سبع خطوات لفهم طبيعة الزلزال المدمّر في تركيا وسوريا
الاستماع للمقال صوتياً
|
عشرات الهزات الارتدادية المدمرة أعقبت زلزالان قويان بقوة 7.8 و7.5 درجة بمقياس ريختر
بقلم ماثيو كابوتشي – واشنطن بوست
نقله إلى العربية المهندس بسام أبوطوق
قُتل ما لا يقل عن 10 آلاف شخص، وجُرح ما يزيد على 40 ألف ختى الآن، إضافة إلى عدد لا يحصى من الأشخاص لا زالوا من المفقودين، وذلك إثر زلزالين مدمرين هزا تركيا وسوريا ومنطقة واسعة من الشرق الأوسط.
مدينة حلب في شمال سوريا، وهي بلد غارق في حرب وحشية، تواجه الآن كارثة طبيعية هي الأفدح في تاريخها.
وسط عمليات الإنقاذ المعقدة والتي تجري في ظروف هي الأسوأ، أثار الكثيرون أسئلة حول قوة الزلازل، والمدة التي يمكن أن تستمر آثاره خلالها، ومدى تسلسل الهزات الارتدادية.
هناك سبعة أشياء يجب معرفتها عندما يتعلق الأمر بالتسلسل الزلزالي:
1- كم كانت مدة الزلزال الذي بلغت قوته 7.8 درجة؟
تشبه موجات الزلازل السطحية أمواج المحيط- حتى بعد فترة طويلة من سقوط الحجر في جسم مائي، تستمر الموجات في الانتشار إلى الخارج، الأمر نفسه ينطبق على الزلزال.
وفقا لـهيئة المسح الجيولوجي الأمريكية USGS، فإن الانزلاق الفعلي الذي تسبب في زلزال بقوة 7.8 درجة حدث خلال فترة حوالي 75 ثانية، وبالنسبة لمعظم الناس في تركيا، ربما تسبب هذا الزلزال في اهتزاز لمدة دقيقة إلى دقيقتين.
2- انتشار الموجات الزلزالية حول العالم:
شعرت أجهزة قياس الزلازل في جميع أنحاء العالم بالزلازل التي ضربت تركيا وسوريا، لكن هذا طبيعي تماما، فأجهزة قياس الزلازل داخل الشبكة العالمية لرصد الزلازل حساسة بدرجة كافية، بحيث يمكنها اكتشاف ما يعادل عشرة سنتات مطوية تحت زاوية من أمريكا الشمالية.
يمكن للعلماء تصور تطور موجات الزلزال من خلال قسم التسجيل إذا أخذوا مخططات من أجهزة قياس الزلازل حول العالم وقاموا بتطبيقها فوق بعضها البعض (مع مراعاة المسافة على المحور الرأسي والتوقيت من اليسار إلى اليمين)، حينها يمكنهم رؤية كيفية انتقال الموجات الزلزالية. لذا، حتى في كندا وألاسكا والمكسيك وأستراليا، تم تسجيل موجات الزلازل التركية بواسطة أجهزة قياس الزلازل فائقة الحساسية.
3- لماذا كان هذا الزلزال مميتا إلى هذا الحد؟ وهل جاء الزلزال الثاني بعد الأول مباشرة؟ ولماذا كان كبيرا جدا؟
تحدث الهزات الارتدادية عادةً بعد أسابيع أو أشهر من الزلزال الرئيسي وبالتتابع، وتميل إلى الانخفاض في شدتها وتكرارها بمرور الوقت.
وفقا لهيئة USGS، هناك احتمال واحد من كل 15 أن يكون زلزالا معينا “نذيرا” لزلزال أكبر. هذا يحدث أحيانا (مثل تسلسل زلزال ريدج كريستي بولاية كاليفورنيا الذي بلغت قوته 6.4 درجة في 6-4 يوليو 2019، عندما أعقبه زلزال بقوة 7.1 درجة بعد يومين).
