مقال الرأي

بايدن في الخليج، تحسين العلاقات مرتبط بتحسين السياسات

كتب علي بن حمد الخشيبان - خاص وايتهاوس ان أرابيك

الاستماع للمقال صوتياً

 

 

Dr. Ali Al-kheshaiban – Image Credit WHiA.US

لاتبدو المهمة الأمريكية في الشرق الأوسط في أفضل ظروفها، ولاتبدو موضوعات هذه الزيارة مرتبة بشكل دقيق بحيث يمكن قراءتها ببساطة. فكما يبدو أن الأولويات يصعب ترتيبها وفق سياق متفق عليه، لأن جميع الأطراف لديها نفس القائمة ولكن ليس نفس الترتيب من حيث أهمية الموضوعات التي يجب ان تناقش أولاً، الجميع سوف يحاول ان يدفع بالاتجاه المناسب له، ولكن في النهاية محاولات دفع هائلة ستجعل من جميع موضوعات هذه القمة مهمة. ومن الواضح أن لا أحد سيتمكّن أن يفرض قائمة محددة للأولويات وهذا ما سوف يصعب مهام هذه القمة ويزيد من مساحات التداول فيها.

لنكن أكثر وضوحا حول هذه الزيارة، فقد مارس الإعلام السياسي الأمريكي عملية ترويجية كان هدفها كما يبدو لي تصعيب هذه الزيارة وجعلها ممكنة وغير ممكنة في ذات التوقيت، وكان الهدف هو إطلاق بالون اختبار للمنطقة من أجل قياس ردود فعلها.

من الواضح أن توقيت الزيارة مرتبط بشكل قوى والأحداث العالمية التي غيرت في ذات التوقيت من مواقف دول المنطقة تجاه ما يجري حولها وما يجري في العالم، ولكن كل ذلك لايمكنه تجاوز العلاقات الاستراتيجية التي تكتسبها الدول الخليجية في السياسية الأمريكية وخاصة أن هذه العلاقات الاستراتيجية توفر موقعا مميزا لأمريكا في الدول الخليجية.

معايير السياسة الأمريكية ترتبط بقوة بأصوات الناخبين مهما كان الظرف السياسي الذي تعيشه أمريكا، فأكثر من خمسة دولارات للجالون الواحد من الوقود هي شئ كبير يصعب تمريره بالتهدئة من قبل البيت الأبيض الذي يبدو مضطرا إلى تغيير جذري في سياساته.

فالمعادلة المتاحة تقول إن “تحسين العلاقات مرتبط بتحسين السياسيات”، ولعل فريق الرئيس بايدن يدرك أن هذه الأولوية في تغيير السياسيات هي على رأس القائمة في الدول الخليجية ذات الإنتاج النفطي العالي. الجميع يدرك أن مفتاح السر بالنسبة للشعب الأمريكي هو كلمة (نفط رخيص)، وهذه إحدى الأولويات الكبرى التي تأتي في راس القائمة الامريكية أيضاً عندما يأتي الرئيس بايدن للخليج مهما كانت محاولات التبرير الأخرى.

فالرئيس الأمريكي يأتي الى المنطقة محملا بالكثير من الأسئلة التي شغلت تفكير الصحافة الأمريكية، ويتم استثمارها للضغط عليه، ولكن الحقيقة أن المنطقة بحاجة الى ان تستمع الى إجابات دقيقة حول أسئلتها أيضاً، في حين أن أمريكا بحاجة ماسة إلى أن تتخلص من تلك اللوحة التي تم تصميمها على صفحات الإعلام الامريكي حول المنطقة إذا كان سيد البيت الأبيض يفكّر فعليا في تحقيق انجازات استراتيجية.

النصيحة الحيوية للداخل الأمريكي ولكل من يحاول تغيير مسار هذه الزيارة بالتركيز على بناء قائمة من الأولويات التي تخصه ويرغب في الحديث عنها باستخدام الرئيس بادين، أقول إن السياسية الأمريكية وعبر التاريخ لديها القدرة على بناء تصورات المستقبل وفق مصالحها الاستراتيجية، فما بالك أن تكون هذه المصالح في واحدة من أهم مناطق العالم؟

ولعلي أذكّر الجميع أن رغبات البشر لايمكن لها أن تتوقف عند حد كما قال الفليسوف الانجلنزي توماس هوبز “الإنسان الذي انتهت رغباته لا يمكنه أن يعيش”. وهنا تجدر الإشارة إلى أن السياسة الأمريكية، ومعها الخليجية، وفي ظل هذه الظروف الدولية، تتولّد لديها رغبات كبرى متجددة تتجاوز الماضي والحاضر نحو المستقبل، وهذا ما هو متوقّع سماعه من الرئيس الأمريكي عندما يزور المنطقة ليعقد قمة خليجية أمريكية استثنائية بكل مقاييس التوقيت والحدث والأهمية.

دكتور علي الخشيبان

*دكتور علي الخشيبان Dr. Ali Al-kheshaiban: حاصل على الدكتوراه من جامعة بنسلفانيا الحكومية بأمريكا Penn State ،متخصص في علم الاجتماع السياسي، وأعمل حاليا مستشار وباحث في مركز البحوث والتواصل المعرفي، كاتب بصحيفة الرياض السعودية وعدة صحف خليجية ، محلل سياسي على القنوات الفضائية.
زر الذهاب إلى الأعلى