العلاقات الهندية الأفغانية: عامل توازن أم توترات في المنطقة؟
|
الاستماع للمقال صوتياً
|
كاليفورنيا – مقال الرأي
الدكتور عبيد الله برهاني
تعد العلاقات الهندية الأفغانية من القضايا المحورية في السياسة الإقليمية في جنوب آسيا، حيث تتداخل العوامل السياسية والتاريخية لتشكّل مزيجًا من التعاون والتحديات.
تسعى الهند لتعزيز روابطها مع أفغانستان، ما يثير القلق لدى بعض القوى الإقليمية، خصوصًا باكستان التي تعتبر الهند منافسًا تاريخيًا. وتُعد هذه العلاقات أحد العوامل الحاسمة في تحديد الاستقرار أو التوتر في المنطقة، خصوصًا بعد خطوة بارزة تمثلت في زيارة مسؤول رفيع من وزارة الخارجية الهندية إلى كابول في 6 نوفمبر 2024، حيث التقى كبار المسؤولين الأفغان مثل وزير الدفاع ووزير الخارجية، لمناقشة تعزيز التعاون الثنائي والقضايا الإقليمية والاقتصادية.
ومن أبرز التطورات في هذا السياق، وافقت الهند على استقبال دبلوماسي من حكومة طالبان في مومباي، مع تعيين الدكتور أكرم الدين كامل مسؤولًا عن البعثة الأفغانية. كما تعهدت الهند بتقديم الدعم للحكومة الأفغانية في مجالي المساعدات الإنسانية والتنموية، ما يسهم في استكمال المشاريع الهندية غير المنتهية وبدء أخرى جديدة. كذلك، تلقى مولوي برات شاه آغا، رئيس الهيئة الأفغانية لتنظيم الاتصالات، دعوة لحضور الاجتماع الحالي للمجلس المشترك للاتصالات في جنوب آسيا في نيودلهي. تؤكد هذه التحولات على الدور المتزايد الذي تلعبه الهند في أفغانستان، مما قد يؤثر في ديناميكيات المنطقة ويؤدي إلى تغييرات في التوازنات الإقليمية في جنوب آسيا.
تعود العلاقات الهندية الأفغانية إلى العصور القديمة، حيث شهدت تبادلًا ثقافيًا وتجاريًا. وبعد استقلال الهند عام 1947، أصبحت أفغانستان ذات أهمية استراتيجية بالنسبة للهند. في فترة الحرب الباردة، ارتبط البلدان سياسيًا؛ حيث كانت الهند حليفة للاتحاد السوفيتي بينما سعت أفغانستان للحصول على دعم دولي ضد التدخلات الإقليمية. وكان أبرز تحول في العلاقات في عام 1979 بعد التدخل السوفيتي في أفغانستان، حيث قدمت الهند دعمًا سياسيًا لأفغانستان، مما عزز الروابط بين البلدين.
على مدار العقود الماضية، تطورت العلاقات الهندية الأفغانية في مجالات عدة مثل الاقتصاد والتعليم والبنية التحتية. تقدم الهند مساعدات تنموية كبيرة لأفغانستان، تشمل بناء المدارس والمستشفيات والجسور، وهي من أكبر الدول المانحة لأفغانستان. في المجال الأمني، تعاونت الهند مع أفغانستان في مكافحة الإرهاب، ودعمت تدريب قوات الشرطة والجيش الأفغاني، إضافة إلى المشاركة في مشروعات بنية تحتية استراتيجية مثل السكك الحديدية والطرق.
رغم خطوات التعاون بين الهند وحكومة الأمر الواقع، فإن هناك العديد من التحديات التي تبرز في العلاقات بين البلدين، لعل أبرزها تأثير جارتها باكستان. تعتبر باكستان العلاقات الهندية الأفغانية تهديدًا لمصالحها الاستراتيجية، لا سيما في ظل النزاع المستمر بين الهند وباكستان حول إقليم كشمير. من منظور باكستان، فإن أي تعزيز للعلاقات الهندية الأفغانية، خاصة في المجال الأمني، قد يعزز النفوذ الهندي في المنطقة ويشكل تحديًا لموازنة القوى بين البلدين.
علاوة على ذلك، يعتبر العديد من المحللين أن الهند كانت تسعى إلى تقويض نفوذ باكستان في أفغانستان، خاصة مع الدعم الهندي لحكومة كابول بعد سقوط طالبان في عام 2001. وكانت باكستان تشعر بالقلق من تحالف أفغانستان مع الهند، خصوصًا في سياق الدعم الهندي للأقليات في باكستان، مثل البلوش والطاجيك.
ومع عودة حركة طالبان إلى السلطة في أفغانستان في أغسطس 2021، تغيرت معادلة العلاقات بين الهند وأفغانستان بشكل جذري. ففي حين كانت الهند قد شكلت علاقات تعاون وثيقة مع الحكومة السابقة المدعومة من الغرب، أثارت عودة طالبان العديد من الأسئلة حول قدرة الهند على الحفاظ على نفوذها في أفغانستان. ففي البداية، كانت الهند تتردد في التعامل مع طالبان، بسبب سجل الحركة في مجال حقوق الإنسان وعلاقتها التاريخية مع باكستان. ومع ذلك، سعت الهند في النهاية إلى تعزيز قنوات الاتصال مع طالبان لتأمين مصالحها في المنطقة.
