هل تبشّر ممرات السعودية الخضر بدولة فلسطينية؟
الاستماع للمقال صوتياً
|
مكّة المكرّمة – وايتهاوس
مقال الرأي بقلم د. عبد الحفيظ محبوب
قبل 30 عاما، وفي العام 1993، تم التوقيع على اتفاقية “أوسلو” بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل في البيت الأبيض الأميركي. وقّع الاتفاقية رئيس الوزراء السابق إسحاق رابين عن الجانب الإسرائيلي، والرئيس الراحل ياسر عرفات عن الجانب الفلسطيني.
وافق العرب في حينها على اتفاق أوسلو بهدف وضع اللبنة الأولى لدولة فلسطينية مستقلة عضو في الأمم المتحدة، إلا أن اليمين الإسرائيلي نجح في دفن هذا الاتفاق بعد اغتيال رابين على يد أحد الشباب عامير في نوفمبر 1995 لأن اليمين الإسرائيلي يرفض تخلي إسرائيل عن الأراضي في الضفة الغربية المحتلة لسيطرة الفلسطينيين، باعتبارها منحة الرب للشعب اليهودي، ولا يجوز أبدا مبادلتها والتخلي عنها. حتى حماس قامت بتفجيرات انتحارية رافضين اتفاق أوسلو بشكل كامل باعتبار أن اقتسام الأراضي مع إسرائيل يعتبر استسلاما ساهم في دعمه بعض المثقفين الفلسطينيين.
هذا كان في التاريخ، أما اليوم، وإثر إعلان السعودية في قمة العشرين التي عُقدت في نيودلهي الهندية، عن مشروع الممرات الخضراء العابرة للقارات، أصبحت إسرائيل في قلب مشروع دولي غير مسبوق سيربط البنية التحتية بين آسيا وأوروبا.
بإمكان هذا المشروع أن يحقق رؤية طويلة الأمد ستغير وجه الشرق الأوسط، وقد رحب به نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل، ما يعني أن هذا المشروع سيقود المنطقة نحو حقبة جديدة من التكامل والتعاون الإقليمي والعالمي الفريد وغير المسبوق. كما شكر نتنياهو بايدن وإدارته على الجهد الكبير، واعتبره إعلان تاريخي، واعترف نتنياهو أن إدارة الولايات المتحدة اتصلت بإسرائيل طالبة منها اغتنام هذه الفرصة التاريخية.
ما يعني أن المشروع التاريخي أو مشروع القرن لم يتحقق لو لم توافق إسرائيل على منح الفلسطينيين دولة بكامل العضوية في الأمم المتحدة، لأن السعودية لن تقبل الموافقة على مشروع يربط بينها وبين إسرائيل لو لم تحصل على تأكيد من أمريكا كضامن على تحقيق دولة فلسطينية.
ومن المعروف أن السعودية أكدت مرارا أنها لا تقبل إلا بدولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية، لذلك رفضت السعودية أن يكون إيلي كوهين ضمن وفد إسرائيلي يجري أول زيارة علنية إلى السعودية لحضور اجتماع لليونسكو.
طبيعي أن الدول المستفيدة من المشروع وفي مقدمتها الهند وأوروبا للحصول على بدائل للغاز الروسي والطاقة متجددة وهي ما تصبو أوروبا إليه، إلى جانب الولايات المتحدة راعية هذا الممر ورغبتها في استعادة علاقتها الطبيعية مع السعودية بشكل خاص، ستسعى جميعها للضغط على إسرائيل للقبول بدولة فلسطينية على أرض الواقع، وبالمقابل سيتم تقويض جميع التنظيمات والجماعات التي ترفع راية المقاومة والممانعة برعاية دول إقليمية كحزب الله وحماس وغيرها.
نجحت السعودية في البيان الختامي في الهند برفض التصعيد مع روسيا، إذ اكتفى البيان الختامي عن القمة برفض استخدام القوة في أوكرانيا لتحقيق مكاسب ميدانية من دون ذكر روسيا حليفة السعودية. أي أن السعودية بقيادة سمو ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان رفضت إدانة روسيا في هذه القمة، مكتفية في البيان بالتأكيد على ضرورة السلامة الإقليمية للحدود.