اليمين المتطرف لتقييد هجرة اليهود إلى إسرائيل
الاستماع للمقال صوتياً
|
مقال عن واشنطن بوست بقلم شيرا روبين
نقله إلى العربية المهندس بسام أبوطوق
كانت جوليا رودبل تدرس في مدرسة ثانوية في دالاس عندما اقتحم حشد عنيف مبنى الكابيتول الأمريكي في 6 يناير 2021. فزعت رودبل من الرموز المعادية للسامية التي رفعها القوميون البيض في الحشد، ولأول مرة في حياتها، شعرت بالخوف من أن تكون يهودية في الولايات المتحدة. في الأسابيع التالية، التحقت ببرنامج الماجستير في جامعة تل أبيب، وجعلت من هجرتها إلى إسرائيل رسمية.
قالت رودبل بعد يوم من استلام وثائق الهجرة الصادرة عن الحكومة الإسرائيلية: نظرت في جميع أنحاء العالم وفي جميع الأماكن التي كان من غير الآمن أن تكون يهوديا فيها، وفجأة، أصبحت أمريكا واحدة منها. في إسرائيل أشعر بالراحة، أشعر أنني في مكاني الطبيعي.
رودبل هي واحدة من حوالي 4000 يهودي هاجروا من الولايات المتحدة إلى إسرائيل في العام الماضي. لكنها وصلت في الوقت الذي تصل فيه الحكومة الأكثر أصولية دينياً في تاريخ البلاد إلى السلطة مع خطط تحملها لحظر هجرة اليهود من أمثالها؛ فوالدة رودبل ليست يهودية، لذا فهي لا تتناسب مع المعايير الأرثوذكسية الصارمة.
يمكن للمبادرة المثيرة للجدل أن تجرد ما لا يقل عن 3 ملايين يهودي حول العالم من حقهم في الجنسية الإسرائيلية، وفقا لوسائل الإعلام الإسرائيلية، وتدعمها الصهيونية الدينية، وهي كتلة من السياسيين اليمينيين المتطرفين ستكون ثاني أكبر كتلة في الحكومة المقبلة بعد حزب الليكود اليميني الذي يتزعمه رئيس الوزراء المنتخب بنيامين نتنياهو.
في مقابلة مع محطة الإذاعة الأرثوذكسية المتطرفة، كول بارام، في وقت سابق من هذا الشهر، وعد بتسلئيل سموتريتش زعيم الصهيونية الدينية بتغيير سياسة الهجرة الإسرائيلية التي تم إقرارها بالإجماع في عام 1950 للوفاء بوعد وطن لليهود في أعقاب المحرقة، ووصف هذه السياسة بأنها قنبلة اجتماعية ويهودية موقوتة يجب التعامل معها.
يضمن قانون العودة الإسرائيلي الجنسية لأي يهودي من أي دولة في العالم قادر على إثبات ارتباطه بجَد يهودي واحد على الأقل. وقد مكن هذا القانون من هجرة حوالي 900000 يهودي من العالم العربي، وأكثر من مليون يهودي وصلوا إثر انهيار الاتحاد السوفيتي، وعشرات الآلاف ممن فروا من الاضطهاد الديني في إثيوبيا.
لكن آفي ماعوز، رئيس حزب نعوم القومي المتطرف، يقول في بيان صدر مؤخرا إن هذه السياسة تُستخدم بشكل سخيف لجلب “الملحدين” إلى إسرائيل، ولتخفيض نسبة اليهود في دولة إسرائيل بشكل منهجي، وأن الوقت قد حان لإصلاح هذه السياسة، وهذا ما سنفعله.
عين نتنياهو ماعوز لقيادة وكالة حكومية تأسست حديثا هي “الهوية اليهودية”، وكذلك منظمة “ناتيف” وهي منظمة تشرف على الهجرة من الاتحاد السوفيتي السابق، بما في ذلك اللاجئون من الحرب الروسية في أوكرانيا:
و حسب بيانات مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي، فإن معظم اليهود الذين هاجروا إلى إسرائيل من دول الاتحاد السوفيتي السابق لم يكونوا مؤهلين وفقا لمعايير ماعوز المقترحة، والتي تستند إلى قانون الهالاخاه، أو القانون اليهودي، بدلاً من قانون الدولة.
