آخر التحديثاتأبرز العناوينمقال الرأي

مستقبل العراق في ظل الحدث الراهن

الاستماع للمقال صوتياً

ميشيغان – مقال الرأي

رفعت الزبيدي

كنتُ أمنّي النّفسَ وأنا أستمع إلى المتحدثين في مساحة منصة البيت الأبيض بالعربية، وكانت حوارية تتعلّق بالشأن العراقي خصوصا العنوان المتضمن “التحديّات وآفاق المستقبل”، ودّدتُ أن يكون الحضور عراقي بامتياز إلّا أنه كان شحيحا في الحضور وطرح الرؤية المستقبلية خصوصا أن هكذا مساحات حوارية تُسجّل وبامكان من فاتته مراجعتها والاستماع الى مايُطرح من أفكار قد تعطي للمتلقي العراقي بصيصا من أمل مفقود في ظل الوضع الداخلي.

للأسف هناك افتقار حقيقي لطرح مايمكن أن يكون ضمن قراءة واقعية تستند على خلفية تاريخية تُمهّد الطريق إلى طرح مشروع استراتيجي، نعم استراتيجي جامع بين المصلحة الوطنية للعراق والمصالح المتبادلة إقليميا ودوليا. العاملان الإقليمي والدولي ينتظران ظهور قيادة وطنيّة تُبنى عليها التوقعات الإيجابية والتواصل المثمر لشراكة تمتد الى مئة عام قادمة تبدأ عقارب توقيتها منذ لحظة الولادة وأعني ولادة القيادة مع مشروعها الوطني.

هذا من أهم التحديّات في الملف العراقي. لذلك قلتُ في المساحة الحوارية لموقع البيت الأبيض بالعربي من واشنطن أننا نفتقر إلى البديل الوطني مع مشكلة أخرى هي العلاقات الأمريكية العراقية. 

إدارة باراك أوباما كانت متوافقة في أفعالها ونتائجها مع السياسة الايرانية في العراق ومازالت تقود ذات الازدواجية في الإدارة الحالية للرئيس جو بايدن الذي كان حينها نائبا للرئيس أوباما. إلى ماذا تسعى إدارة الحزب الديمقراطي في علاقاتها مع العراق؟ سياسة الاحتواء مثلاً  لِلَجم المليشيات الولائية للولي الفقيه مع ضربات وقائية، رادعة، مُنذرة في التصعيد إلى حد تصفية قيادات المليشيات وتقوية حكومة توافقية بين ايران والولايات المتحدة على غرار الحكومة الحالية والسابقة؟ هل هذا هو الحل لتحجيم الخطر الإيراني المهدد للمصالح الحيوية للولايات المتحدة وحلفائها؟

الحقيقة أنا شخصيا لايهمني هذا الموضوع طالما مصالحنا الوطنية غير معترف بها، فالعملية السياسية عبارة عن مختبر للتجارب الإيرانية على العراقيين كقيادات مُستنسخة وفق المواصفات الإيرانية – الأمريكية، تتخفّى خلف قناع الديمقراطية وصناديق الانتخابات، وفي نفس الوقت تحرك أذرعها المليشياوية سواء تحت عناوين كتائب حزب الله، العصائب، أو أسماء جديدة تبتّز دولا إقليمية لاتتماشى سياساتها مع السياسة الإيرانية بقيادة المنطقة.

لو أخذنا بعض النماذج مثلا حركة أنصار الله، فماذا تفعل بعض وفوده إلى العراق في زيارة مدينة السماوة التي تلتقي حدودها الجنوبية مع أراضي المملكة العربية السعودية؟ حكومة محمد شياع السوداني الذي ينحدر من خلفية حزب الدعوة الإسلامية (محور المقاومة الولائية ) هل يمكن أن يكون لها موقف محاسبة التجاوزات على مفهوم السيادة الوطنية والأمن الاقليمي المشترك؟ طبعا لا ومن الغباء تصديق تصريحات حكومة السوداني. هذا إضافة إلى استقبال عوائل حزب الله اللبناني أو عناصره إن صدقت المعلومات والذي ستكون له أبعاد مستقبلية. لهذا نحن طرحنا وضمن رؤيتنا لآفاق المستقبل مؤتمر الحوار الوطني الذي وضعنا له آليات تبدّد مخاوف الفشل أسوة بمن سبقته من مؤتمرات في عواصم عدّة.

فك ارتباط العراق من المحور الإيراني لن يتم إلا بتغيير العملية السياسية الحالية بكل القيادات المتورطة في ملفات انتهاكات حقوق الانسان والفساد المالي والتنسيق مع دول أجنبية مثل إيران.

المرحلة الحالية وموقف إدارة المرشّح الجمهوري دونالد ترامب هي من أهم التحديّات في ملف العراق أيضا. إذا كنّا قد شهدنا في إدارته الأولى للبيت الابيض تصفية قائد الحرس الثوري الإيراني، فيُفترض في رأيي الشخصي أن نكون ضمن مرحلة تنفيذ مشروعنا الوطني وهو إنهاء العملية السياسية في العراق  لإضعاف النظام الإيراني وتهيئة الأجواء المحلية والإيرانية والدولية لتغيير سياسي داخل إيران.

خلاف ذلك ستستجد تحديات جديدة وساعتها لن ينفعنا الندم على ضياع الفرصة التاريخية. الآن مرة أخرى لابد للعراقيين في الخارج من التحرّك الجاد والفاعل لتوحيد الجهود والاستعداد لما هو قادم. 

نحنُ لها فهل غيرنا كذلك؟ أشك رغم روح الأمل!

رفعت الزبيدي

سياسي عراقي وكاتب في النظم والحقوق المدنية - خريج جامعة Grand Canyon University.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى