آخر التحديثاتأبرز العناوينمقال الرأي

همروجة صواريخ

الاستماع للمقال صوتياً

لبنان – خاص وايتهاوس إن أرابيك

 رأي – بقلم العميد الركن المتقاعد يعرب صخر

هي ليست المرة الأولى التي تنفلت الأمور من عقالها في جنوب لبنان، بالخروج العمدي والمخطط عن السيطرة، ثم العودة فورا إلى الانتظام في قواعد الاشتباك.

هي فترات محددة مسبقا يتم اللجوء إليها إليها عند تأزم الطرفين (إسرائيل وميليشيات إيران في لبنان)، وبتوافق النقيضين على ذر الرماد وتشتيت الأنظار عن أزمتيهما، ولشد الأنظار نحوهما كلاعبين مقررين باستطاعتهم خلط الأوراق وبعثرة التفاهمات المرتقبة على الساحة اللبنانية كما على مساحة الشرق الأوسط.

أولا؛ تتمثل أزمة إسرائيل باختصار بحكومتها الحالية في وضع نتنياهو القضائي المأزوم، والهدوء والراحة التي حظيت به إيران بفعل الضامن الصيني في الاتفاق السعودي الإيراني، ما منع نتنياهو من توجيه الضربة المحدودة التي كان يحضرها لإيران، وحاجته الآن لمستجد ما يحرف الأنظار وينقل أزمته خارج ساحته. وأزمة حزبللا في أنه تحت وطأة مخرجات التفاهم الإيراني السعودي بات خارج التأثير والتقرير لا بل أصبحت أوراقه على الطاولة وليس إلى الطاولة، وثانيها عدم قدرته على إيصال رئيس للبنان يخدم أجندته كما في السابق… إذاً لا بد من همروجة تشد الأنظار لكلا الطرفين وتشذ الاهتمام عن مستجدات ليست في صالحهما.

ثانيا؛ قواعد الاشتباك بينهما صارت مفهومة وكشفها اتفاق الترسيم البحري. حزبللا يفاوضها بدلا عن الدولة اللبنانية ويضمن الحدود الشمالية لإسرائيل ويحرسها، وإسرائيل تنصرف آمنة مطمئنة لاستخراج ثرواتها البحرية، موكلةً لحزبللا النيابة عنها في تهديم وتشويه كيان الدولة اللبنانية وتفريغها من مضمونها لأن لبنان هو المنافس الاقتصادي والسياحي والتجاري لإسرائيل في هذا الشرق.

إن ما حدث بالأمس من إطلاق عدد من الصواريخ من جنوب لبنان نحو شمال إسرائيل وعدم تبني حزبللا لها، لا يخبرنا إلا أنها صواريخ جوفاء باتفاق النقيضين، غرضها فقط إيصال رسالة مزدوجة: لا تتجاوزوا حزبللا ومن لف لفه في أية صفقة أو تفاهم. وأيضا هي تخريج عابر ومطلوب لحرج إسرائيل.

هذا ما نفهمه وخبرناه من هذه الأحداث المحدودة التي تكررت خلال العقود الثلاثة الأخيرة.

لكننا أمام سؤال يطرح نفسه: هل تتطور الأمور وتتسع، ومعها، هل تريد أميركا وإسرائيل عبر ذلك تبديد الاتفاق السعودي الإيراني الصيني وتحريرها وإسرائيل من تبعاته، لتعود  أميركا وتكون المقرر الأساس في الشرق الأوسط؟

… وهذا بحث آخر.

يعرب صخر

الجنرال يعرب صالح صخر عميد ركن في الجيش اللبناني، وباحث مشارك في منصة وايتهاوس مختصّ بالملفات العسكرية الإقليمية والدولية. تقاعد من الجيش إثر خدمة وطنية لمدة 36 عاماً. الجنرال حامل لدرجات الماجستير العلمية في التخصصات: الدراسات الاستراتيجية، الحرب والدبلوماسية، والأمن القومي.
زر الذهاب إلى الأعلى