بعد حوالي تسع ساعات من الزلزال الأول الذي بلغت قوته 7.8 درجة في تركيا، والذي ضرب بالقرب من نور داجي، في الساعة 4:15 صباحا بالتوقيت المحلي يوم الاثنين، ضرب زلزال قوي آخر- زلزال بقوة 7.5 درجة- على بعد 96 كم إلى الشمال، عادة ما يُنظر إلى هذا بسهولة على أنه هزة ارتدادية (على الرغم من شدته غير العادية)، ولكنه أكثر تعقيدا في هذه الحالة، لماذا؟
إذا نظرنا إلى خريطة للزلازل في المنطقة ورسمنا كلا من الزلزال الذي بلغت قوته 7.8 درجة والزلزال اللاحق بقوة 7.5 درجة، فإننا نرى أن هناك مجموعتين منفصلتين من النشاط، ما يعني أن الزلزال الذي بلغت قوته 7.5 درجة لم يكن الزلزال نفسه، بل بالأحرى، صدمة كبرى على صدع آخر نتج عن الزلزال الأولي الذي بلغت قوته 7.8 درجة في الجنوب.
تتعرض تركيا بشدة للزلازل- نتيجة لموقعها عند تقاطع ثلاث صفائح تكتونية، ما يجعلها منطقة تشهد اضطرابات زلزالية عالية، ومع ذلك، فإن كلا الزلزالين يتميزان بشدتهما” كما كتبت جوديث هوبارد، الباحثة وعالمة الزلازل، في رسالة إلى واشنطن بوست.
وأفادت وكالة المسح الجيولوجي الأمريكية أنه منذ عام 1977، تم تسجيل ثلاثة زلازل فقط بقوة 6 درجات أو أكثر في هذه المنطقة. الأكبر كان عند 6.7 على مقياس ريختر الذي حدث في 24 يناير 2020″.
4- ما سبب الزلزال الأول؟
بعد كل زلزال تنشر هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية معلومات عن الآلية التي تسببت في حدوث الزلزال، وخلصت إلى أن الزلزال 7.8 نتج عن صدعين يتحركان بشكل جانبي ضد بعضهما البعض، وفي هذه الحالة، حدثت صدمة من “الجانب الأيسر”، حيث تحركت كتلة من قشرة الأرض يسارا بالنسبة للكتلة الأخرى.
5 – لعل هذا ما حدث في صدع شرق الأناضول:
على طول هذا الصدع، تنزلق صفيحتان هما الأناضول والعربية، وتحتكان ببعضهما البعض، والنتيجة هي الضغط المستمر، والذي ينهار أحيانا في انزلاقات كارثية. إلى أقصى الشمال الشرقي، تصطدم الصفيحة العربية بالصفيحة الأوراسية عند ثنية حزام الدفع، مكونة زغرب والمينلاند وجبال القوقاز.
في حالة صدع شرق الأناضول، تتحرك الصفيحة العربية من الشمال إلى الشمال الغربي بنحو 15 ملم في السنة، بينما انزلقت كتلتا الأرض بحوالي 10 أقدام وفقًا لـ US GS، وتجاوزتا بعضهما البعض خلال “الانزلاق” محدثة” الزلزال الذي بلغت قوته 7.8 درجة.
وقع أكبر إنزلاق على بعد حوالي 50 كيلومترا من مركز الزلزال، لذلك انزلق ما يقرب من 250 كم.
كانت مساحة الانزلاق، كما صممتها USGS، حوالي 40 كم طولا و 30 كم عرضا.
تحركت الأرض أيضا إلى حوالي 40 سم في الثانية. قد لا يبدو هذا كثيرا، ولكن ضع في اعتبارك دفع منزل أو مبنى مكتبي أو أي هيكل آخر بهذا القدر، كل ذلك في سلسلة من الهزات ذهابا وإيابا.
تسارعت الأرض بنسبة 40٪. أنت إذا قفزت في الهواء يتم سحبك مرة أخرى إلى الأرض من خلال التسارع بسبب الجاذبية، تخيل إذاً نسبة هذا التسارع وكيف سيحوّل المشهد بأكمله، هذا يوضح قوة الزلزال.
7- توتر مكبوت من مئات السنين:
يمكن تقدير المدة التي قضاها هذا الزلزال في العمل باستخدام الرياضيات البسيطة. فلنفترض أن الزلزال حدث على طول صدع شرق الأناضول (والذي لا يمكن تأكيده بنسبة 100٪ ولكنه الموقع المحتمل). يمكن للمرء أن يقسم الحجم الإجمالي للانزلاق (3 متر) على الحركة السنوية للوحات بالنسبة لبعضها البعض (15 ملم). وهذا يعني 200 عام من تراكم التوتر.
غردت هوبارد على تويتر: التقديرات تفيد أن الضغط كان يتراكم على مدى زمني يصل إلى 300 عام.
.