أميركا والعالم

الصدر يحسم أمر الحكومة القادمة في العراق

الجماعات المدعومة من إيران قد تلجأ للعنف ردا على نجاح زعيم التيار الصدري.

الاستماع للمقال صوتياً

نقلاً عن صحيفة العرب اللندنية

بغداد – لن يكون لأحداث الشغب التي أثارها الإطار التنسيقي خلال الجلسة الأولى للبرلمان العراقي آثار سياسية على أرض الواقع حيث حسم زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر أمر الحكومة، فيما ستبقى الخلافات التي هزت الإطار الشيعي ماثلة.

حسم أمر الحكومة

ويعكس فشل الإطار التنسيقي في عرقلة انتخاب محمد الحلبوسي الأحد رئيسا للبرلمان بعد حادثة اعتداء نوابه على النائب البرلماني الأكبر سنا، الذي ترأس الجلسة محمود المشهداني (73 سنة) فقدانهم زمام المبادرة في ظل تشبث الصدر بتشكيل حكومة أكثرية تعكس نتائج الانتخابات.

شهدت الجلسة الأولى للبرلمان العراقي، التي انعقدت الأحد بعد ثلاثة أشهر عن الانتخابات، مشادات تعكس فشل الإطار الشيعي في إقناع الصدر الذي تصدر تياره نتائج الانتخابات بأن تكون الحكومة القادمة توافقية تحافظ على المكاسب السياسية المتراكمة لحكم حزب الدعوة والأحزاب والمجموعات الموالية لإيران، وإصرار الصدر على تشكيل حكومة أكثرية تعكس نتائج الانتخابات.

وأربكت التطورات المتسارعة في الساحة السنية الإطار الشيعي؛ إذ تم التوافق بين زعيمي تحالفي “تقدم” و”العزم” (أكبر تحالفين للسُنة) السبت على ترشيح الحلبوسي لرئاسة جديدة للبرلمان واختيار خميس الخنجر رئيسا لتحالف “تقدم” و”العزم”.

وحل تحالف “تقدم” الذي يتزعمه الحلبوسي في المرتبة الثانية في الانتخابات برصيد 37 مقعدا (من أصل 329)، خلف الكتلة الصدرية المتصدرة التي فازت بـ73 مقعدا، فيما حصل تحالف “عزم” الذي يتزعمه الخنجر على 14 مقعدا، قبل انضمام قوى سنية أخرى إليه لتصبح مقاعده 34 مقعدا.

وترك الصدر الإطار الشيعي في وضع سياسي ضعيف، إذ لم يتمكن “زعيمه” رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي من توحيد الصف الشيعي السياسي بعد دخول تيارات الحشد الشعبي الموالية لإيران كقوة سياسية وعسكرية ضاغطة، ثم خسارتها المدوية في الانتخابات الأخيرة.

وجرت العادة في العراق أن تنبثق الحكومة عن توافق الأطراف الشيعية البارزة. لكن في سابقة، لا يبدو أن ذلك قابل للتحقق في ظل الهوة في البيت الشيعي مع تشديد كل طرف على أن له اليد العليا في تسمية رئيس الحكومة.

وفي أعقاب الجلسة، جدد الصدر التأكيد على “تشكيل حكومة أغلبية”. في المقابل لم يعترف الإطار التنسيقي بنتائج الجلسة، وقدّم “شكوى للمحكمة الاتحادية” على اعتبار أن الجلسة “كانت غير قانونية”، وفق مصدر في الإطار.

وفي تغريدة على تويتر قال الصدر، إن “اختيار رئيس البرلمان ونائبيه هذا أولى بشائر حكومة الأغلبية الوطنية، ومن هنا أبارك للشعب العراقي الحبيب هذه الخطوة الأولى واللبنة الأولى لبناء عراق حر مستقل بلا تبعية ولا طائفية ولا عرقية ولا فساد، لتنبثق منه حكومة وطنية نزيهة خدمية تحافظ على سيادة البلد وقراره وتراعي شعبها وتحفظ له كرامته وتسعى إلى إصلاح جاد وحقيقي”.

وأعرب عن أمله بأن تكون كل الكتل السياسية في البرلمان والحكومة على قدر المسؤولية، “فهم أمام منعطف صعب يخطه التاريخ بنجاحهم أمام شعبهم وألا يعيدوا أخطاء الماضي المرير”.

ويشرح المحلل السياسي العراقي حمزة حداد أن “انتخاب الحلبوسي في اليوم الأول يؤشر إلى أن الصدر” إلى جانب تقدّم والحزب الديمقراطي الكردستاني، “سيعملون معا في المستقبل”.

ويضيف أنه “بالتالي، نظريا، يمكن لهم الدفع باتجاه انتخاب مترشحهم لرئاسة الجمهورية واختيار مترشحهم لرئاسة الوزراء”.

ويشير المصدر في الإطار إلى أن ترشيح رئيس الوزراء المقبل “مرهون بالكتلة الأكبر… إذا قدم التيار الصدري قائمة من التيار ومعها تواقيع من الحزب الديمقراطي الكردستاني وكتلة تقدم سيكونون هم من يرشح”.

تصاعد العنف

تُعيد أحداث الشغب التي قادها الإطار التنسيقي في البرلمان الأحد إلى الواجهة المخاوف من تصاعد العنف الذي قد تلجأ إليه الميليشيات الموالية لإيران، خاصة بعد حسم الصدر أمره بشأن تشكيل الحكومة.

واعتبر حداد أن “الخشية الأكبر تبقى حصول تقاتل بين الفصائل المسلحة، الصدريون يملكون فصيلا مسلحا، والأطراف المختلفة في الإطار، لاسيما تحالف الفتح، لديهم أيضا فصيل مسلح”.

وبدورها، قالت الباحثة في مجموعة الأزمات الدولية لهيب هيغل في تغريدة على تويتر إنه “في حال نجح التيار الصدري بتشكيل حكومة أغلبية، أو نجح الإطار التنسيقي بتثبيت نفسه كالكتلة الأكبر، ففي كلتا الحالتين لن يحاول الطرف الآخر إسقاط الحكومة بالطرق القانونية والسياسية، بل سيصعد بعنف”.

ويمثّل “الفتح” الحشد الشعبي، تحالف فصائل مسلحة أغلبها موال لإيران وباتت جزءا من الدولة، وتعدّ 160 ألف منتسب.

ومنذ أن صدرت نتائج الانتخابات، يحاول الفتح، والذي سجل تراجعا كبيرا في الاستحقاقات التي جرت في أكتوبر الماضي (17 مقعدا مقابل 48 في البرلمان السابق)، الدفع باتجاه إلغاء النتائج. وتظاهر مناصروهم لأسابيع طويلة أمام بوابات المنطقة الخضراء.

ووصل التوتر ذروته بمهاجمة مقر إقامة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بثلاث طائرات مسيرة، لم تصدر بعض نتائج التحقيقات المتعلقة به.

فيما لم يحدد موعد جلسة البرلمان المقبلة، لكن الاستحقاق الآن هو اختيار مترشح لرئاسة الجمهورية، يقتضي العرف أن يكون كرديا، خلال أسبوعين. وينتخب البرلمان رئيس الجمهورية قبل أن تبدأ مهلة جديدة بثلاثين يوما لاختيار رئيس للوزراء.

زر الذهاب إلى الأعلى