آخر التحديثاتأبرز العناوينمقال الرأي

قراءة أولية للهجوم الصاروخي الإسرائيلي على إيران

الاستماع للمقال صوتياً

ميشيغان – مقال الرأي

رفعت الزبيدي

قلتُ سابقا وكتشبيه للعلاقة بين إسرائيل وإيران، أنها مثل العلاقة بين الإطار التنسيقي  والتيّار الصدري، كلاهما لايستغنيان عن بعضهما، ومايحصل هو كسر عظم ضمن التنافس الغير شريف على حساب الدماء والمصلحة الوطنية للعراقيين.

النظام الإيراني في سياسته الاستفزازية في المنطقة يقول للولايات المتحدة الأمريكية: أنا دولة وقوة إقليمية أستطيع تحقيق التوازنات والاستقرار أو عدمه في المنطقة بما فيها مصالحكم الحيوية، وعليكم أن تقبلوا بي ضمن القيادة الإقليمية والدولية أيضا.

إسرائيل تريد التأكيد لإيران أن هناك خطوطا حمراء عليكم أن لاتتجاوزوها، وسياستنا مستمرة في الإستيطان وكسر أذرعكم المربكة لنا وليست المهددة بوجود إسرائيل، إسرائيل باقية وتتمدد. هكذا أرى المعادلة نتيجة السياسات الحمقاء لمحور الأذرع الإيرانية في المنطقة.

نذهب الى قراءة ردود الأفعال الإقليمية والدولية بخصوص الهجمات الإسرائيلية ليلة السبت الحالي 26 تشرين الأول الجاري، وتأكيدي للتاريخ ليكون شاهدا لدى الرأي العام العربي كيف أنظر إلى مايجري.

معظم الدول الإقليمية استنكرت الهجوم الإسرائيلي وقد يقول قائل إنها مجرد حركة دبلوماسية لاتقدم ولاتؤخر في موضوع التذمّر الإقليمي من السياسات الإيرانية. لكن ومن قراءة لما قبل الضربات الإسرائيلية حيث تصريحات متكررة سرّبتها الصحافة العالمية بخصوص التعامل بجديّة مع التهديدات الإيرانية التي جاءت من بعض قياداتها وأذرعها أن المصالح الأمريكية ستُضرب حتى في الدول العربية في حال ضُربت إيران بشكل مؤثر، يكشف لنا مدى تأثير الإتصالات السريّة مع جميع الأطراف المعنيّة بشكل مباشر بمن فيهم إيران وإسرائيل. وهذا ما يُفسّر لنا الرسالة الإسرائيلية الأولى المحدودة عسكريا كأهداف منتخبة لهجماتها اللّيلة الماضية. فخلال الأسابيع المنصرمة كان الجميع يترقّب ويضع أهدافا إيرانية ستُضرب ومن ضمنها ولي الفقيه شخصياً كنهاية حكم المؤسسة الدينية الحاكمة.

باعتباري ناشط إعلامي ومعارض سياسي وحتى لحظة كتابة مقالي هذا راجعت ما نشره الموقع الرسمي للمجلس الوطني للمعارضة الإيرانية بزعامة السيدة مريم رجوي باللغتين العربيّة والإنكليزية، لم أجد تهويلا أو تعظيما للهجمات الإسرائيلية وقد اكتفى الموقع بنشر خبر عن الهجوم من وكالة رويترز للأنباء، وبقية الأخبار عن نشاطهم المعارض خارج وداخل إيران. في حين أن آلاف العراقيين في الخارج يُهلّلون طرباً حين تُضرب أهدافا داخل العراق من قبل الولايات المتحدة أو إسرائيل إن حدثت. وهنا أقول أن من يرهن مصير إنقاذه من عدوّه على قوّة أجنبية، فهذا هو البؤس والهزيمة والفشل. إننا كعراقيين ندّعي معارضتنا للمشروع الإيراني وأذرعه الولائية غير قادرين على أضعف الإيمان توحيد الجهود إن كانت النوايا مخلصة ومستقلّة غير مرتبطة بأجندة تطيل عمر العملية السياسية ومعاناة العراقيين في الداخل. هذا هو أجبن  موقف مازلتُ أعاني منه ونحن نسعى إلى لم شمل من يدّعون المعارضة. إن وضع حد للتهديد الإيراني يُفترض أن يكون ضمن سياقات وطنية، إقليمية ودولية متوازنة ومتوافقة. وهذا لم يتحقق حتى هذه اللّحظة وفق النقاط التالية:

