حكومة إسرائيلية متطرفة لا تستحق الفيتو الأميركي
الاستماع للمقال صوتياً
|
بقلم هايز براون – MSNBC
نقله إلى العربية المهندس بسام أبوطوق
إثر مفاوضات محمومة استغرقت عطلة نهاية الأسبوع تمكنت وزارة الخارجية من إحباط تصويت في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يطالب إسرائيل بوقف موجة جديدة من المستوطنات في أراضي الضفة الغربية التي احتلتها منذ عام 1967، الأمر الذي سيجعل أنتوني بلينكن يتنفس الصعداء.
كان بلينكن مصمما على تجنب الاضطرار إلى استخدام حق النقض الأمريكي لعرقلة مشروع القرار، وهي خطوة كانت سمة مميزة للسياسة الخارجية الأمريكية في الأمم المتحدة لعقود من الزمن، هذا التردد جديد في واشنطن للدفاع عن حكومة إسرائيلية لا تهدد فقط أي أمل باقٍ في السلام مع الفلسطينيين، ولكن أيضا مع حقوق جميع مواطنيها، عربا ويهودا على حدٍ سواء.
بلينكن في النهاية حافظ على الوضع الراهن وتجنب الإحراج. فبعد فترة وجيزة من الخروج من السلطة، يعود نتنياهو ليدير المشهد مجددا، ولكن الأمور مختلفة هذه المرة، فانتخابات الكنيست التي جرت في تشرين الثاني (نوفمبر)، وهي الخامسة في السنوات الأربع الماضية، وحولت حزب الليكود اليميني الذي ينتمي إليه إلى أغلبية سياسيين متطرفين ومتدينين ومناهضين لمجتمع الميم. هذه الشخصيات التي دعمت عودة نتنياهو إلى السلطة هي رمز لتحول جوهري في السياسة الإسرائيلية. لقد دخل التطرف إلى التيار اليميني السائد، والذين حصلوا على 10 في المائة فقط من الأصوات، هم الآن في وضع يسمح لهم بممارسة سلطة كبيرة في ائتلاف لا يمكن أن يعمل بدون دعمهم.
وعلى الرغم من الانحراف المستمر نحو الاستبداد غير المتسامح من قبل نتنياهو وحلفائه، وفيما يواصلون العمل على إبطال تهم الرشوة التي يواجهونها، فقد عرض بلينكن في ديسمبر الفائت دعما أمريكيا ثابتا لإسرائيل.
أسابيع من الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية لم تردع خطط الحكومة لتجريد المحكمة العليا من السلطة، ما أدى إلى إلغاء الرقابة على سلطة الكنيست. في غضون ذلك، تصاعد التوتر – بما في ذلك زيارة استفزازية للأماكن المقدسة في القدس من قبل الوزير اليميني المتطرف المسؤول عن الشرطة الإسرائيلية – حيث قتل مسلحون فلسطينيون إسرائيليين، وأطلق مسلحون صواريخ من قطاع غزة.
في الأسبوع الماضي، صعدت حكومة نتنياهو الأمور أكثر، حيث صوتت على تكثيف عمليات الشرطة ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس الشرقية. والأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي صوت للاعتراف بتسع بؤر استيطانية غير قانونية في الضفة الغربية كمستوطنات يهودية مرخصة. كما قرر مجلس الوزراء “ربط عشرات البؤر الاستيطانية غير القانونية الأخرى بالبنية التحتية للدولة مثل المياه والكهرباء والموافقة على تخطيط وبناء آلاف الوحدات السكنية الجديدة في المستوطنات”، حسبما أفاد باراك رافيد لموقع أكسيوس.
ومن الواضح أن هذه كانت خطوة سياسية تنتظر فقط ذريعة بالنظر إلى أولويات التحالف المعلنة سابقا، والتي تشمل في النهاية ضم الضفة الغربية بالكامل. لكن كل المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، حتى “المعترف بها”، غير شرعية بموجب القانون الدولي، لكن الضغط الأمريكي المتجدد على الإسرائيليين فشل في عكس الزيادة في البناء التي بدأت خلال دعم إدارة ترامب للمستوطنات.
