آخر التحديثاتأبرز العناوينحدث اليوم

حان الوقت لتستخدم الولايات المتحدة نفوذها على المملكة العربية السعودية

بقلم السناتور الأميركي ريتشارد بلومنتال

ترجمة بسام أبو طوق

تواطأت المملكة العربية السعودية هذا الأسبوع مع روسيا، عندما قررت خفض إنتاج النفط بمقدار مليوني برميل يوميا في اجتماع أوبك + وبالتالي رفع سعر الغاز لصالح روسيا. ستؤدي هذه الخطوة المروعة إلى تفاقم التضخم العالمي، وتقويض الجهود الناجحة في الولايات المتحدة لخفض سعر الغاز،  وستساعد في دعم غزو بوتين غير المبرر لأوكرانيا.

هذا القرار السعودي يوجه ضربة موجعة للولايات المتحدة، ولكن لدى أمريكا طريقة للرد: يمكنها على الفور إيقاف نقل تكنولوجيا الحرب الأمريكية الصنع إلى أيدي السعوديين المتحمسين. وببساطة، لا ينبغي لأمريكا أن توفر مثل هذه السيطرة غير المحدودة على أنظمة الدفاع الاستراتيجية لحليف واضح لعدونا الأكبر فلاديمير بوتين الذي يبتزنا بالقنابل النووية.

هذا هو السبب في أننا نقترح تشريعا من مجلسي الشيوخ والنواب للإيقاف الفوري لجميع مبيعات الأسلحة الأمريكية إلى السعودية. منذ عدة سنوات، كان زملاؤنا يدرسون مقترحات مماثلة، لكن هذه الإجراءات لم يتم تمريرها، نعتقد أن هذه المرة ستكون مختلفة بسبب رد الفعل الشديد من الحزبين على تواطؤ السعودية مع روسيا، وبناءً على محادثتنا مع الزملاء يحظى مشروع تشريعنا بالفعل بدعم من الحزبين في كلا المجلسين.

ما الذي قد يقود السعوديين إلى هذا الخطأ غير الحكيم في قرار أوبك + الأخير؟ أشار معلقون مختصون بقطاع الطاقة بدهشة إلى أن السعوديين كانوا قلقين فقط بشأن عائداتهم المالية المهددة، بالخطر وأنهم يتصرفون بعقلانية. ونفى علي الشهابي المحلل السعودي في صحيفة نيويورك تايمز أي دوافع سياسية للقرار، فهذه الخطوة كانت “لمجرد إبقاء السعر في مستوى مقبول”.

لكن هذا الادعاء غير مبرر. لم تخفض أوبك أبدا إنتاجها عند تسجيل مثل هذه القياسات المحدودة للسوق، وستؤدي تخفيضات الإنتاج هذه إلى انخفاض غير مستدام لمخزونات النفط، ما يؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط بعيدا عن أي “مستوى مقبول”. إضافةً إلى أن خطة G7 للحد الأقصى لأسعار النفط لا تستهدف أوبك، بل تقتصر بشكل حاسم على النفط الروسي.

الركود العالمي الذي يستشهد به قادة السعودية غير موجود ولا يبرر هذه الخطوة. الأسواق في الوقت الحالي محدودة للغاية، مع هوامش ربح كبيرة للمملكة العربية السعودية بلغت 73%.

بعبارة أخرى، لم تكن هناك حاجة فورية للمملكة العربية السعودية إلى تقليل الإمداد ما لم تكن تسعى إلى إلحاق الضرر بالولايات المتحدة لصالح روسيا.

لقد حقق كل عضو في أوبك أرباحا طائلة مؤخرا باستثناء روسيا لأنها المنتج الأقل كفاءة في أوبك. تتكلف روسيا 46 دولارا للبرميل لاستخراج النفط، لكن مع التكنولوجيا الأمريكية، فإن تكلفة السعودية لا تتجاوز 22 دولارا للبرميل. بالإضافة إلى ذلك، كان على روسيا وحدها أن تقدم خصومات ضخمة بقيمة 35 دولارا للبرميل لعملاء مثل الهند والصين لأن قلة من الدول الأخرى تريد النفط الروسي الخاضع للعقوبات.

للتوضيح، لا تزال السعودية مهمة لأمن الطاقة والاستقرار في الشرق الأوسط، وللازدهار الاقتصادي العالمي، وكحليف إقليمي ضد إيران، لكنها ارتكبت خطأً فادحا هذا الأسبوع. يجب أن يحفز دعم السعودية لروسيا مراجعة بعيدة المدى للعلاقة الأمريكية السعودية، حتى عندما يحاول النظام تطهير سمعته الدولية في أعقاب مقتل كاتب العمود في واشنطن بوست، جمال خاشقجي، والكارثة الإنسانية التي سببتها الحرب السعودية في اليمن.

تحدث أعضاء الكونجرس بالفعل عن أفضل السبل للرد. اقترح بعضهم توسيع نطاق قوانين مكافحة الاحتكار المحلية لتشمل التجارة الدولية، واقترح آخرون إحياء مبادرة الحزب الجمهوري لسحب القوات الأمريكية من المملكة العربية السعودية. لكن هذه الفكرة فشلت في السابق نظرا لأن الولايات المتحدة تفضل وجود قواتها هناك على القوات الروسية أو الصينية.

تتمثل الخطوة الأبسط والأكثر إلحاحا لتعزيز الأمن القومي الأمريكي في إيقاف جميع الإمدادات العسكرية الأمريكية والمبيعات ومساعدات الأسلحة الأخرى، ويشمل ذلك منشآت اختبار الرمال الحمراء المثيرة للجدل والمخطط لها على عجل في المملكة العربية السعودية.

يعتبر التعاون العسكري الأمريكي مع النظام السعودي أكثر شمولاً مما يدركه الكثيرون، لكن هذا يمنح الولايات المتحدة أيضا نفوذا اقتصاديا وأمنيا كبيرا على الرياض، حيث تعتمد المملكة العربية السعودية بشكل كبير على المساعدة الدفاعية الأمريكية، فهي تشتري الغالبية العظمى من أسلحتها من الولايات المتحدة، ولا يمكن لها أن تحل محل هؤلاء الموردين ما لم ترغب في الشراكة مع روسيا أو إيران أو الصين لأنظمة أدنى كفاءة بكثير لا تتوافق مع أسلحتها الحالية. (وفي حين أن السعودية تحصل على بعض التكنولوجيا العسكرية من دول أخرى، فإن هذه عادةً أسلحة منخفضة المستوى وأسلحة بسيطة مثل قاذفات القنابل القديمة والبنادق والذخيرة).

والأكثر أهمية من اعتماد السعودية على الأسلحة الأمريكية هو اعتمادها على الشركات الأمريكية للمساعدة في بناء صناعات الدفاع المحلية من خلال المشاريع المشتركة الكبيرة، بدأت هذه الترتيبات الحساسة والمكثفة – والتي لم تحصل إلا على القليل من الاهتمام العام – في عام 2017 واستعانت بمصادر خارجية للتكنولوجيا الحساسة والوظائف الأمريكية إلى المملكة العربية السعودية دون أي سيطرة حكومية. ليس لدى الولايات المتحدة ترتيبات بهذا الحجم مع أي حلفاء آخرين.

نظرا لطبيعة المرحلة المبكرة لهذه المشاريع المشتركة، فضلاً عن الحد الأدنى من قابلية التشغيل التوافقي بين نظام الأسلحة السعودي الحالي والبدائل الأجنبية المحتملة، لا يمكن للسعودية فعل الكثير للرد على هذا التشريع المقترح بخلاف العودة إلى الطاولة والتفاوض مع الولايات المتحدة بحسن نية، كما لاحظ أحد الخبراء، “سوف يستغرق الأمر عقودا للانتقال من الطائرات الأمريكية والبريطانية، على سبيل المثال، إلى الطائرات الروسية أو الصينية.

وينطبق الشيء نفسه على الدبابات وأجهزة الاتصالات وغيرها من المعدات عالية التقنية”. سيكون تحديا خطيرا إن لم يكن مستحيلا تماما على السعودية تنفيذ محور توريد قصير الأجل بين عشية وضحاها إذا واجهت حظرا على مبيعات الأسلحة، وأي حظر قد يكون مؤقتا حتى تعيد السعودية النظر في علاقتها مع بوتين.

ربما يجدر بنا أن نفكر ببعض الحكمة الروسية القديمة. فمنذ أكثر من قرن من الزمان، حذر الكاتب المسرحي الروسي أنطون تشيخوف من أن “المعرفة لا قيمة لها إلا إذا وضعتها موضع الممارسة”، وربما ينطبق الأمر نفسه على النفوذ، لا قيمة له ما لم يستخدم.

.

زر الذهاب إلى الأعلى