الاستماع للمقال صوتياً
|
يعتبر الاتفاق النووي بين الولايات المتحدة والدول الأوروبية والصين وروسيا من جهة، وبين إيران من جهة أخرى، مفترقاً تنافرت عنده المصالح الأميركية – الاسرائيلية ووصلت إلى أدنى مستوياتها منذ تأسيس دولة اسرائيل.
فواشنطن تتجاهل مخاوف اسرائيل ودول الشرق الأوسط عموماً من نتائج عقد اتفاق نووي على صورة اتفاق العام 2015، ما سيمكّن إيران من الحصول على الموارد اللازمة لاستكمال مشروعها النووي التوسعي على حساب أهل المنطقة وأمنهم واستقرار بلادهم. وما القرار الذي اتخذه الرئيس بايدن بإزالة اسم الحرس الثوري الإيراني من قائمة المنظمات الإرهابية الأميركية إلا أول الغيث الذي يسمّم العلاقة بين تل أبيب وواشنطن.
لقاء النقب الذي جمع مؤخراً وزراء خارجية البلدين إضافة إلى نظرائهم من البحرين والإمارات والمغرب، وقمة شرم الشيخ بين الزعماء بينيت والسيسي وبن زايد، لم تتمكنا من إعادة العلاقة بين الطرفين الاسرائيلي والأميركي إلى حرارتها المعهودة، بينما يقترب المفاوضون في فيينا أكثر من أي يوم مضى من توقيع اتفاق نووي شامل تريد طهران أن تحوله إلى معاهدة دولية لا يمكن الانقلاب عليها البتة، ما سيمنع اسرائيل بشكل قاطع من تنفيذ أية عملية عسكرية ضد منشآت إيران النووي حين يلزم الأمر.
المفكر الاسرائيلي والمؤسس المشارك ل”معهد سياسة الشعب اليهودي”، أفينوعام بار يوسف، يقول: إن “المصالح الإسرائيلية – الأميركية أصبحت أقل ارتباطا عما كانت عليه في الماضي، وأميركا تشعر بالتزام أقل تجاه العالم وبالتأكيد تجاه الشرق الأوسط، أما طهران فتعلّمت استغلال هذا الوضع الجديد”.
وبرأيه أن “إسرائيل اليوم هي أقل جاذبية للجيل الشباب الأميركي، فهم يدركون الانتقادات التي توجّه لتل أبيب على ما يعتبر انتهاك لحقوق الإنسان، كما أن الهجمات غير المتوقفة من جانب اليسار الراديكالي في الحزب الديمقراطي الأميركي تتغلغل في الرأي العام وتُسبّب تراجعاً في التأييد لإسرائيل، والتأثير اليهودي المباشر تراجع أيضاً على خلفية إقصاء التيار اليهودي الأرثوذكسي في إسرائيل للتيارين الإصلاحي والمحافظ الذين تنتمي إليهما الغالبية العظمى من الأميركيين اليهود”.
ويخلص بار يوسف إلى أن التحدي الوجودي الذي يضعه البرنامج النووي الإيراني يستوجب “تنظيما يهوديا عالمياً”.
إدارة بايدن ماضية في عزمها إبرام اتفاق نووي جديد مع إيران قد يأتي معدّلاً بشكل طفيف عن سابقة الذي عقدته إدارة أوباما، ما سيشرّع كل الأبواب الموصدة أمام طهران على مستوى التعاملات المالية والتجارية والسياسية والدبلوماسية، ويعيدها إلى الحاضنة الدولية بيسر لا رادّ له. فهل سيكون التوقيع الأميركي على هكذا اتفاق مرتقب نهايةً شهر العسل الذي لم ينقطع بين واشنطن وتل أبيب منذ تأسيس دولتها؟