التعبئة في روسيا.. هروب جماعي عوضاً عن الانتحار الجماعي
الاستماع للمقال صوتياً
|
بسام أبو طوق
كما عودت منصة وايتهاوس إن أرابيك الإعلامية متابعيها في ملاحقتها الدؤوبة والحثيثة لأدق اللحظات السياسية الدولية، أطلقت استطلاعها الدولي الأسبوعي للرأي والذي وجه سؤالا محوريا يواكب تطور الأحداث لهذا الأسبوع وهو:
هل إعلان بوتين التعبئة الجزئية للحرب سيكون بداية الثورة على حكمه؟ وتم تحديد خيارات هذا السؤال بثلاثة:
1- لا لن يستطيع الشعب الروسي الثورة ضمن الظرف الأمني الضاغط
2- نعم وبدأت المظاهرات منذ إعلان بوتين عن استدعاء المجندين
3- سيحاول الشباب الهرب بينما يحكم بوتين قبضته على البلاد
هذا الاستطلاع وتلك الخيارات لن تشكل مشهد الرأي النهائي، ولكنها تساعد في تكوين تصوّر وانطباع عن مسارات الرأي العام لدى متابعي المنصة، وهي تغني هذه المسارات وتغتني بها.
أسبوعاً بعد أسبوع يزداد اهتمام متابعي المنصة بهذه الاستطلاعات، وتفيدهم في استيضاح آرائهم ويفيدونها بالمقابل في تنويع مصادر معرفتهم. وبالعودة إلى نتائج هذا الاستطلاع نجد أن الخيار الثالث وهو (سيحاول الشباب الهرب بينما يحكم بوتين قبضته على البلاد)، قد حاز نسبة التصويت الأكبر 74% ، ما يعبّر عن توجّه واضح لدى المهتمين والمتابعين وأصحاب الرأي إلى عدم المراهنة على احتمال قيام بوتين بمراجعة أو إعادة تقييم لغزواته المتكررة في سوريا ثم في أوكرانيا ثم…. وذلك رغم الخسائر المتلاحقة التي تنال من سياسته المتعنتة.
وتتطابق نتائج هذا الاستطلاع والخيار الثالث منه مع حالة الهروب الكبير للشباب الروسي باتجاه المعابر الحدودية مع فنلندا وجورجيا وأرمينيانش، وهو ما يعبر بجلاء عن استفتاء غير خاضع لتحليل ومعايير الإحصاءات والتكهنات.
التعبئة العامة التي ستضيف 300 ألف مجند روسي جديد وقوداً إلى محرقة الحرب الروسية الأوكرانية، لا تزيد عن كونها خطوة محفوفة بالمخاطر وفاشلة على الصعيد العسكري واللوجستي. ويعرف الخبراء العسكريون جيدا ماذا يعني زج أعداد متزايدة من المجندين في أتون الصراع، حيث يصلون إلى أرض المعركة حاملين أسلحة أسوأ من تلك التي لدى القوات العاملة، ودون تدريب أو إعداد مسبق. هذا التوجّه الطائش لن يغير الواقع ميدانياً، ولن يكون إلا إهدارا للطاقات البشرية المطلوبة للإعمار والبناء والنهوض.
وعلى رأي الجنرال الأميركي، مارك هيرلتينج، فخسائر بوتين في ساحة المعركة ضيقت مساحة المناورة أمامه إلى ابعد حد.
لقد فُتحت مروحة من الاحتمالات أمام الحاكم بأمره الروسي، فاختار الأسوأ بينها والأخطر وهو مضاعفة الرهانات.وها هو يضم أربع مناطق أوكرانية، متذرعاً باستفتاءات واهية أقيمت في ظل قعقعة السلاح والتهجير، وها هو يهدد بضربات نووية “محدودة” ويطرح – بمجازفة متهورة – أوراقه على الطاولة، مغامرا في لعبة روليت روسية سيئة السمعة٠