في واحدة من أقسى الكوارث الإنسانية.. أين الأمم المتحدة؟
الاستماع للمقال صوتياً
|
مقال رأي بقلم رائد الصالح*
نقلاً عن موقع CNN
*رائد الصالح هو رئيس منظمة “الخوذ البيض”، وهي مجموعة تضم ما يقرب من 3000 متطوع يعملون على عمليات الإنقاذ وتمكين المجتمع السوري.
انقضى أسبوع كامل منذ وقوع الزلزال المدمر في تركيا وسوريا – سبعة أيام من الرعب والحزن على نطاق لم نشهده حتى في أحلك ساعات الصراع السوري.
يعمل فريق الإنقاذ المتطوع من الخوذ البيض في شمال غرب سوريا على مدار الساعة ليلا ونهارا، من أجل انتشال الناجين من تحت الأنقاض، والبحث عن علامات الحياة – دون أية مساعدة تقريبا من العالم الخارجي.
تلاشى أملنا في العثور على ناجين. وبينما نخرج المزيد من الجثث من تحت الأنقاض، ينفطر قلبي على كل روح كان من الممكن إنقاذها وفٌقدت بلا داعٍ لأننا لم نحصل على المساعدة التي نحتاجها في الوقت المناسب.
نحن المنظمة الوحيدة هنا التي لديها المعدات والتدريب للقيام بعمليات بحث وإنقاذ مكثفة. لقد فعل المتطوعون المستحيل، وأنا أشعر بالتواضع بسبب تفانيهم.
وبينما أشاد مارتن غريفيث، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، بجهود البحث والإنقاذ بعد الزلزال ووصفها بأنها “لم يسبق لها مثيل في التاريخ” في شمال غرب سوريا، فقد تُركنا وحيدين لنقوم بعمليات الإنقاذ بما نملك من المعدات والقوى العاملة المحدودة الموجودة. اسمحوا لي أن أكون واضحا: لم تتلق الخوذ البيض أي دعم من الأمم المتحدة خلال اللحظات الأكثر خطورة من عمليات الإنقاذ، وحتى الآن ليس لدينا وعد بالمساعدة لاستعادة قدرتنا التشغيلية والمساعدة في جهود الإنعاش والتأهيل.
التقيت يوم الأحد مع السيد غريفيث، الذي أقر بأن الأمم المتحدة قد خذلت الناس في شمال غرب سوريا بفشلها في التصرف على وجه السرعة. “لقد خذلنا الناس في شمال غرب سوريا. إنهم محقون في شعورهم بالتخلي عنهم. البحث عن مساعدة دولية لم تصل بعد “، كتب غريفيث على تويتر يوم الأحد.
إثر وقوع الزلزال، مرت أربعة أيام قبل أن تبدأ أي مساعدات دولية بالوصول إلى شمال غرب سوريا عبر المعبر الحدودي الوحيد المصرح به لتوصيل مساعدات الأمم المتحدة عبر معبر باب الهوى. وقد تم تحديد موعد تسليم أول مساعدات تحمل الخيام ومواد الإيواء ومواد الإغاثة الأساسية قبل وقوع الزلزال. لم يكن هناك شيء للمساعدة في جهود الإنقاذ.
إن فشل الأمم المتحدة في الاستجابة بسرعة لهذه الكارثة أمر مخز. عندما سألت الأمم المتحدة عن سبب فشل المساعدة في الوصول في الوقت المناسب، كان الجواب الذي تلقيته: إنها “البيروقراطية”. وفي مواجهة واحدة من أكبر الكوارث الطبيعية التي ضربت العالم منذ سنوات، يبدو أن أيدي الأمم المتحدة كانت مكبّلة بالروتين!
