أبرز العناوينرسالة المحرّرمقال الرأي

De Facto الشرق الأوسط في زيارة الرئيس بايدن

الاستماع للمقال صوتياً

كتبت مرح البقاعي

رسالة المحرّر

ما هي الأولويات على أجندة تل أبيب للزيارة التي سيقوم بها الرئيس جو بايدن إلى الشرق الأوسط ويستهلّها بزيارة دولة اسرائيل؟ وهل من دلالات لكون الدولة التي سيقصدها الرئيس الأميركي مباشرة بعد زيارة اسرائيل هي المملكة العربية السعودية؟ وكيف يمكن أن تكون زيارة بايدن مثمرة للدفع بعملية السلام في الشرق الأوسط التي تحدّث عنها مرامراً للصحافيين إثر تأكيده زيارته للمملكة، الزيارة التي كانت بين أخذ ورد نتيجة لممانعة اليسار المتشدّد في الحزب الديمقراطي الأميركي لحدوث هكذا زيارة، وتحديداً لمصافحة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وعقد اجتماع عالٍ مرتقب معه وهو الرجل الثاني بعد والده الملك والحاكم الفعلي (de facto) للمملكة اليوم؟

وزير الخارجية الاسرائيلي، يائير لابيد، الذي سيكون رئيساً للوزراء حين زيارة بايدن وعلى رأس مستقبليه، كان قد تحدّث في مؤتمر صحافي مؤخراً ونقلت عنه صحيفة جيروزالم بوست تطلعاته حول الزيارة، قال: “الكل يتطلع إلى المملكة العربية السعودية هذه الأيام”، وأضاف “إن توجّه الرئيس بايدن مباشرة من هنا إلى المملكة العربية السعودية يشير على الأرجح إلى وجود صلة بين الزيارة والقدرة على تحسين العلاقات بين البلدين”.

لم تقف تطلعات لابيد عند هذا التصريح، بل يبدو أن القادة الاسرائيليين يعولون آمالاً كبيراً على هذه الزيارة لجهة تحفيز دول أخرى للانضمام إلى “اتفاقات إبراهام” التي عقدتها اسرائيل في عهد الرئيس الأسبق دونالد ترامب مع الإمارات العربية المتحدة والبحرين إلى جانب أخرى موازية أبرمتها مع كل من المغرب والسودان. وكان لابيد واضحاً حين أعلن في المؤتمر “أن هناك قائمة لدينا بأسماء الدول المستهدفة لتدخل في اتفاقيات السلام معنا وفي مقدمتها المملكة العربية إلى جانب دول أخرى مثل أندونيسيا”.

في الطرف الآخر من المعادلة تقف المملكة بحزم منذ سنوات طويلة ولا سيما في عهد الملك الحالي سلمان بن عبد العزيز، موقف الداعم القوي لحقوق الشعب الفلسطيني على أرضه التاريخية، وكذا إقامة دولته إلى جانب دولة اسرائيل.

وكانت المملكة قد أطلقت في العام 2004 “مبادرة السلام العربي” التي وافقت عليها الدول العربية بالإجماع خلال مؤتمر القمة العربي الذي عُقد في العاصمة اللبنانية بيروت العام 2002.

من أبرز بنود المبادرة كان البند الذي نص على “التوصل إلى حل عادل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين يتم الاتفاق عليه وفقاً لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194” و “قبول قيام دولة فلـسطينية مستقلة ذات سيادة على الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ الرابع مـن يونيو 1967 في الضفة الغربية وقطاع غزة وتكون عاصمتها القدس الشرقية”.
في حال تحقيق هذين البشرطيين تقوم الدول العربية بالمقابل “باعتبار النزاع العربي الإسرائيلي منتهياً، وتبدأ بالدخول في اتفاقية سلام بينها وبين إسرائيل لتحقيق الأمن لجميع دول المنطقة يتضمن إنشاء علاقات طبيعية مع إسرائيل في إطار هذا السلام الشامل”.

قضية بارزة أخرى ستكون على قمة جدول أعمال الطرفين الاسرائيلي والسعودي مع الرئيس بايدن تدور حول الخطر المشترك الذي يعاني منه البلدان في آن، والمتمثّل في تغوّل إيران واعتداءاتها المتواصلة على دول المنطقة، وتهديدها النووي للإقليم الشرق أوسطي والعالم بأسره، دونما رادع نافع حتى الآن.

اسرائيل تريد اتفاقاً نووياً متقدّماً على الذي تمّ توقيعه في العام 2015 مع طهران، والمملكة تُنكر أيضاً هذا الاتفاق وتعتبره غير كافٍ لردع إيران عن طموحها التسلحي النووي، وهي على مقربة أشهر من اكتماله وحصولها على كافة أدوات وقواعد بناء قنبلتها النووية.

في ضوء هذه التهديدات والمخاوف المشتركة قامت اسرائيل في شهر فبراير/شباط الفائت بمناورة بحرية بقيادة الولايات المتحدة امتدت على مساحة الخليج العربي وخليج عمان والبحر الأحمر وبحر العرب وشمال المحيط الهندي، بما يغطي الحزام البحري المحيط بدول الخليج مجتمعة.

وكان من اللافت أنه، وللمرة الأولى، تنضم إلى مناورة إسرائيلية أميركية مشتركة دولة المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان وهما دولتان لا تربطها علاقات دبلوماسية مع تل أبيب، في الوقت الذي تقيم الأخيرة علاقات تطبيع كاملة مع دولتي الإمارات العربية المتحدة والبحرين.

السؤال الذي يطرح نفسه الآن، هل سيتمكن الرئيس بايدن في أولى زياراته للشرق الأوسط من إيجاد مخارج من هذه المضائق السياسية والأمنية الصعبة التي تعاني منها المنطقة والتي تُنذر بمواجهات ممكنة قد تُشعل حرباً كبرى يشترك فيها كل الأطراف التي تقع تحت التهديد الإيراني المباشر؟ وهل ستكون قضية فلسطين – وهي محورية بالنسبة للمملكة- إحدى أولويات المحادثات بين الطرفين الأميركي والسعودي بحيث يمكن تطوير مبادرة السلام العربية بما يتماشى مع الظرف الإقليمي المستجدّ  دونما تعديل على جوهرها.

والسؤال الكبير، هل ستكون زيارة بايدن الطريق الذي سيشّق مساراً إضافياً للعلاقات الاسرائيلية العربية وبخاصة مع المملكة؟

حين سُؤل لابيد عن إمكانية أن تحمل طائرة الرئيس بايدن مسؤولين اسرائيليين على متنها للمشاركة في المحادثات على أرض المملكة، أجاب لابيد مازحاً: “لا أعلم، إلا أن طائرة الرئيس بايدن كبيرة وفيها دائماً متّسع”.

زر الذهاب إلى الأعلى