أحدثت قيود الهجرة المقترحة صدمة في المجتمع اليهودي الأمريكي، الذي يواجه زيادة في الهجمات المعادية للسامية وظهور الخطاب المعادي للسامية في التيار السياسي والثقافي السائد، وأيضا أولئك الذين يتطلعون إلى إسرائيل للحصول على ملجأ قد لا يكونون موضع ترحيب بعد الآن إذا حصل ماعوز على ما يريد.
يوم الجمعة الماضي، منح الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتزوغ لنتنياهو تمديدا لإتمام مفاوضات الائتلاف وتشكيل حكومة، على الرغم من أنه أضاف التحذير بأن نتنياهو يجب أن يحافظ على العلاقة القوية مع اليهود في الشتات.
يتّسع الصدع بين اليهود الأمريكيين وإسرائيل منذ فترة طويلة، وفقا للحاخام ريك جاكوبس رئيس الاتحاد من أجل الإصلاح اليهودي، الذي يمثل أكبر طائفة يهودية في الولايات المتحدة، لكن الحاخامية الأرثوذكسية في إسرائيل تعتبره غير شرعي.
قال جاكوبس: الانفصال عميق، لم يكن القصد من الصهيونية أبدا أن تكون مشروعا للأرثوذكس المتطرفين، وإعادة تعريف من هو اليهودي ليس امتيازا إسرائيليا، وأضاف: أن إسرائيل لا تستطيع تحمّل كسر الروابط مع أكبر جالية يهودية في الشتات في العالم.
يجهد اليهود الأمريكيون في دوائرهم الاجتماعية، وأماكن العمل، ووسائل التواصل الاجتماعي للضغط من أجل دعم إسرائيل. إنهم يجتمعون مع نوابهم في الكونغرس، وأعضاء مجلس الشيوخ للتحدث بأصوات واضحة وصريحة حول أهمية أمن إسرائيل.
في مقابلة مع قناة NBC الأميركية، يعد نتنياهو بكبح جماح التيارات المتطرفة في حكومته القادمة، ويقول أن لديه خبرات في هذا المجال، ويضيف أنه يشك في أنه سيكون لدينا أي تغييرات.
ومع ذلك، وافق الليكود يوم الخميس على مراجعة القانون كجزء من مفاوضات الائتلاف، وهي خطوة عارضها حزب نتنياهو بشدة ذات يوم.
يخشى كثيرون من أن التغيير المقترح في السياسة هو محاولة لتخريب أشكال اليهودية غير الأرثوذكسية التي ازدهرت في الشتات اليهودي بدعم من المؤسسات الأمريكية، وبدأت في إحراز تقدم في إسرائيل. 13٪ من اليهود الإسرائيليين ينتمون إلى حركة الإصلاح والمحافظة، وفقا لمكتب الإحصاء الإسرائيلي، وأعضاؤهم ينتقدون بشكل متزايد قبضة الحاخامية الأرثوذكسية على قضايا الزواج والطلاق والدفن وغيرها من جوانب الحياة الشخصية.
يستعد النشطاء الإسرائيليون التقدميون للمعركة، ويجمعون المال والدعم من الحلفاء اليهود في جميع أنحاء العالم، بحسب آنات هوفمان، المؤسس المشارك لمجموعة الصلاة النسوية “نساء الحائط”، التي احتجت على مدى عقود على سيطرة الأرثوذكس المتطرفين على الحائط الغربي، أحد أقدس المواقع اليهود.
يحظّر على النساء قراءة التوراة، ويتم إنزالهن إلى قسم منفصل. عندما تزور “نساء الحائط”، يتم البصق عليهن، وشتمهن، وفي بعض الأحيان، استُهدفن بالحفاضات المتسخة. في مفاوضات الائتلاف، يطالب حزب يهدوت هتوراة، وهو حزب في حكومة نتنياهو، بتجريم كل صلاة غير أرثوذكسية عند الحائط.
وفي صلاة روش هوديش الشهر الماضي، تعرض نشطاء يحملون مظلات مكتوب عليها شعار “عندما نصلي نرتفع” لاعتداء جسدي من قبل رجال مجهولين انتزعوا المظلات وكسروا بعضها.
ستبدأ نساء الحائط يومها الأول من التدريب على الدفاع عن النفس في اليوم الذي تؤدي فيه الحكومة الجديدة اليمين.
يقول هوفمان: “اكتشفنا جميعا أن ديمقراطيتنا هشة، وأن الحقوق التي اعتقدنا أنها ثابتة ليست محفورة تماما في الصخر”، “نحن نقاتل من أجل روح إسرائيل هنا”.