أين يلتقي بايدن مع ترامب؟
الاستماع للمقال صوتياً
|
واشنطن – رسالة المحرّر
بقلم مرح البقاعي
يكاد يكون تعزيز العلاقات مع الشركاء الإقليميين هو المبادرة الأميركية الأكثر أهمية لتأمين شرق أوسط مستقر وآمن. لكن بايدن تعامل بخفة وعدم مسؤولية مع هذه الشراكات التاريخية، وبخاصة مع دول الخليج الأكثر تأثيراً في المنطقة، وهي المتضررة بشكل كبير من أطماع إيران – الجار غير المأمون. أما ترامب فقد كانت له الأيدي البيضاء في تمكين تلك الشراكات انطلاقاً من تعزيز علاقات واشنطت مع الشريك التاريخي المملكة العربية السعودية، ناهيك عن وضع حجر الأساس لسلام مستقبلي من خلال اتفاقات إبراهام المبرمة بين إسرائيل ودولتي الإمارات العربية المتحدة والبحرين، والشروع بعملية التطبيع العربية الإسرائيلية.
وبينما يتّفق كل من الجمهوريين والديمقراطيين على الحاجة إلى تحويل اهتمام الولايات المتحدة ومواردها إلى منطقة المحيطين الهندي والهادئ، فإن هذا الأمر لا يغيب عن شركاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط. لذلك تسعى المملكة العربية السعودية في محادثاتها الأخيرة المتصلة مع واشنطن، إلى إبرام معاهدة أمنية متكاملة بين البلدين يصوّت عليها مجلسا الشيوخ والنواب الأميركيين بحيث لا يكون ساكن البيت الأبيض الجديد بقادر على إلغائها أو تجاوزها مهما تغيرت الإدارات؛ وستفوز المملكة من خلال المعاهدة بدعم أميركي كامل لإنشاء مفاعلها النووي لأغراض مدنية، وإتفاق دفاعي أمني مشترك غير مسبوق، يقابله تطبيعها العلاقات مع إسرائيل.
لكن ترامب، الصديق الحميم لتل أبيب ولرئيس حكومة إسرائيل بنيامين نتنياهو، والذي قام في عهده بنقل السفارة الأميركية إلى القدس والاعتراف بالمدينة المتنازع عليها عاصمة لإسرائيل، كان قد حث نتنياهو على إنهاء عملياته في غزة، قائلاً: “يجب على إسرائيل أن تكون حذرة للغاية، لأنها تخسر الكثير من سمعتها في العالم، وتخسر الكثير من الدعم”.
أما مطالبات إدارة بايدن – في السر والعلن – لإسرائيل بضبط النفس في غزة، فهي تشير إلى أن لا مصلحة لواشنطن في التورط بشكل أكبر في نزاعات الشرق الأوسط، الأمر الذي قد يحدث في نهاية المطاف – خارج مشيئة بايدن – في حال قررت إسرائيل اجتياح جنوب لبنان وتوسيع رقعة الحرب.
حتى لو تغير شاغل البيت الأبيض، فإن سياسة الولايات المتحدة في التعامل مع المنطقة لن تتغير لجهة الحضور الأميركي الداعم للأمن والاستقرا، فبايدن وترامب سيبذلان قصارى جهدهما لتحقيق ما يأمله مستشار الأمن القومي للرئيس بايدن، جاك سوليفان: “شرق أوسط أكثر هدوءاً” مع أو بلا حضور واشنطن؛ والسبب المباشر لهذا التوجه يكمن في الشعور السائد لدى الحزبين الجمهوري والديمقراطي في آن، أن الولايات المتحدة لا ينبغي لها أن تنفق المزيد من الموارد، أو الأسوأ من ذلك، أن تخسر المزيد من أرواح الأميركيين في صراعات الشرق الأوسط.