قال غريفيث لشبكة سكاي نيوز في نهاية الأسبوع أن الأمم المتحدة تطلب من مجلس الأمن السماح بوصول المساعدات عبر معبرين حدوديين إضافيين، وهو نهج مضلل أهدر وقتا ثمينا. إلا أن حقوقيين و عاملين في منظمات إنسانية عديدة أشاروا إلى أن آخر ما يحتاجه السوريون المنكوبون اليوم هو تسييس عملية دخول المساعدات.
يجب على الأمم المتحدة أن تعمل بشكل أفضل. من الواضح أن شيئا ما ينكسر إذا كان النظام الذي تم إنشاؤه لحماية وإنقاذ الأرواح البشرية أثناء حالة الطوارئ يترك الأطفال يموتون تحت الأنقاض مع مرور الدقائق والساعات الثمينة.
أعلنت الأمم المتحدة يوم الاثنين أن نظام بشار الأسد وافق على فتح نقطتي عبور أخريين إلى شمال غرب سوريا لمدة ثلاثة أشهر لإدخال المساعدات الإنسانية. وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إن فتح نقاط العبور هذه “سيسمح بدخول المزيد من المساعدات بشكل أسرع”.
بمعزل عن أن الخطوة جاءت بعد فوات الأوان، فإن إصرار الأمم المتحدة على انتظار إذن النظام السوري – النظام الذي قصف بالغاز، وجوّع، وشرّد وسجن ملايين السوريين – أمر لا يغتفر. ولا يخفى على أحد أن النظام السوري ليس شريكا ذا مصداقية، أويؤتمن على معالجة معاناة السوريين جميعاً بطريقة محايدة ونزيهة.
وعلى مدى سنوات، قام نظام الأسد بمساعدة حليفته روسيا بتسييس المساعدات الإنسانية، وسعى إلى تقييد حركة وصول المساعدات الإنسانية للمدنيين في الشمال الغربي على الرغم من حقيقة أنه حتى قبل الزلزال، كان ما يقرب من 4.5 مليون شخص يواجهون أزمة إنسانية يائسة.
استخدمت روسيا مرارا وتكرارا حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن لإغلاق المعابر الحدودية، ما خفّض طرق إيصال المساعدات عبر الحدود مع تركيا إلى معبر واحد فقط. لا يكفي فتح معابر إضافية على أساس مؤقت – فهناك حاجة ماسة إلى المزيد من الطرق لعبور الحدود.
لا يمكننا أن نغفر للأمم المتحدة لأنها أدارت ظهرها مرة أخرى للمدنيين السوريين في وقت الحاجة.
أثناء بحثنا بين أنقاض آلاف المباني، كانت المجتمعات المحلية المتضررة هي وحدها من ساعدنا، سواء عن طريق إقراضنا سياراتهم ومركباتهم الثقيلة للاستجابة، أو المساعدة في الحفر، والتبرع بالوقود الذي كان بحوزتهم لتأمين حد أدنى من التدفئة لأنفسهم.
يحتاج السوريون ويستحقون المزيد من الدعم وهم يكافحون للتعامل مع التحديات الجديدة التي جلبها هذا الزلزال. كما أن منظماتنا المحلية والاستجابة تستحق التقدير والتمكين أيضاً.
لم يعد هناك وقت نضيّعه. يجب أن يكون لدى الأمين العام للأمم المتحدة الرؤية والقيادة ليضع نفسه في الجانب الصحيح من التاريخ.
ينبغي عدم اللجوء إلى مجلس الأمن أو إلى النظام السوري لتوجيه حركة المساعدات الإنسانية في المستقبل. وعلى السيد غوتيريش أن يضمن على الفور أن الأمم المتحدة ووكالات الإغاثة الدولية ستعمل دونما عوائق لضمان عدم فقدان المزيد من الأرواح.
*الترجمة والتحرير الخبري خدمة يقدمها المحرّر في منصة WHIA نقلاً عن النص الانكليزي الأصل، مع الاحتفاظ بجوهر الخبر ومراعاة دقة نقل المعلومات.