السيناريوهات المحتملة أمام الإدارة المنتخبة لحل الأزمة الأوكرانية
الاستماع للمقال صوتياً
|
المغرب – مقال الرأي
أيوب نصر*
انتهت الانتخابات الأمريكية، وخفت ضجيجها، ولم يبق أمام العالم اليوم إلا أن يلو عنانه صوب الرئيس المتتخب، ليرى كيف سيفي بوعوده الخارجية وينهي الصراعات التي أخذ على نفسه واجب إنهائها إذا فاز ودخل البيت الأبيض. وكما جاء في الأثر الجاهلي: “الليلة خمر وغدا أمر”، وقد انقضت الليلة بسكرها ونشوتها وأحلامها، وأقبلنا على الغد بما فيه من العمل والتحديات والوفاء بالوعود والحفاظ على العهود.
وأهم الملفات الخارجية، التي ينتظر الجميع ليرى كيف سيتعامل الرئيس الجديد معها، هو ملف الشرق الأدنى وملف أوكرانيا، وهذه الورقة مخصصة للقضية الأوكرانية، حيث نحاول أن نضع السيناريوهات التي يمكن أن يلجأ إليها دونالد ترامب وإدارته لحل هذه الأزمة، وهل هذه السيناريوهات فيها شيء من نفس وروح النخبة القوية والمؤسسات الحاكمة ( تجنبا للفظ الدولة العميقة) أم فيها تمرد من الإدارة الجديدة؟
السيناريوهات المحتملة
حسب تحليلي ورؤيتي للأمور، وما انتهيت إليه بالاستقراء، فإن كلا من الرئيس المنتخب وإدراته، أمام أربعة سيناريوهات للتعامل مع الأزمة الأوكرانية، وهي:
السيناريو الأول:
انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من الصراع، وإيقاف المساعدات المالية المخصصة لدعم أوكرانيا، والضغط على الأوكرانيين للاستسلام أو ترك مصيرهم للدب الروسي، مع عدم الاعتراف بالحدود الجديدة وسيادة روسيا على المناطق الأربعة.
السيناريو الثاني:
أن تنسحب الولايات المتحدة من الصراع، وتعترف بسيادة موسكو على المناطق الأربعة التي قامت بضمها عبر الاستفتاء (لوهانسك، ودونيتسك، وزاباروجيا، وخيرسون) إضافة إلى شبه جزيرة القرم، مع وإعطاء وعود وضمانات لروسيت بألا تنضم أوكرانيا للنيتوnوبقائها محايدة.
وهذا السيناريو، مع أنه الوحيد الذي يمكن ان تقبل به موسكو، غير أنه لن يحمل أي نفع للولايات المتحدة، بل يظهرها يمظهر الصعيف المنهزم، والإدارة الجديدة لن تقدم على شيء دون مقابل، ولهذا فإذا كانت ستقدم هذا التنازل فلن ترضى في مقابله إلا بقبول موسكو الابتعاد عن بكين.
السيناريو الثالث:
التنازل للروس على المناطق الأربعة التي أجري فيها الاستفتاء، مع إنضمام ما تبقى من أوكرانيا إلى حلف شمال الاطلسي، وذلك على غرار الألمانيتين، مع أن هذه الخطة ليست جديدة فقد اقترحت مؤخرا تحت مسمى النموذج “الألماني”.
وهذا الحل سبق واقترحه كيسنجر في البدايات الأولى للحرب، وأعيد لطاولة البحث والنقاش قبل أسابيع تحت مسمى “ألمانيا الغربية”، مع فرق بسيط بين النموذج ألمانيا الغربية ومقترح هنري كيسنجر، وهو أن كيسنجر أوصى بالتنازل لروسيا على المقاطعات الأربع التي ضمتها (لوهانسك، ودونيتسك، وزاباروجيا، وخيرسون) إضافة إلى شبه جزيرة القرم، مقابل إنضمام أوكرانيا إلى حلف النيتو، غير أن نموذج “ألمانيا الغربية” يختلف اختلافا صغيرا على مقترح كيسنجر، لكنه إختلاف له تأثيراته وأبعاده، وهذا الإختلاف يكمن في أن تسيطر موسكو على تلكم المناطق دون الاعتراف بسيادتها عليها، مقابل أن يتم السماح لبقية البلاد بالانضمام إلى حلف الشمال الأطلسي.
وهذا الأمر مرفوض من الروس، لانهم يرفضون تقدم الحلف أكثر، حتى أن سيرجي شويغو صرح يوم الخميس السابع من نوفمبر، أن أي تسوية يجب أن تكون وفق الحقائق الواقعية اليوم، ومن بين هذه الحقائق ألا تكون أوكرانيا ضمن النيتو سواء الآن أو بعد حين.
السيناريو الرابع:
تجميد الصراع على غرار ما حدث سنة 2014 في إقليم دونباس، حتى يتم إعداد الأوكرانيين للقتال والحرب مرة أخرى وتجهيزهم بالعتاد وتدريب، وبعدها يعود الأمر جذعا كما بدأ أول مرة. وقد سبق للرئيس الأوكراني قبل سنة أن حذر المجتمع الغربي من هذا الأمر، بعدما تجاهل الكونغرس الأمريكي تخصيص 6 مليارات دولارات لدعم أوكرانيا.
خلفية كل سيناريو
كل واحد من السيناريوهات الأربعة المطروحة أمامنا، ينطوي على خلفية يمكن أن توضح لنا وضع الإدارة الجديدة والوضع الأمريكي عموما، بخصوص السياسة الخارجية.
فإذا ذهبت الإدارة الجديدة إلى السيناريو الرابع والثالث، فهذا يعني أنها إدارة خاضعة للنخبة القوية ولا تحيد عن توجهاتها الديبلوماسية وخططها الاستراتيجية، وأنها مجرد أداة للتنفيذ.
والسيناريو الأول، لا يختلف كثيرا عن الثالث والرابع، لكنه يكشف عن معنى خفي، وهو أن النخبة القوية تستغل ترامب وإدارته لتمرير قرارات لا تلام عليها من طرف حلفائها، وتجعل من الإدارة الجديدة مشجبا.
ولم يبق أمامنا إلا السيناريو الثاني، وهذا الذي يمكننا من القول أن الإدارة الجديدة خالفت توجهات النخبة القوية وفرضت نفسها بقوة وأنهت الصراع بالأسلوب الذي انتظره الجميع.
*كاتب وباحث مهتم بالشأن الأوراسي
اصبت
لن تخرج الادارة الجديدة عن السناريو الثالث والرابع