هجمات الحوثيّين على الإمارات تنفجر في وجههم
وايتهاوس ان أرابيك بالتعاون مع النهار العربي
الاستماع للمقال صوتياً
|
الخارجية الأميركية يركيّة ل “االنهار العربي”: ملتزمون دعم أراضي حلفائنا ومواطنيهم
أظهرت الهجمات الحوثية الأخيرة على الإمارات التزاماً غربياً واسعاً لأمن دولة تعتبر واحة سلام في المنطقة، وأثارت تعبئة إقليمية ودولية واسعة دعماً لها. وأميركياً، شكلت تلك الهجمات أول اختبار لواشنطن في المنطقة منذ انسحابها الفوضوي من أفغانستان، ونقل معدات رئيسية لها من منطقة الخليج في اتجاه آسيا.
وتزامن فتح الحوثيين جبهة جديدة في حرب اليمن، مع مرحلة “حساسة” من المفاوضات النووية غير المباشرة بين واشنطن وطهران، الداعم الرئيسي للحوثيين، وسط تقارير عن قرب التوصل إلى اتفاق على إعادة تفعيل خطة العمل الشاملة المشتركة لعام 2015 والتي انسحب منها الرئيس السابق دونالد ترامب. وأثار هذا التزامن شكوكاً حيال أي تحرك لواشنطن قد يقوّض هدفها المعلن بإعادة إحياء الاتفاق النووي.
تعبئة دوليّة
عملياً، لم تؤثر الهجمات الأولى من نوعها على الإمارات، بعد أكثر من 400 هجوم على المملكة العربية السعودية العام الماضي. اقتصادياً، لم توقع الهجمات أضراراً كبيرة، وإذا كان الهدف المعلن للحوثيين زعزعة الاستقرار في دولة معروفة بأمنها، انتقاماً لدورها في الهزائم التي تكبدوها أخيراً في مأرب خصوصاً، فلا شيء يوحي بأن شيئاً من هذا قد حصل.
وعسكرياً، سارعت إسرائيل إلى تقديم عروض بالحماية لأبو ظبي، بما فيها بيعها أنظمة دفاعية جوية متطورة، الأمر الذي من شأنه، إذا حصل، أن يضع معدات عسكرية إسرائيلية متطورة على أبواب إيران ويعيد رسم المشهد الأمني في المنطقة.
بدورها، أعلنت باريس، الجمعة، أنها ستعزز منظومة الدفاع الجوي الإماراتية.
واتخذت واشنطن سلسلة من الإجراءات، بينها إرسال طائرات مقاتلة من الجيل الخامس لدعمها ضد الهجمات.
وتشمل الإجراءات الأميركية أيضاً إرسال مدمرة الصواريخ الموجهة “يو إس إس كول” التابعة للبحرية الأميركية لمساعدة البحرية الإماراتية. كذلك، تعهدت واشنطن تزويد أبو ظبي معلومات استخباراتية للإنذار المبكر بهدف تحديد مواقع إطلاق الحوثيين.
ووسط تصاعد حدة التوتر في الخليج، قادت الولايات المتحدة تدريبات بحرية ضخمة بمشاركة 60 دولة، بينها السعودية وعمان، إلى جانب إسرائيل التي تنضم لهذه المناورات للمرة الأولى.
دبلوماسياً، أثارت الهجمات تعاطفاً دولياً غير مسبوق مع أبو ظبي. وفي مكسب نوعي للسعودية ودولة الإمارات، بات تصنيف “أنصار الله” على قائمة المنظمات الإرهابية “قيد الدرس” في واشنطن، وإن تكن ثمة اعتبارات أخرى تأخذها الإدارة في الحسبان قبل حسم قرارها.
وعلق أستاذ العلوم السياسية الإماراتي عبد الخالق عبد الله على الإجراءات الأميركية، مغرداً على “تويتر” أن “إرسال مدمرة ومقاتلات أميركية إلى المنطقة يحمل رسالة رمزية تضامنية مع الإمارات، لكن على إدارة الرئيس جو بايدن أن تكون أكثر حسماً حيال إيران ووحوشها التي اتسع نشاطها الإرهابي ليشمل البر والبحر والجو، وتصنفها جميعاً وحوشاً إرهابية”.
تصنيف الحوثيّين
وكانت الإدارة الأميركية قد بادرت إلى رفع اسم جماعة الحوثي من قائمتها للجماعات الإرهابية، بعد قليل من وصول بايدن الى البيت الأبيض. وجاء القرار كخطوة ثانية بعد وقف واشنطن الدعم العسكري للتحالف الذي تقوده السعودية بعد أكثر من 5 سنوات من الحرب في اليمن.
وبعيد الهجمات الحوثية الأخيرة على أبو ظبي، تجددت النداءات في المنطقة لواشنطن لإعادة إدراج المنظمة على لائحة الإرهاب. وانضمت اليها مراكز أبحاث وشخصيات جمهورية في الولايات المتحدة.
ويقول ناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية لـ”النهار العربي” إن واشنطن “تقر بأن حلفاءها يواجهون تهديداً حقيقياً من اليمن ومناطق أخرى في المنطقة، وخصوصاً أن الحوثيين أطلقوا مئات الهجمات عبر الحدود ضد بنى تحتية مدنية ومدارس وجوامع ومراكز أعمال وهددوا المدنيين في السعودية والإمارات، بمن فيهم عشرات الآلاف من الأميركيين الذين يعتبر أمنهم في مقدمة أولويات الأمن القومي الأميركي”. ويؤكد “أننا ملتزمون دعم الدفاع عن أراضي شركائنا ومواطنيهم وآلاف الأميركيين في المنطقة”.
وكان بايدن قد أجاب عن سؤال عن طلب الإمارات إعادة إدراج الحوثيين على لائحة الإرهاب، بأن الأمر قيد المراجعة.
وشرح الناطق باسم الخارجية الأميركية نيد باريس بأن أمراً قيد المراجعة يعني “أننا ننظر فيه عن كثب ضمن الحكومة الأميركية لتحديد الأفضل لخدمة مصالحنا للأمن القومي، والأفضل لخدمة رغبتنا في أن نكون شريكاً للسعودية والإمارات والدول الأخرى المهددة بهجمات الحوثيين”.
وتحاول واشنطن الموازنة بين معاقبة الحوثيين وتحسين الوضع الإنساني في اليمن، وتتحسب للتداعيات الإنسانية لأي قرار.
ولكن على رغم “غصن الزيتون” الذي لوّحت به إدارة بايدن للحوثيين في بداية عهدها، تقر بأنهم واصلوا نمطاً خطيراً من الأعمال العدوانية المتزايدة ضد واشنطن والمجتمع الدولي بأسره. وشمل ذلك احتجاز موظفين سابقين في السفارة الأميركية وعاملين مع الأمم المتحدة، والهجمات المستمرة والمتعمدة على المناطق المدنية، واختراق مجمع السفارة الأميركية في صنعاء ونهبها.
ومع مراجعتها لتصنيف محتمل للحوثيين على قائمة الإرهاب، تبرز واشنطن الحاجة الملحّة لخفض التصعيد وحماية المدنيين وإطلاق المحتجزين الذين يعملون في صنعاء، والعودة الى طاولة المفاوضات دعماً لعملية تفاوضية جديدة أكثر شمولاً تقودها الأمم المتحدة، وتخفيف الأزمات الاقتصادية والإنسانية. واعتبر الناطق أن حلاً سياسياً شاملاً ودائماً وحده قادر على إنهاء معاناة الشعب اليمني الآن، ولا حل عسكرياً لتلك الأزمة.