نحو قيادة سياسية وطنية
الاستماع للمقال صوتياً
|
هلسنكي – وايتهاوس
مقال رأي بقلم مانيا الخطيب
لم تنته الأسباب التي أدت إلى اندلاع ثورة الكرامة المستحقة منذ عدة عقود في سورية بل على العكس لقد تراكم استحقاقها أكثر و أكثر.
فمن مئات الآلاف الذين قضوا نحبهم في القصف الحكومي على المدنيين العزل، إلى ملف المعتقلين الأشد خطورة وفتكاً، ومنهم الآلاف الذين عُذبوا حتى الموت في سابقة إجرامية بهذه الكثافة والمنهجية، و التي أدت إلى استصدار قانون قيصر، إلى تهجير حوالي نصف سكان سورية إلى أربع أنحاء الأرض، إلى الفلتان الأمني الداخلي وتحويل الوضع المعيشي لمن بقي في سورية إلى ضرب من الجنون، في غياب أبسط مقومات الحياة من ماء وكهرباء ووقود وغذاء.. وإلى سلسلة طويلة لا تنته من الفجائع والكوابيس.
لم أفقد الأمل يوماً رغم كل هذا الخراب ورغم كل اليأس والقنوط الذي دبّ في السوريين في كل أنحاء العالم حيث تبعثروا ومنهم من حاول ويحاول أن يمسح من ذاكرته حتى هويته السورية بما فيها الهوية المعنوية التي تشظت وتطايرت تحت وطأة الفجيعة والدمار.
منذ آذار 2011 مرت الثورة السورية بعدة منعطفات وتعرجات وأكثرها سوءً هو تسلق ما يسمى المعارضة التقليدية على أكتافها، حتى بات كل من ذاق لوعة النظام منذ اغتصابه للحكم في دمشق وحتى الآن لا يكف عن محاولة تصدر المشهد السياسي وكأنه يطالب الشعب بتسديد فاتورة عذابه سواء كان اعتقالاً أم نفياً مستعيناً بشعار أنهم “أين كنتم عندما وقفنا في وجه النظام” وآخرون قبلوا أن يعملوا وكلاء عن دول أخرى في أجسام ما يسمى “المعارضة السورية” وهذا ما جعل الشعب السوري يكفر بكل شيء فلا النظام المجرم مرجعية وطنية، ولا هؤلاء المأجورين موضع ثقة يمكن بناء أجندة وطنية مشتركة توافقية تؤسس لمرحلة انتقالية نظيفة تنقل البلاد إلى بر الأمان وتؤسس لدولة وطنية محايدة تعامل مواطنيها على أسس قانونية تُطبق على الجميع.
إن ما يميز الاحتجاجات الشعبية الواسعة في الوقت الحالي والتي انطلقت من السويداء هو ما يلي:
– إعادة التذكير مراراً وتكراراً بأنها ثورة شعب حتى لو لم يكن لديها قيادات أو رؤوس مدبرة تقود الحراك.
– أنها تتميز بأكثر الصفات أهمية وهي أنها جذرية وتؤسس لقطيعة نهائية مع الماضي الأليم وتكسر عار الأبدية وعار التوريث الذي انتهجه النظام السوري المجرم.
– تنسف جميع محاولات إعادة تعويم النظام السوري ومنها المبادرة العربية التي دعت رأس الإجرام إلى قمة السعودية مؤخراً.
– أنها انطلقت من محافظة السويداء في أوسع انتشار أفقي وشاقولي شعبي بل وحتى القيادات الدينية أدلت بدلوها للمرة الأولى لصالح الشعب. وفي السويداء، لا يمكن للنظام أن يوسم أي حراك لا بداعش ولا بالنصرة ولا بالتنظيمات الإسلامية التي استعملها كفزاعة ناجحة في امتصاص نقمة الغرب المنافق منذ أحداث حماة في 1982 والتي استطاع الآن أيضاً، أن يعيد تكرار نفس المعزوفة التي يلقيها على مسامع الغرب. إلا أنه هيهات هيهات أن تنجح بعد اليوم على الرغم وأؤكد أنه على الرغم من أن هنالك حواضن شعبية سورية للأسف انجرت إلى التطرف ولا يمكنني في هذا حمام الدم الرهيب هذا أن ألقي اللوم على الخيارات السيئة التي لجأ إليها من انسدت في وجهه جميع الطرق وتحول من ضحية إلى جلاد ووجد تنظيمات دخيلة تستثمر فيه، بل أنني أستطيع أن أقول أنه يجب علينا جميعاً أن نعمل على خلق البدائل الوطنية التي تعيد الناس إلى جادة الصواب ولا تحول البلد الجريح إلى مستنقع لتفريخ الإرهاب والذي شارك النظام تكتيكياً في استثماره وأحياناً خلقه مستعيناً بهذه الفوضى المدمرة ومستعيناً بخبراته المخابراتية الشديدة الخبث والدهاء لأنه متمرس في الإجرام.
خلاصة القول أن الشعب السوري اليوم يعيد توجيه البوصلة الحقيقة للحراك المدني وأرجو من كل قلبي أن يتعلم الجميع من أخطاء الماضي وخصوصاً التنيظيمة منها حتى يفرز قيادات وطنية من العقلاء والوطنيين الذين يمكن التعويل عليهم في الخروج الآمن إلى فترة انتقالية تبدأ في طي صفحة الماضي والتأسيس إلى دولة المواطنة والكرامة في سورية.
مهما كانت الثورة جذرية إلا أنها ستظل تتخبط بدون أن يكون لديها قيادة سياسية وطنية تفرض على جميع الأطراف ذات الأجندات المتناقضة في سورية إرادة الشعب وخياراته، وإلا فإننا سنظل نعوم في بحر من الدماء والخراب.
لا بد أن يخرج من بين ظهرانينا بعد كل هذه التضحيات من يضع مصالحه الضيقة والآنية جانباً ويغلب المصلحة الوطنية السورية العليا حتى تبدأ بلدنا الجميلة والحبيية في التعافي والنهوض.
النص في الصميم رائع ويوضح واقع مواطني سوريا الكئيب على رغم من أن طابع سلوك شعبهم يشابه ما هو عليه باقي العالم العربي باكمله. الفرد العربي منذ صغره يلقن على التطرف ويعشش في ذهنه غرسا كل ما هو معادي لاصلاح بلاده
ممكن الإستدلال بالتاريخ بأن اصلاح الإسلام مشروع فاشل وطالما هناك خشبة يمكن الإتكاء عليها من قبل حكام العرب المستبدين والتيارات الرسمية التي تدعي مناصرة الشعب تحت إطار ديني مخادع فلن يكون هنالك يوما لا قريبا ولا بعيدا ، يكمن فيه السلام اطلاقا
جهل المسلم في دينه يأخر امكانيات الإصلاح المدني و”طغاة الدين” سيستمرون في المكافحة حتى الموت كل من يخاطر حفاظهم على عرشهم الفاسق فكم بالأحرى يا ترى سيدوم الإنتظار لهذا الفجر المنير المنتظر؟