الدور الأميركي في سوريا ما بعد الحرب على أوكرانيا
الاستماع للمقال صوتياً
|
بقلم مرح البقاعي
خيط رفيع ووحيد، لا ثانٍ له، يربط بين حربيّ روسيا الكبرتين في القرن الحادي والعشرين، الأولى على سوريا في العام 2015 والثانية على أوكرانيا في العام 2022.
هذا الخيط بدأت تتضح معالمه في ضوء الخسارات الروسية المتواصلة في أوكرانيا. فقد ظهر لبوتين جلياً أنه لن يربح هذا الحرب – رغم مكابرته وإهدار المزيد من الأرواح من أفراد جيشه ممن يزجّهم يومياً في الخطوط الأمامية لمعركة خاسرة حُكماً.
أما استقبال الرئيس الأوكراني، فلودومير زيلينسكي، استقبال الفاتحين في البيت الأبيض والكونغرس الأميركي، وتزويده بالجائزة الكبرى وهي منظومة صواريخ باتريوت الأميركية المتقدمة والثمينة، فهو أعظم رسالة توجهها واشنطن ومعها دول الحلف الطلسي لموسكو بأنها عازمة على الدعم الدفاعي لزيلينسكي حتى حسم المعركة لصالحه ولصالح القيم التي تبناها، قيم الغرب الحر في التمثيل الديمقراطي وإطلاق الحريات والزود دون الحق المطلق في السيادة الوطنية.
وبناء على رجاحة كفة المعركة لصالح زيلينسكي وحلفائه، ولعوامل اقتصادية تؤثر سلباً في قدرة الطرف الآخر في المعادلة – ولاسيما أوروبا – على احتمال ضائقة الطاقة التي يمارسها بوتين عليها، تتواتر أحاديث حول إقامة مؤتمر دولي للسلام يدخل فيه الطرفان الروسي والأوكراني في مفاوضات لإنهاء الحرب.
واشنطن – إن أرادت – ستشجّع زيلينسكي على دخول المفاوضات، ولكن لن يكون هذا الأمر مجاناً؛ المقابل الروسي لتيسير عملية السلام مع كييف ستكون حزمة من التنازلات في قضايا دولية معلّقة بينهما، بعض منها سيصب في الملف السوري، ولصالح واشنطن، مقابل دعم الأخيرة لحليفها زيلينسكي على قبول بعض من شروط موسكو لدخول المفاوضات.
فموسكو استنفذت فرصها في سوريا ووضعت يدها على هدفها الرئيس من دخول جيشها إلى الأرض السورية وهو إقامة قواعدها العسكرية، ولأول مرة، على سواحل المياه الدافئة، وستكتفي بهذا المكسب، وليذهب النظام إلى الجحيم.
من هنا أرى أن واشنطن ستكون صاحبة اليد الأعلى في رسم خارطة الطريق للحل السياسي المرتقب في سوريا. وكل ما يحدث الآن من لقاءات تيسرها موسكو بين دمشق وأنقرة، ومحاولة تعويم الأسد، لن يكون ذا قيمة أو مفعول حقيقي على الأرض حين تنطلق المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا بدعم أميركي وغربي من دول حلف الأطلسي مجتمعة.