شاب سوري أميركي مؤسس شهر التراث العربي في أميركا
الاستماع للمقال صوتياً
|
رسالة المحرّر – وايتهاوس إن أرابيك
كان الرئيس جو بايدن أول رئيس أميركي يعلن في العام 2021 عن شهر نيسان/أبريل على أنه “الشهر الوطني للتراث العربي الأميركي” وذلك لتكريم مساهمات العرب الأميركيين في الولايات المتحدة، وهي مساهمات قديمة بقدم البلاد نفسها. وصدرت رسالة رسمية موقعة من الرئيس بايدن بهذا القرار فور إعلان الخارجية الأميركية رسمياً عن اعترافها بهذه المناسبة.
فضمن تصريح رسمي صادر عن وزارة الخارجية الأميركية أعلنه في مؤتمرها الصحافي الدوري المتحدّث باسم الوزارة نيد برايس، أطلقت الولايات المتحدة الأميركية على شهر نيسان/أبريل منذ العام 2021 صفة “الشهر القومي للتراث العربي الأميركي” NAAHM.
جاء هذا الاعتراف الرسمي غير المسبوق إثر جهود حثيثة قادتها الجاليات العربية الأميركية في الولايات المتحدة على مدى العشرات من السنين، إلا أنه لم يبصر النور إلا في عهد جو بايدن ووزير خارجيته أنطوني بلينكن، وقاد تلك الجهود رجل أعمال شاب سوري أميركي اسمه بيير صبح. وأوردت وزارة الخارجية في بيانها بهذه المناسبة أن “الأميركيين من أصول عربية هم جزء أساس من نسيج الأمة الأميركية، وقد ساهم العرب الأميركيون في الحياة العامة على مختلف الصعد”.
هذا هو أول اعتراف فيدرالي أميركي رسمي بالتراث العربي الأميركي بالرغم من أن الاحتفاء بهذا التراث في أوقات متفرقة من السنة كان قائما على المستوى الشعبي، كل عام، وفي العديد من الولايات الأميركية منذ تسعينات القرن الفائت. لكن في العام 2017 حدث تحول نوعي في هذه الاحتفالات حين أطلقت الجاليات العربية مبادرة وطنية للتنسيق بين كافة الولايات الأميركية وتحديد شهر أبريل من كل عام للاحتفاء بهذه المناسبة.
وفي خطوة متقدمة ومؤسسية قامت مجموعة من المنظمات العربية الأميركية في العام 2019 برفع طلب إلى الكونغرس الأميركي لإقرار أبريل شهرا قوميا للتراث العربي الأميركي عن طريق عضو الكونغرس عن ولاية ميشيغان ديبي دينغل.
وفي العام 2021 أصبحت المبادرة اعترافا فيدراليا بفضل جهود قادها بيير صبح الذي سارع حال إعلان البيان إلى توجيه رسالة في تغريدة نشرها على حسابه الرسمي في تويتر شاكرا وزارة الخارجية الأميركية على قرارها الذي جعل التراث العربي الأميركي معترفا به من قبل الحكومة الفيدرالية لأول مرة.
وكان لصبح التأثير المباشر على قرار الخارجية إثر جهود الدعم والتوعية التي قام بها بشكل مستقل من أجل أن يكون للتراث العربي الأميركي هذه البصمة الدامغة في الحياة الرسمية والشعبية الأميركية.
وكان أبرز ما قام به تنظيم حملة للتوعية والتغيير الاجتماعي في الولايات المتحدة، ممولة ذاتيا، وجاءت على شكل 250 لوحة إعلانية توزعت في شتى المدن والولايات لدعم مسعاه. ودعا صبح في حملة التغيير الاجتماعي إلى ضرورة الاحتفاء بالتراث الشرق أوسطي بهدف العمل على مكافحة المشاعر المعادية التي تشكلت إثر هجمات الحادي عشر من أيلول في العام 2001 وكذا لدعم اندماج المهاجرين العرب في مجتمعهم الجديد والتعرّف إلى التحديات التي تواجههم والمساعدة على تذليلها.
وفي لقاء حصري مع صبح أجريناه في وقت سابق، سألناه عن تقييمه للإضافة التي قدّمتها الحضارة العربية إلى الثقافة الأميركية، فأجاب “لقد ساهم الشرق الأوسط بشكل كبير في إغناء الحياة الأميركية لتصير على الصورة التي نعرفها اليوم. فمن المساهمات الأكاديمية في علوم الجبر والرياضيات إلى الجراحة الطبية، ومن التأثير الثقافي والفكري إلى أكلات المطبخ الشرق أوسطي الشهيرة”.
وفي سؤاله عن الاستراتيجية التي اتبعها في حملته، والتي مكّنته من تحويل اللوحات الإعلانية التي بثتها على الطرقات وفي الأماكن العامة إلى حدث رسمي فيدرالي معترف به من الحكومة الأميركية قال “بدأت حملتي للتغيير الاجتماعي في أوائل العام 2019 وما زالت مستمرة حتى اليوم. وخلال شهر نيسان/أبريل الجاري قمت بتكثيف فعاليات الحملة وعرض أكثر من 250 لوحة إعلانية في جميع أنحاء الولايات المتحدة للتعريف بثقافتنا من خلال رسائل إيجابية للغاية طالبت من خلالها أن تعترف الحكومة الفيدرالية بشهر أبريل من كل عام باعتباره شهر التراث العربي الأميركي”.
وتابع بالقول “اليوم، أنا فخور جدا بأن حملتي أقنعت وزارة الخارجية الأميركية بإطلاق هذا الشهر كمناسبة فيدرالية رسمية للتراث العربي الأميركي”.
يبلغ تعداد العرب الأميركيين وفقا لاستفتاء مؤسسة “زغبي أنترناشيونال” المتخصّصة ما يقارب 3.5 مليون مواطن أميركي من أصل عربي يعيشون في مدن الولايات الخمسين. وبناء عليه تكون نسبة العرب الأميركيين نحو 1 في المئة من مجمل تعداد الأميركيين الذي يقارب 350 مليون نسمة.
وتعتبر الجالية العربية الأميركية في الولايات المتحدة الأسرع تزايدا بين الدياسبورا العربية في العالم، فقد ارتفع عددها بين إحصاءين في الأعوام 2000 و2010 بمعدّل 72 في المئة؛ وهذا رقم قياسي على أي حال مقارنة بتزايد القوميات المهاجرة الأخرى، سواء كانت عربية، أو من الأعراق المتعددة التي جعلت من الولايات المتحدة وطنا مختارا لها، وقِبلة لتحقيق الحلم الوردي الذي تمثّله أميركا للعديد من الشباب في العالم من حياة مستقرّة وآمنة تحمل معها الفرص المتساوية لكافة مواطنيها دونما تمييز.