نيكي هايلي.. الحضور السياسي الذكي والطموح الرئاسي الرصين
الاستماع للمقال صوتياً
|
تعتبر نيكي هايلي أحد أوراق الحزب الجمهوري الرابحة هذه الأيام، فهذه السيدة الأمريكية الآسيوية الأصل تحث خطاها السياسية والدبلوماسية بأناقة وإتقان على مسار صاعد خال من الخطوات الناقصة، وتحوز أكثر فأكثر على إعجاب مناصري الحزب الجمهوري وخاصةً لحضورها الراقي والذكي.
وبمقارنة ليست بعيدة الأمد مع المرشحة الأمريكية السابقة التي نجحت في الوصول إلى نهائي السباق الانتخابي الرئاسي وكانت قاب قوسين من النصر لتغدو أول رئيسة للولايات المتحدة، نجد الكثير من القواسم المشتركة بين السيدتين مقابل الكثير أيضاًمن الفوارق.
فهيلاري كلينتون أمريكية من أصل إنكليزي، ديمقراطية التحزب، بينما نيكي هايلي أمريكية من أصل آسيوي، جمهورية الانتماء. وفيما دخلت السيدة كلينتون الساحة الدبلوماسية من أوسع أبوابها بتوليها منصب وزير الخارجية الأمريكية من العام 2009 إلى العام 2013 في عهد أوباما، وكانت قبلها سيناتور عن ولاية نيويورك، فإن السيدة هايلي تولت منصب سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة من 2016 إلى 2018 في عهد ترامب بعد أن تم انتزاعها من حاكمية ولاية ساوث كارولينا، أي أن الاثنتين عملتا في السياسة الخارجية الأمريكية ومن موقع قيادي ومؤثر، ولكن في عهدين سياسيين مختلفين.
حصلت هيلاري كلينتون على تأييد الحزب الديموقراطي لتترشح للرئاسة العام 2018، ولكنها خسرتها أمام دونالد ترامب رغم فوزها بالتصويت الشعبي وهو عامل ذو دلالات، ولكنه ليس حاسماً. أما نيكي هايلي فلديها فرصة في الانتخابات المقبلة العام 2024 إذا رشحت نفسها، ولكنها تقول إنها لن تخوض السباق نحو البيت الأبيض إذا قرر الرئيس السابق ترامب ترشيح نفسه، وهنا تتبدى حنكة هايلي، فهي لا تحرق أوراقها ولا تظهر أي علامة من علامات الاستعجال أو التسرع.
وإذا كان لابد من قياس احتمالات أن يرشح ترامب نفسه لانتخابات 2024 فهناك عوامل مثبطة، أولها عمره الذي سيبلغ عندها 78 عاماً، بينما يتطلب منصب الرئاسة الأمريكية ظهوراً نشطا ومليئا بالحيوية. وربما لن يكرر الشعب الأمريكي انتخاب رئيس معمّر مرتين متتاليتين. وثانيها الانقسام الشديد الذي حفّزه ترامب في عمق المجتمع الأمريكي بإنكاره لنتائج انتخابات العام 2020 ورفضه تسليم الحكم، وتداعيات ذلك من اقتحام لمبنى الكونغرس واستقطاب غير محمود في السياسة الأمريكية التقليدية وفي مجتمع يعتز منذ أيام الآباء المؤسسين بتقاليده الدستورية.
مقابل الاضطرابات والانقسامات التي ولدتها مواقف ترامب من نزع الشرعية عن الانتخابات عن المؤسسات الحكومية التي اعتمدت نتيجتها، اختار بعض القادة الجمهوريين الاعتراض على هذه المواقف علناً والتنصل من مبرراتها وتداعياتها، ولكن هايلي من بين الذين التزموا الصمت. فبعد استقالتها من منصبها كسفيرة لدى الأمم المتحدة العام 2018، اجتازت حقبة ترامب بذكاء فريد ورسائل ومناورات أبقتها في موقف قوي مع كل من فئة المانحين للحزب الجمهوري وكذلك مع القاعدة الشعبية للرئيس السابق ترامب، واحتفظت لنفسها بانتقاداتها الصريحة إلا فيما ندر. ولذلك أشادت صحيفة نيويورك تايمز بها ووصفتها “من أندر ممن عيّنهم ترامب التي أمكنها الخروج من الإدارة بكرامتها سليمة إلى حد كبير “.
وهايلي ليست الوحيدة من إدارة ترامب السابقة التي تتطلع إلى خوض الانتخابات الرئاسية القادم، حيث يقوم وزير الخارجية السابق مايك بومبيو بجولاته الانتخابية في الولايات الأمريكية، وهناك مؤشرات لترشيح حاكم فلوريدا روث دي سانتيس وكريستين نويم وريك سكوت وهناك ايضاً ليز تشيني التي تواجه ترامب بصورة مباشرة وقوية، فعلى هايلي في حال حسمت قرارها بالترشح تجاوز كل هؤلاء القادة وصولاً إلى الجولة الحاسمة مع المرشح المنتظر للحزب الديموقراطي، فهل تفعلها نيكي هايلي وتحقّق ما أخفقت فيه هيلاري كلينتون؟