مقال الرأي

الانتخابات الرئاسية الفرنسية بين نفوذ الجاليات والمشهد الدولي

بقلم زيد العظم -محامي و كاتب سياسي

الاستماع للمقال صوتياً

بعد الزيارة الاستعراضية الأخيرة التي قام بها مؤخرا المرشح اليميني المتطرف إريك زيمور إلى أرمينيا، وحرصه المبالغ به على التقاط العديد من الصور ذات الأهمية الرمزية على حدود أرمينيا مع تركيا وأذربيحان. تستعد قريبا رئيسة مجلس إيل دو فرانس والمرشحة لانتخابات الرئاسة الفرنسية فاليري بيكريس لفعل ذات الشيئ الذي قام به زيمور من خلال التوجه إلى العاصمة الأرمينية يريفان في زيارة ذات مضمون واضح ومغزى انتخابي جلي، الاستفادة من الجالية الأرمنية الموجودة في فرنسا، تلك الجالية النشطة سياسيا والتي تتصف بالإقبال على المشاركة في الاستحقاقات السياسية الفرنسية، الرئاسية على وجه الخصوص.

تسعى بيكريس كما سعى زيمور للاستفادة من الصوت “الفرانكو-أرمني” في الانتخابات الرئاسية القادمة نيسان عام 2022، فحمى استطلاعات شعبية المرشحين والمرشحات في تصاعد مستمر، يدفع كل مرشح و مرشحة للبحث عن الجاليات الموجودة في فرنسا والتي يمكن لأصواتها أن تؤثر على النتيجة الإنتخابية.

تدرك بيكريس مدى أهمية الناخب الأرمني في معركة الإليزيه القادمة كما أدركها واستثمرها بحركة “غير عفوية أبدا” وربما بخبث، الأسبوع الماضي إريك زيمور، إلا أن الفارق بين المرشحين هو الخطاب السياسي المعقول، فخطاب بيكريس المتوقع في يريفان العاصمة الأرمنية، على الأرجح سيكون أكثر اتزانا وأقل تطرفا وبطبيعة الحال أكثر محافظة على الروح الديغولية.

أما عن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والذي شاهدنا مبادرته الأخيرة المتزامنة مع تجهز باريس لرئاسة الإتحاد الأوروبي مطلع العام القادم، مبادرة جائت بالتعاون مع جهود واتصالات رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل في ترطيب الأجواء بين أذربيحان وأرمينيا بعد حرب عنيفة خاضها البلدان في مرتفعات ناغورنو كرباخ العام المنصرم،وبين أرمينيا وتركيا.

بدت ملامح مبادرة الرئيس ماكرون الأوروبية مع رئيس المجلس شارل ميشيل،في اجتماع ثلاثي في عاصمة الإتحاد الأوروبي بروكسل ضم كل من ميشيل والرئيس الأذري إلهام علييف ورئيس الحكومة الأرمنية نيكول باشينيان، ثم لتتجسد المبادرة بشكلها الأوضح بعد قيام حكومة باكو بالإفراج عن بعض الجنود الأرمن.

وعلى صعيد العلاقات التركية الأرمنية، دارت مؤخرا بين أنقرة ويريفان سلسلة اتصالات رامية إلى عودة تطبيع العلاقات بين البلدين وفقا لما أعلن عنه وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو.

بالعودة إلى تفاصيل الانتخابات الرئاسية الفرنسية وتلابيبها الدقيقة، يقدر أعداد الجالية الأرمنية الموجودة في فرنسا ب 600 ألف شخص، أكثر من ثلثيهم مولود في فرنسا نفسها، وهي جالية نشيطة ومؤثرة إقتصاديا ولها حضورها الإجتماعي والفني، ولن يغيب عن أي سياسي فرنسي مرشح كان أم مرشحة التقرب من تلك الجالية ومغازلتها وإرضائها على المستوى المحلي وعلى المستوى الدولي قبيل أربعة أشهر تفصلنا عن موعد الانتخابات الرئاسية الفرنسية المزمع إجراؤها في شهر نيسان من العام القادم.

* الخط الساخن: يختصّ هذا القسم بنشر مقالات سياسية بقلم نخبة من كتّاب منصة “وايتهاوس ان أرابيك” من الدارسين والكتّاب المتخصّصين حول أبرز الأحداث في الشرق الأوسط

زيد العظم

محامي و مدير موقع فرانس بالعربي- FEA
زر الذهاب إلى الأعلى