السيد بيدرسن: ماذا أبقيت من حلم داغ همرشولد..؟
الاستماع للمقال صوتياً
|
مقال رأي خاص بمنصّة وايتهاوس ان أرابيك بقلم:
د. ريم البزم – ناشطة في حقوق الإنسان
م. محمد صبرا – كبير المفاوضين السوريين – جنيف 2017
نشأت الأمم المتحدة وفي ضمير كل إنسان أمل بأن لا تعود البشرية لمرحلة الوحشية والإبادة الجماعية، كما حدث في الحرب العالمية الثانية وفي الهولوكوست الذي خصصت له الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 27 يناير من كل عام لإحياء ذكرى المحرقة، لتذكير الجميع بمسؤولياتهم الأخلاقية عن منع عودة الحكام النازيين وعن عدم تكرار المذابح بحق الشعوب.
فشلت الأمم المتحدة في القرن الماضي في منع عمليات القتل والإبادة العرقية والطائفية في رواندا والبوسنة، ومع ذلك بقيت شعوب الأرض متعلقة بأمل ألا يكون هذا القرن غارقا بالدم كما كان القرن الماضي، لكن أيضا ومرة أخرى فشلت الأمم المتحدة بمنع المذبحة في سورية، وكأن البشرية مصرة ألا تتعلم من أخطائها بمهادنة الديكتاتوريين والقتلة.
في عام ٢٠١١ قامت مجموعة من أطفال المدارس في درعا بسوريا بالكتابة على الجدران “الشعب يريد اسقاط النظام”، قامت المخابرات السورية خلال ساعات باعتقال هؤلاء الأطفال واقتلعت أظافرهم تحت التعذيب لمعاقبتهم. طالب أهالي الأطفال إطلاق سراحهم فكان رد محافظ درعا أن ينسوا أطفالهم وينجبوا غيرهم وفي حال لم يستطيعوا الإنجاب وعدهم المحافظ بإرسال جنوده لهتك أعراض نسائهم لمساعدتهم بحمل أطفال غيرهم.
رداً على ما حصل في درعا، اندلعت مظاهرات سلمية في كافة أنحاء سوريا تغني للحرية والكرامة والعدل لكن أجهزة الأمن أطلقت الرصاص الحي واعتقلت الآلاف وعذبتهم حتى الموت في الأسابيع الأولى لانطلاق المظاهرات. كانت أجهزة الأمن تطبق شعار “الأسد أو نحرق البلد” الذي رفعته الألوية العسكرية التابعة للنظام والتي بدأت باقتحام المدن، واستمر هذا الأمر تنفيذا لتوجيهات الأسد الذي اعتبر في خطاب له في جامعة دمشق أن المتظاهرين جراثيم يجب التخلص.
استمر النظام بفرض الحصار على المدن السورية التي قامت بالتظاهر ومنع عنها الماء والغذاء والدواء. مرتكبا كل أنواع الانتهاكات للقانون الدولي على المدنيين، بالقتل والتعذيب وكل أشكال الانتهاكات الجنسية التي وثقتها عشرات المنظمات الحقوقية، حتى أنه لم يتوانى عن استخدام السلاح الكيماوي لإجهاض الثورة. استخدم النظام البراميل المتفجرة والمدافع والقصف العشوائي واستهدف مدارس الأطفال والمشافي والأسواق وطوابير المخابز.
كانت خطة النظام بشن الحرب على السوريين حتى تحقيق الخضوع الكامل او الإبادة. استعان النظام بحلفائه في إيران وروسيا ونجح الى حد كبير في تحقيق مقولة الأسد او نحرق البلد، فملايين السوريين مهجرين ومئات الألوف مغيبين في المعتقلات وأكثر من نصف مليون شهيد، كل هذا والأمم المتحدة والعالم أجمع يراقب ما يحدث من دون استجابة حقيقية. في خطابه أمام مؤتمر جامعة كاليفورنيا -بيركلي في 13 مايو 1954، اقتبس داغ همرشولد كلمات هنري كابوت لودج الابن قائلا: “يقال إن الأمم المتحدة لم تنشأ لتدخلنا الجنة، ولكن لتنقذنا من النار.
ونحن في سورية ندرك أن الأمم المتحدة ومبعوثيها غير قادرين على إدخالنا الجنة لكننا كنا نأمل أن يساهموا إلى حد ما في وقف الجحيم الذي يصب على رؤوس السوريين. لقد انساق السيد غير بيدرسون المبعوث الخاص للأمم المتحدة الى سوريا وراء الضغوط الروسية التي عطلت مجلس الأمن ومنعت التقدم في المسار السياسي الذي وضعته قرارات مجلس الامن وبيان جنيف، واخترعت مساري آستانة وسوتشي خارج إطار الأمم المتحدة.
رضي السيد بيدرسون باختزال القضية السورية الى كتابة دستور هو يعلم أنه لا قيمة له، فلو كان بشار الأسد يحترم القوانين السورية والدولية أصلا لما كان السيد بيدرسون وجودا في أي مهمة ولما سقط كل هذا العدد من الضحايا، فسورية اليوم تحتاج للعدالة والمحاسبة ومحاكمة مجرمي الحرب لمنع وقوع مثل هذه الفظائع في المستقبل.
إن مهمة المبعوث الدولي تكمن في حماية قرارات ومقاصد الأمم المتحدة وليس في إيجاد المخارج للقتلة والمجرمين للتخلص من أعباء التزاماتهم في تنفيذ قرارات مجلس الأمن. نحن نرفض مسار السيد بيدرسون وسياسته القائمة على إعطاء الجوائز لبشار الأسد ولروسيا وإيران عبر ما سماه خطوة بخطوة لذلك كتبنا مع العشرات من السوريين في الشتات رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة لمطالبته بالتدخل وفق أحكام ميثاق الامم المتحدة وما تقتضيه المواد 100 و101، فالسيد بيدرسون لم يعد الشخص المناسب لإكمال مهمته في سورية محمد صبرا كبير المفاوضين بهيئة المفاوضات ٢٠١٧ ريم البزم ناشطة حقوق انسان