هل يأخذ السوداني العبرة وينأى بحكومته عن رجال إيران في العراق؟
الاستماع للمقال صوتياً
|
بغداد – WHIA
بدأ رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، بحملة إقصاء وإبعاد لعدد من المسؤولين التنفيذيين، والقادة العسكريين، الذين كانوا يديرون مناصبهم، خلال ولاية رئيس الوزراء السابق، مصطفى الكاظمي.
وعلى رغم أن تلك التغييرات، قد تبدو طبيعية، في إطار المجيء بشخصيات تتوافق رؤيتها مع رئيس الحكومة الجديد، لكن الجميع في العراق، نظر إليها على أنها حملة انتقام من شخصيات ساعدت مصطفى الكاظمي، كما أن الجيوش الالكترونية، كثيراً ما وصفت تلك الشخصيات بأنها قريبة من الغرب، أو الولايات المتحدة.
وشملت الإقالات عدة شخصيات، مثل رئيس جهاز المخابرات، رائد جوحي، والمستشار السياسي للكاظمي، مشرق عباس، ورئيسة هيئة الاستثمار، سها النجار، وسكرتير القائد العام للقوات المسلحة، محمد البياتي، فضلاً عن “مجزرة” إعفاءات” داخل الدوائر، والمفاصل الدنيا للوزارات.
على الجانب الآخر، أصبح هناك تدافع من قبل القوى السياسية، والجماعات الموالية لإيران، لملء هذا الفراغ، والمجيء بشخصيات تابعة لها، ضمن مساعيها لبسط نفوذها على أكبر قدر ممكن من الدوائر الأمنية والسياسية، وهذا ما حصل بالفعل، إذ حصلت الجماعات المسلحة على منصب مدير إعلام رئاسة الوزراء، الذي أسند إلى صحفي، تابع للمجموعات المسلحة، وهذا قد يعطي مؤشراً سلبياً، على توجه الحكومة المقبلة، فبدلاً من تقريب الشخصيات الوطنية، المعروفة باستقلاليّتها، تذهب حكومة السوداني، نحو المجيء بشخصيات جدلية، قد تبعث برسائل الإحباط إلى الشارع، بأن العراق ما زال يدور في فلك النفوذ الإيراني.
ووصل صراع الفصائل المسلحة إلى الرغبة بالحصول على جهاز المخابرات، وهو دائرة أمنية رفيعة، كان يديرها سابقاً رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، وبسبب صراع تلك المجموعات اضطر السوداني، إلى الاحتفاظ بهذه الدائرة بيده، منعاً لانزلاق الأمور إلى تطورات أخرى.
هذا المشهد، ليس غريباً على العراقيين كثيراً، فهو يشابه أيام قدوم رئيس الوزراء الأسبق عادل عبدالمهدي، عام 2019، عندما خرج العراق لتوّه من حرب ضروس ضد تنظيم داعش، وبدأ المجتمع الدولي، يتجه نحو العراق لمساعدته، كما أن رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، اختط لنفسه سياسية متوازنة، بعيداً عن الاستقطابات الإقليمية والدولية نسبياً.
لكن مع مجيء عادل عبدالمهدي، تهدم كل شيء، عندما بدأ بتقريب شخصيات ذات توجهات غير وطنية، وجعلهم حوله، كما أبعد بعض الضباط المهنيين إلى دوائر غير نافذة، فضلاً عن سلسلة إجراءات أخرى، داخلية، وتوجه نحو إيران بشكل كبير، ما فجّر حينها الاحتجاجات الشعبية، المعروفة بـ”تظاهرات تشرين”.
والأهم في الوقت الراهن، هو أن يعي السوداني الدرس جيداً، مع فهم لمحيط العراق الإقليمي والدولي، دون إغفال أن رؤية العراقيين تغيرت بشكل جذري، وتكون لديهم حس وشعور، بأن الانخراط في الصراعات الإقليمية، سيجلب الخراب والدمار، إلى الداخل العراقي، كما أن الاستقلالية واحترام الداخل، سيعود بالخير وكذلك كسب احترام الخارج، وهذا يأتي من تقريب أشخاص، لديهم حسّ وطني، ويشعرون بالكارثة التي يعيشها العراق.
فعلى سبيل المثال، اختار السوداني، عضو في جماعة مسلحة، (حركة عصائب أهل الحق)، وهو نعيم العبودي، لقيادة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، إذ رأت أوساط أكاديمية عراقية حرفية، بأنه اختيار كارثي، فعوضاً عن حصول العبودي على شهادة الدكتوراه من جامعة لبنانية، لا يعترف بها العراق، لم يُعرف للعبودي نشاط أكاديمي وافر، وبحوث علمية رصينة أو مؤلفات، كما هو حال آلاف الأكاديميين العراقيين.
هذا الخيار، رفع منسوب الغضب لدى مختلف شرائح الشعب، وأعاد السؤال كرة أخرى، فيما إذا كان العراق سيمضي في اتجاه مشابه لما سار عليه رئيس الحكومة الأسبق عادل عبدالمهدي، خاصة وأن الظروف متشابه، والحاجيات الأساسية للمجتمع ما زالت قائمة.
وإذا كان السوداني، يريد إحراز تقدم واضح في مختلف المجالات فإن عليه التحرر من ضغوط القوى السياسية المقربة من إيران، والاتجاه بروح وطنية نحو العمل الميداني، وتقريب الأشخاص الوطنيين للمساعدة في بناء بلادهم، وفي خلاف ذلك، فإن المشهد سيبدو قاتماً دون إحراز أي تقدم، ما يعني إمكانية انطلاق احتجاجات أخرى، خاصة إذا ما علمنا بتضاعف الطبقات الناقمة، وتحديداً الوطنيين المستقلين، وكذلك أنصار التيار الصدري، الذين أُبعدوا من السلطة.