الإصلاح القضائي سيحسم علاقة إسرائيل مع حليفها التاريخي
الاستماع للمقال صوتياً
|
مقال رأي بقلم هيرب كينون نقلاً عن جيروزاليم بوست
نقلته إلى العربية ريهام الحكيم
في نهاية اللقاء الصحفي الذي جمع كلا من وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، علق وزير الخارجية الأمريكي على مقترح “الإصلاح القضائي” (بالإشارة لخطة الحكومة الإسرائيلية لإصلاح القضاء) على أنه يفتقد للإجماع. وعلق مرة أخرى على نفس المسألة في اللقاء الذي جمعه بالرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتزوغ، بأن العلاقات الأمريكية الإسرائيلية والتي استمرت 75 عاماً هى علاقات متجذرة بسبب دعم الولايات المتحدة للمؤسسات الديمقراطية في إسرائيل وهو ما يتطلب المضي قدما في تبني إجماعا حول مسألة الإصلاح القضائي.
تصريحات بلينكن، أثارت حالة من ردود الأفعال الغاضبة والتي اعتبر أنها حملت تهديد بفقدان إسرائيل للدعم الأمريكي، حيث غردت وزيرة المهام الوطنية في الحكومة، أوريت شتراك عضو “الحزب الصهيوني الديني” المتطرف بالقول “عزيزي السيد بلينكن، أفهم أنك قررت إعطاء رئيس وزرائنا درسا في الديمقراطية. حسنا، الديمقراطية هي أولا وقبل كل شيء واجب الدولة في تحديد مسارها وفقا لأصوات مواطنيها ،مع إعطاء كل بطاقة اقتراع وزنا متساويا، دون تدخل أجنبي. و”المظاهرات” على الرغم من شرعيتها، فهى ليست مثل بطاقة الاقتراع”. وصرحت شتراك أيضا لإحدى القنوات الإسرائيلية بالقول “هذا تدخل في الشأن الداخلي لإسرائيل وهو لا يحمل إحترام لسيادتنا”.
وعلى الجانب الأخر، حذر وزير العمل السابق، نحماي شاي، من خسارة الدعم الأمريكي لإسرائيل وعدم فهم رسالة الوزير بلينكن، للحكومة الإسرائيلية، وخاصة أن الولايات المتحدة دائما ما تتجنب المواجهة مع حلفائها وهو ما يشير إلى احتمالية خسارة للدعم الأمريكي بسبب الإنقلاب على الديمقراطية في إسرائيل.
أشار شاي لغضب نواب الحزب الديمقراطي الأمريكي عقب خطاب نتنياهو أمام الكونجرس عام 2015 ضد الاتفاق النووي الإيراني، وهو ما اعتبره الديمقراطيون أنه تدخل في القرار الأمريكي، واعتبر شاي هذا الموقف دليلا على رفض أى دولة (خاصة تلك التي تتمتع بنفوذ عسكري واقتصادي) لتدخل دولة أخرى في شؤونها الداخلية أو تغيير سياساتها.
ولكن أمريكا ليست مجرد دولة، إنها الأقوى في العالم، وعلاقتها مع إسرائيل ليست هي نفسها مع دول أخرى حول العالم، فهي علاقة خاصة، حيث تقدم الولايات المتحدة لإسرائيل سنويا 4 مليار دولار دعما عسكريا للجيش الإسرائيلي، بالإضافة لمساعدات اخرى لا حصر لها.
ومع ذلك، لم تعد العلاقات الأمريكية-الإسرائيلية ذات اتجاه واحد كما كان في السابق، حيث تمد إسرائيل الولايات المتحدة حاليا بأصول استراتيجية ثابتة، وأصبحت إسرائيل شريكا للولايات المتحدة في جزء رئيسي من اقتصادها.
وإن كانت ومازلت إسرائيل هى الشريك الأصغر في العلاقة، ولكنها تبقى دولة حرة ومستقلة وتملك قراراها بعيدا عن الشريك الأكبر.
ويالعودة للماضي قليلا، ووقوف الجمهور الإسرائيلي عام 2009 بجانب الرئيس الأمركي باراك أوباما، وقتما ضغط على نتنياهو في قضية المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، إلا أن الجمهور الإسرائيلي عاد وعزز موقف رئيس الوزراء فيما بعد حول قضية إيران، بل وازداد التأييد الشعبي له.
ولعل طرح القضية في صيغة (إما / أو) – إما علاقات جيدة مع الولايات المتحدة أو خطة الحكومة للإصلاح القضائي – قد يثير الإستياء بين جمهور الإسرائيليين بسبب ما يعتبر فرض إملاءات لسياسة داخلية في إسرائيل من الجانب الأمريكي.
وجدير بالذكر بأن بلينكن قد عقد المؤتمر الصحفي قبل مغادرته بمدة 20 دقيقة، تحدث فيها عن تهدئة العنف الحالي، وقضية حل الدولتين والتعاون الإقليمي ومعارضة واشنطن للتحركات أحادية الجانب، والتحالف الإيراني الروسي المقلق. ولم تأخذ قضية الحديث عن الإصلاح القضائي أكثر من دقيقتين. ولذا فإن اعتبار قضية الإصلاح القضائي وجعلها حجر الزاوية في زيارة بلينكن هو الخلط بعينه بين الأجندة السياسية للفرد وأجندة وزير الخارجية.