الوطن الأم.

بعض من المعارضة ذهب بعيدا إلى اسرائيل، وبعض يحاور النظام عبر الأمم المتحدة وعبر الدول الصديقة، ومنهم من حاور الأسد عبر روسيا المحتلة، فلماذا لا نحاور ونفاوض أهلنا الكرد أولا؟

هذا هو السؤال!

المحامي أدوار حشوة

محامي وسياسي ومفكّر سوري أميركي له ما يزيد على 30 مؤلّف في السياسة والأدب والقانون
زر الذهاب إلى الأعلى