أولا ضمن السياق الوطني: قلت وأعيده أن لا أحد ينتبه ويتعامل معنا ونحن بلا جهد موحّد ومشروع وطني واضح المعالم الآنية والمستقبلية يراعي التوازنات والاستحقاقات المحلية والإقليمية والدولية دون الإضرار بمصلحة العراق الوطنية. فكل ما يُنتج تحت إشراف وتوافق مع العملية السياسية المرتبطة بأجندة السياسة الإيرانية مثل المشروع الوطني المزيّف لجمال الضاري عام 2016 في مؤتمرهم بباريس، واليوم جمال الضاري أحد أجندة العملية السياسية في العراق، ولديهم مقر ووجود داخل بغداد المهيمن عليها من إيران. هذه هي الأضحوكة والتحايل بإسم المشروع الوطني. 

ثانيا السياق الإقليمي: المملكة العربية السعودية تقود مشروعا سياسيا واضح الأبعاد لحل القضية الفلسطينية وقد أشرتُ اليه في مقالات سابقة آخرها عن الشرق الأوسط الجديد وفق رؤيتنا الوطنية. مشكلة المشروع السياسي السعودي أنه يُقابل بحربين واحدة ظاهرية من محور الولاء والتبعية الإيرانية والثاني خفي من دول عربية منافسة لقيادة المحور الإقليمي وهذا ليس في مصلحتنا القومية. لذلك نجاح وتفعيل المشروع السياسي ضمن سياقه الإقليمي مرتبط بجديّتنا ضمن السياق الوطني كعراقيين ، لبنانيين ، سوريين ويمنيين. المشروع السياسي الإقليمي يتضمن حل مشاكل الدول المذكورة أيضا مع القضية الفلسطينية.  

ثالثا السياق الدولي: الدول العظمى تنظر الى مصالحها الحيوية وعندما لاتجد حلفاء جديين من قوى المعارضة الموحّدة فانها تلجأ الى تفعيل سياسة الإحتواء للنظام الحاكم المخترق إيرانيا كما هو المثال في العراق.فالمعارضة العراقية بعد إحتلال العراق للكويت كان يجب عليها إثبات وحدتها للفت أنظار المجتمع الدولي والإعتراف بها ككيان ممثل للشعب العراقي وهذا ما حدث في 1992 عندما تأسس المؤتمر الوطني العراقي الموحّد.

الخلاصة: إن أوهن البيوت يمكن تحوليها إلى أقوى البيوت من خلال مشاريع تتوافق مع التوجّه الدولي الجديد بعد تزايد حظوظ فوز المرشّح الجمهوري دونالد ترامب في الإنتخابات في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل .

السياسة الإيرانية وأذرعها في المنطقة لاتملك استراتيجيات توافقية مع التوجّه الدولي في حل النزاعات، ونحن لدينا الكثير من الأوراق السياسية والإقتصادية ضمن شراكات مستقبلية (إن) وأقولها إن نضجت رؤية من يدّعون المعارضة وفُسح المجال لنا نحن كقيادة وطنية مستقلّة في تاريخنا المعارض لأكثر من ثلاثة عقود من الزمن ومازلنا نحمل ذات الهم والرؤية الوطنية المستقلة.

 

  

رفعت الزبيدي

سياسي عراقي وكاتب في النظم والحقوق المدنية - خريج جامعة Grand Canyon University.
زر الذهاب إلى الأعلى