هل تتّحد المعارضة الإيرانية لإسقاط النظام؟
الاستماع للمقال صوتياً
|
ما هو مستقبل الحركة الديمقراطية الإيرانية؟
مقال بقلم رأي بيجان أحمدي*
نقلاً عن موقع The Hill
في أعقاب الاحتجاجات التي اجتاحت إيران خلال الأشهر الخمسة الماضية، اكتسب الخطاب السياسي حول حركة المرأة والحياة والحرية زخما واسعا، ولو أن الشوارع قد تبدو هادئة هذه الأيام.
ورغم القمع الوحشي للنظام، أدت الشرارة التي أشعلتها وفاة مهسا أميني على يد “شرطة الأخلاق” الإيرانية، إلى تقارب غير مسبوق بين جماعات المعارضة داخل وخارج إيران حول الحاجة إلى تغيير جذري في البلاد .
هناك إجماع متزايد بين مجموعات متنوعة من الجماعات السياسية والمعارضين على أن النظام الحالي لا يمكن إصلاحه وأن إطارا دستوريا جديدا يقوم على المبادئ الديمقراطية هو الحل الوحيد لتلبية مطالب وتطلعات الشعب الإيراني. يمثل هذا التطور تحولا مهما في الخطاب بين أطراف المعارضة، ويشير إلى وحدة جديدة في السعي لإحداث تغيير ذي مغزى في إيران.
أصدر رئيس الوزراء الإيراني السابق، مير حسين موسوي، الذي قاد احتجاجات الحركة الخضراء في أعقاب انتخابات 2009، بيانا من مقر إقامته الجبرية يدعو إلى استفتاء عادل وحر لبدء عملية وضع دستور جديد. ويقول موسوي في بيانه إن مشروع الإصلاح قد فشل.
لقي تصريح موسوي دعما من شخصيات معارضة بارزة، بمن فيهم المعتقلون في إيران. بالإضافة إلى ذلك، أيد رجل الدين السني البارز في إيران، مولوي عبد الحميد، علانية، دعوة موسوي لإجراء استفتاء. وقال عبد الحميد في التعليقات المنشورة على موقع تويتر: “في تصريحه الأخير، أظهر موسوي أنه يتفهم حقائق المجتمع. حان الوقت للسياسيين والعلماء الآخرين للتفكير في إنقاذ البلاد ورؤية الحقائق”.
في غضون ذلك، وعلى مدى الأشهر الخمسة الماضية، شهدت مجتمعات الشتات الإيرانية في جميع أنحاء العالم وحدة ملحوظة. اجتمع الآلاف من الإيرانيين في مدن حول العالم في مسيرات تضامنية لتضخيم أصوات المتظاهرين في إيران ولفت الانتباه إلى القمع الوحشي للنظام وانتهاكاته لحقوق الإنسان.
وخلال تجمع لثمانية شخصيات معارضة، منفية، في جامعة جورجتاون بالعاصمة واشنطن، لمناقشة مستقبل الحركة الديمقراطية في إيران، رحب ولي العهد السابق رضا بهلوي، وهو زعيم معارضة بارز، ببيان موسوي، ودعا إلى “أقصى مشاركة” لجميع الجماعات التي تناصر من أجل انتقال سلمي إلى الديمقراطية.
لكن، على الرغم من الدعم المتزايد للتغيير في إيران، لا تزال هناك عقبات وشكوك كبيرة. إذ يواصل النظام، إلى جانب أجهزته الأمنية متعددة الجهات، مقاومة دعوات التغيير ولا يظهر أي مؤشر على التراجع. كما لم تؤثر أزمة الشرعية التي تواجه الجمهورية الإسلامية على المتشددين أو فيلق الحرس الثوري الإسلامي، الذي يمتلك موارد مالية وقاعدة من المؤيدين المتعصبين الذين من غير المرجح أن يسمحوا بانتقال سلمي. وكذا خطة المعارضة لمواجهة قوات النظام الأمنية غير واضحة، وما لم تبدأ الأجهزة الأمنية في التصدع وانحيازها لجانب الشعب، فمن غير المحتمل أن يفقد النظام قدرته على خنق الاحتجاجات.
يزداد مستقبل الحركة الديمقراطية في إيران تعقيدا بسبب التوترات الحالية في البلاد مع الغرب بشأن برنامجها النووي ودعمها العسكري للحرب الروسية ضد أوكرانيا. أتاحت العلاقات الوثيقة للنظام مع الصين وروسيا إمكانية الوصول إلى تقنيات المراقبة المتقدمة، والتي تم استخدامها لقمع الاحتجاجات. ويثير احتمال سعي النظام للتدخل من روسيا في حالة حدوث أزمة خطيرة، على غرار الأوضاع في سوريا أو كازاخستان، مخاوف إضافية.
أظهرت الحكومات الديمقراطية الغربية تضامنا كبيرا مع حركة الاحتجاج في الأشهر الأخيرة. وفرضت الولايات المتحدة وحلفاؤها عقوبات على منتهكي حقوق الإنسان في النظام، وأظهر القادة الغربيون دعمهم من خلال الاجتماع بشخصيات المعارضة والاعتراف بالحركة.
لكن مستقبل هذا الدعم لا يزال غير مؤكد. ففي الوقت الذي تواجه فيه الجمهورية الإسلامية ضغوطا داخلية من الاحتجاجات وضغوطا خارجية من العقوبات المتزايدة، قد تقدم تنازلات بشأن برنامجها النووي، ما يؤدي إلى صفقة محتملة مع الغرب. ضمن هذا السيناريو، يبقى علينا أن ننتظر لنرى ما إذا كانت الحكومات الغربية ستستمر في دعم حركة الاحتجاج وجماعات المعارضة.
أخيرا، وعلى الرغم من استطلاعات الرأي التي أظهرت أن أكثر من 80 بالمائة من الإيرانيين يرفضون النظام القائم، فلا يزال حشد أعداد كبيرة من المتظاهرين داخل البلاد يمثل تحديا للمعارضة. يمكن أن يُعزى ذلك إلى الخوف من القمع العنيف من قبل قوات النظام وعدم اليقين، لا سيما بين الطبقة الوسطى، بشأن مستقبل البلاد بعد الجمهورية الإسلامية. للتغلب على هذه المخاوف، يجب على قادة المعارضة وضع خطة واضحة وقابلة للتحقيق من أجل انتقال ديمقراطي سلمي يمكن أن يكسب دعم غالبية الإيرانيين ويشجعهم على المشاركة في الاحتجاجات وأعمال العصيان المدني الأخرى.
أحدثت الاحتجاجات الأخيرة في إيران بعد مقتل محسا أميني مستوى جديدا من التقارب بين جماعات المعارضة داخل وخارج البلاد. لكن الطريق مليء بالتحديات لأن النظام لديه تاريخ طويل في استخدام العنف والقمع ضد مواطنيه، فضلاً عن استخدام نفوذه الإقليمي والدولي للاحتفاظ بالسلطة.
وعلى الرغم من هذه العقبات، فإن الوحدة غير المسبوقة بين جماعات المعارضة مدعاة للتفاؤل وشهادة على صمود وتصميم الشعب الإيراني في سعيه لتحقيق مستقبل أفضل.
*بيجان أحمدي هو المدير التنفيذي لمعهد السلام والدبلوماسية ، وهو مؤسسة فكرية للشؤون الدولية مقرها كندا.
*الترجمة والتحرير الخبري خدمة يقدمها المحرّر في منصة WHIA نقلاً عن النص الانكليزي الأصل، مع الاحتفاظ بجوهر الخبر ومراعاة دقة نقل المعلومات.