على المستوى الدولي، تظل العلاقات الهندية الأفغانية جزءًا من التنافس الأكبر بين القوى الإقليمية والدولية في جنوب آسيا. فبينما تسعى الهند إلى تعزيز دورها كقوة إقليمية مستقلة، تحاول باكستان وبلدان أخرى مثل الصين وروسيا التأثير في أفغانستان بما يتماشى مع مصالحها الاستراتيجية.
تلعب الصين دورًا مهمًا في التوازن الاستراتيجي في المنطقة، حيث تسعى للاستثمار في مشاريع البنية التحتية في أفغانستان من خلال مبادرة الحزام والطريق. وهذا التعاون الصيني مع طالبان يثير قلق الهند، التي ترى في الوجود الصيني في أفغانستان تهديدًا لمصالحها الاستراتيجية.
في الوقت ذاته، تسعى الولايات المتحدة إلى إبقاء دورها مؤثرًا في أفغانستان رغم الانسحاب العسكري في 2021، وقد أعربت عن رغبتها في استمرار التعاون مع الهند في العديد من القضايا الأفغانية، خاصة فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب.
بناءً على ما تم عرضه، يمكن القول إن العلاقات الهندية الأفغانية تتميز بتوازن هش بين التعاون والتوتر. الهند تسعى لتعزيز نفوذها في أفغانستان، لكن تواجه تحديات بسبب مصالح باكستان والقوى الإقليمية الأخرى. ومع عودة طالبان إلى السلطة، تغيرت ديناميكيات العلاقة، إلا أن الهند تستمر في محاولة بناء علاقات تدريجية مع طالبان لضمان استقرار المنطقة.
ورغم هذه المساعي، تظل العلاقات مرشحة للتوتر، خاصة إذا لم تُدار القضايا الأمنية والدبلوماسية بحذر وذكاء. لكن، إذا استمرت الهند في إدارة مصالحها بحكمة وحنكة، يمكن أن تسهم هذه العلاقات في استقرار المنطقة. كما تعكس التطورات الأخيرة تعزيز علاقات أفغانستان مع القوى الكبرى مثل الصين، روسيا، اليابان، والهند، مما يبرز دورها الاستراتيجي في السياسة الإقليمية والدولية على حد سواء.
زيارة مسؤول رفيع المستوى هندي إلى كابول في التوقيت الذي يترقب العالم تشكيل حكومة في واشنطن برؤية جديدة وتحالفات محتملة، قد تحمل هذه التطورات دلالات ذات أبعاد تفسح عنها الأيام.
Dear Dr. Obaidullah Al-Burhani, I hope you are in good health. I have read your writing by helping from Google translate to English, to be honest, I prefer listening over reading and writing. I’ve tried learning Arabic, but it’s far from easy. As always, I thoroughly enjoy your exceptional writing and insightful political assessments of the region. Your work inspires me to share my own thoughts on the same subjects, almost as if we’re sitting in a coffee shop, chatting like old friends.
Despite my usual laziness, every time I finish reading your work, I feel a surge of energy to write. This time, I’ve titled my piece as:
Geopolitical Complexities and the Quest for Regional Stability in South Asia
By: Kabultimes, 15/11/2024
The evolving Indo-Afghan relationship, historically positive, has faced significant challenges due to shifting geopolitical dynamics. The interplay of U.S. strategy and Pakistan’s investments in Afghanistan has forced India into a complex position, torn between loyalty to a long-standing ally and diminishing influence in a region shaped by external forces. Despite India’s robust foreign policy, its impact has often been muted. However, the broader vision of BRICS presents a potential avenue for recalibrating these dynamics.
The Ukraine war has further reshaped global geopolitics, redefining modern conflict paradigms and setting the stage for new alliances. The recent BRICS summit demonstrated progress in resolving Sino-Indian border tensions a promising step signaling that regional peace is essential for the economic success of future projects. Achieving such peace, however, requires a genuine commitment from all parties. In this context, the strengthening of North Korea-Russia ties is another critical factor that cannot be overlooked, as these relationships are intricately linked to the broader goals of regional stability and global power shifts.
A pivotal aspect of this complex equation is the relationship between India and the Taliban. As evidenced by Kabulov’s recent visit to Pakistan, there is an emerging opportunity to build trust and address regional issues. These efforts coincide with a growing resistance in the region to Western-imposed sanctions, paving the way for multipolarity and reduced dependency on unilateral global powers. Yet, challenges remain. The extreme interpretation of Islamic governance in Afghanistan poses significant risks, not only hindering Afghanistan’s progress but also fostering uncertainty across the region.
This delicate scenario demands strategic handling. If managed effectively, the region could unlock unprecedented potential for cooperation and development. India’s ability to maintain relations with diverse powers Russia, China, and the United States serves as a model for others in the region to emulate. A concerted effort could make a flourishing future tangible, but this will also depend on contributions from key players like Japan.
Pakistan, however, continues to grapple with internal and external challenges. Its outdated 1970s-era narratives regarding Balochistan and Pashtun grievances, coupled with its reliance on exporting terrorism for financial gains, have eroded its global standing. The world has increasingly exposed Pakistan’s detrimental policies, which have exacerbated domestic instability. While new transit routes and projects present opportunities, Pakistan must abandon its dependence on its “terrorism economy” if it hopes to recover and rebuild. True progress will require leaving behind the very strategies that have brought the nation to its knees.
Ultimately, the region faces a pivotal moment. The decisions made today whether to pursue cooperation, prioritize peace, and embrace economic opportunities will determine whether South Asia achieves stability and prosperity or remains trapped in cycles of conflict and mistrust.