“الشيء الوحيد الذي سيوقفهم هو ما تفعله الولايات المتحدة – أو لا تفعله – في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة”، وفقا لما أفاد به مارتين إنديك مبعوث أمريكا السابق للشرق الاوسط. فالولايات المتحدة هي واحدة من خمس دول لديها حق النقض وقادرة على منع أي مسودات لا تريدها. وبناءً على ذلك، استخدمت الولايات المتحدة حق النقض ضد عشرات القرارات التي اعتبرتها متحيزة ضد إسرائيل منذ عام 1972، وآخرها في عام 2018. (حدث استثناء نادر في ديسمبر 2016، عندما امتنعت إدارة أوباما المنتهية ولايتها عن التصويت على قرار يطالب بوقف بناء المستوطنات وسمحت لهذا القرار بالمرور).
مشروع القرار الذي كان من المقرر التصويت عليه يوم الاثنين، والذي كتبته الإمارات العربية المتحدة بمساهمة من الفلسطينيين، ينص مجددا” على أن “إنشاء إسرائيل للمستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، بما في ذلك القدس الشرقية، ليس له أي شرعية قانونية ويشكل انتهاكا صارخا بموجب القانون الدولي”. ويطالب إسرائيل “بالوقف الفوري والكامل لجميع الأنشطة الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة”.
إدارة بايدن كانت قلقة من أن “استخدام الفيتو لحماية إسرائيل يخاطر بفقدان الدعم في المنظمة الدولية للتدابير التي تدين الحرب الروسية في أوكرانيا”، حسبما ذكرت وكالة أسوشيتد برس. ولكن مكالمات بلينكن مع الإسرائيليين والفلسطينيين نجحت في تحقيق بعض النتائج على المدى القصير: تراجع الفلسطينيون مقابل زيارة سيد البيت الابيض المحتملة للرئيس محمود عباس وزيادة حزمة المساعدات؛ وبالمثل، أعلن الإسرائيليون أنهم “لن يأذنوا بمستوطنات جديدة بخلاف التسعة التي تمت الموافقة عليها بالفعل”.
هذه نتائج إيجابية، لكن الحل الأبسط كان دائما في المتناول: السماح بتمرير مشروع القرار. دبلوماسية بلينكن حالت دون اضطرار الولايات المتحدة إلى اتخاذ قرار صعب في المدى القريب، لكنها ستظل تلوح في الأفق طالما أن المتطرفين هم من يضعون السياسة الإسرائيلية.
نفهم أن هناك أسبابا سياسية داخلية للسماح لنتنياهو بالنجاة، مرة أخرى، حيث يحب الجمهوريون وصف الرئيس جو بايدن بمعاداة السامية لأنه تجرأ على السماح بانتقاد إسرائيل. من الواضح أن هذا لم يُنظر إليه مطلقا على أنه خيار حقيقي في الإدارة، لكن هذه الحكومة الإسرائيلية لا تستحق الحماية باستخدام حق النقض.
ومن الواضح أن آراء وأفعال حكومة نتنياهو لن يتم تقييدها. إنها تتحدى القانون الدولي وتتجاهل عن عمد أي احتمالات لإحياء عملية السلام، وتختار بدلاً من ذلك تنفير سكانها العرب وتضييق الخناق على الفلسطينيين في الأراضي المحتلة.
إن عدم تسامحها وميولها الاستبدادية وتعصبها اللامحدود تجعل شعبها يشعر بالقلق من أن ديمقراطيته في خطر، على الرغم من أنها ديمقراطية استبعدت دائما غير اليهود، بل إنها رفضت اتخاذ موقف في الحرب العدوانية الروسية ضد أوكرانيا، واستخدام أمريكا حق النقض لن يغير أي من ذلك. وكما كتب مايكل كوبلو من منتدى السياسة الإسرائيلية، فإن “حماية إسرائيل من العواقب الكاملة لأفعالها عندما تتعارض مع سياسة الولايات المتحدة ليس في مصلحة أمريكا”.
ليس هناك أي تبرير لإدارة بايدن في الدفاع عن إسرائيل وعدم إدانة الأعمال التي تعتبرها الولايات المتحدة مشينة، ولا يوجد أي التزام أخلاقي أو سياسي واقعي في هذا السياق.
ما زال استخدام حق النقض ضد مثل هكذا إدانة مطروحا على الطاولة، وهو إشارة إلى أنه لا توجد حكومة إسرائيلية ستنقصها الرعاية والحماية الأمريكية حتى ولو كانت أفعالها تتعارض مع القيم التي تتبناها الولايات المتحدة.