السعودية غير مهتمّة بتقديم خدمات لواشنطن
الاستماع للمقال صوتياً
|
بقلم هارلي ليبمان* – نيوزويك
نقلته إلى العربية مرح البقاعي – وايتهاوس إن أرابيك
تحرص إدارة بايدن على المضي قُدماً لتوسيع دائرة اتفاقات أبراهام، وتسعى للحصول على الجائزة الكبرى في اتفاق سلام بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل.
وقد صرّح وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكين، مؤخرا أن الولايات المتحدة تتطلع إلى “تعميق وتوسيع” اتفاقات التطبيع بين إسرائيل والدول العربية.
لكن، هذا الاختراق الكبير قد يقع خارج دائرة النفوذ الدبلوماسي للولايات المتحدة، قي وقت تراجعت فيه مصداقية واشنطن بشكل لافت في أرجاء الشرق الأوسط.
فقد أدى غياب الدعم القوي للولايات المتحدة وتأخرها في دفاعها عن مواقفها، إلى تبلور اعتقاد لدى الحلفاء والأعداء على حد سواء بأن الإدارات الأميركية المتعاقبة تبدو منعزلة عن الواقع ومقصوصة المخالب. هذا التصور تنامى في ظل فشل الولايات المتحدة في الرد على قيام الحوثيين المدعومين من إيران بإطلاق صواريخ وشن هجمات بطائرات بدون طيار على منشأة بقيق النفطية السعودية وحقل خريص النفطي في سبتمبر 2019، وكذا على منشأة نفطية في أبو ظبي في يناير 2022. وبالمثل، فإن إدارة أوباما لم تدعم تنفيذ “خطوطها الحمر” المعلنة لأكثر من مرة ضد نظام الأسد السوري لاستخدامه الأسلحة الكيماوية التي قتلت 1400 مدني في شهر أغسطس 2013.
وبينما كانت الولايات المتحدة تستوعب الأنظمة المعادية، بدت على استعداد لعزل أقرب حليف استراتيجي لها في الشرق الأوسط! فمنذ عام 2021، كانت المملكة العربية السعودية في طور إجراء إصلاحات عميقة كجزء من جهود ولي العهد، محمد بن سلمان، لكبح الحركات الأصولية في المملكة. وعلى الرغم من ذلك، وخلال مناظرات الديمقراطيين للعام 2019 التي جرت في أعقاب مقتل جمال خاشقجي، أدان الرئيس بايدن (الذي كان مرشحاً للرئاسة في حينها) المملكة العربية السعودية، قائلاً: “أود أن أوضح أننا لن نبيع المزيد من الأسلحة لهم.” كما سعى إلى إيذاء محمد بن سلمان بالقول: “في الواقع سنجعلهم يدفعون الثمن، وسنعمل على نبذهم”.
ولكن مع ارتفاع أسعار الطاقة في أعقاب الحرب على أوكرانيا، سعت الولايات المتحدة إلى التراجع وتحسين العلاقات مع المملكة العربية السعودية. كانت إدارة بايدن منزعجة من تنسيق المملكة العربية السعودية مع “أوبك بلاس” لخفض إنتاج النفط بمقدار مليوني برميل يومياً، وذلك في سعيها لزيادة عائدات النفط. واتهمت إدارة بايدن المملكة السعودية بتقويض العقوبات ضد روسيا ومساعدة بوتين في تمويل حربه على أوكرانيا.
إلا أن هذا التوجّه لم يكن مجدياً في مساعدة الديمقراطيين على إبقاء التضخم تحت السيطرة في الفترة التي سبقت انتخابات التجديد النصفي لشهر نوفمبر الفائت، حيث كان على سائقي السيارات دفع ما يقارب 15 إلى 30 سنتاً إضافياً لغالون البنزين.
أما في الضفة الأخر ، فإن الصين بدت مهتمة برفع العقوبات عن إيران و الاستثمار في البنية التحتية الإيرانية من أجل شراء كميات أكبر من النفط. وفي العام 2022، استوردت الصين ما بين 650.000 إلى 700.000 برميل يومياً من النفط الخام الإيراني بما يشكل حوالي 7% من الواردات. ففي الوقت الذي سعت فيه الولايات المتحدة للتراجع عن المنطقة والتركيز على آسيا، توجّهت بكين نحو الشرق الأوسط.
وبالمثل، تعمل الصين حثيثاً على إحباط تفوق الولايات المتحدة في الشرق الأوسط من خلال تحسن شروط رهانها على مبادرة “الحزام والطريق” التي تقوم بالاستثمارات وتعزز التجارة مع المنافسين الإقليميين، بما في ذلك إيران والمملكة العربية السعودية وإسرائيل.
رافق ذلك إشارة بكين إلى أنها على استعداد لاستضافة مفاوضات مباشرة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، في سعي منها لتوسيع نفوذها في الشرق الأوسط.
وعلى عكس فشل الولايات المتحدة في إقناع السعوديين بضخ المزيد من النفط، لقي الرئيس الصيني، شي جين بينغن، ترحيباً حاراً من المملكة العربية السعودية، ما دفع بكين والرياض إلى توقيع شراكة ثنائية مدتها 25 عاماً تغطي قطاعات استثمارية متنوعة في الطاقة والأمن والبنية التحتية والاتصالات.
وأكد الاجتماع بين شي وولي العهد الأمير محمد بن سلمان في ديسمبر 2022 على قيم الصين المتمثلة في عدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي من البلدين، متحدية بذلك مساعي الولايات المتحدة في تعزيز نشر قيم الديمقراطية.
“نحن نركز بشكل كبير على التعاون مع جميع الأطراف وأعتقد أن المنافسة شيء جيد”، صرّح وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان. وتابع “سنواصل العمل مع جميع شركائنا، ولن نعتبرها لعبة محصلتها صفرية بأي حال … فنحن لا نؤمن بالقطبية”.
*هارلي ليبمان عضو في مجلس إدارة صندوق الشراكة من أجل السلام التابع للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID).