ماذا لو استمر بشار الأسد دون محاسبة؟
الاستماع للمقال صوتياً
|
بقلم ياسر أشقر*
ينطوي استمرار بشار الأسد على رأس الحكم، ولزمن مفتوح، على تكهنات مرعبة تقلق الكثير من السوريين في الداخل، وفي دول الانتشار واللجوء.
ما يؤرق السوريين بشكل متعاظم، تلك المؤشرات التي نستقبلها عبر حركة التطبيع المتسارعة مع نظام الأسد، هذا ناهيك عن انحسار اهتمام الفاعلين الدوليين والعرب عن إيجاد مخارج عادلة للمأساة السورية، وكذا بزوغ مؤشرات قوية وصريحة تدل على استعداد بعض الشخصيات في سدة المعارضة قبول ذلك برحابة صدر، ما حدا بالمبعوث الأممي “بيدرسون” أن يؤكد في الآونة الأخيرة أنَّ الأوضاع في سوريا مستقرة، وما من أحد بات يطالب بتغيير النظام.
والأنكى من ذلك، مقاربة تصريحات بيدرسون مع تأكيد مبعوث الرئيس الروسي إلى سوريا ” ألكسندر لافرنتييف” من أنَّ الدستور السوري الجديد يجب ألا يؤدي إلى إبعاد الأسد عن السلطة. وقد تم تفسير هذا التصريح بأنه يشكّل إعلاناً رسمياً روسياً عن نهاية رحلة البحث عن التغيير في سوريا. مع العلم أن روسيا قبيل ذلك كانت قد هيأت سياقاً متكاملاً يدعم موقفها في بقاء الأسد على رأس السلطة مع مخاطبة الجهات الدولية أو حتى منعها من محاسبة هذا النظام على الجرائم الكثيرة التي ارتكبها بحق شعبه، بل أن هذه الجهات الدولية بدأت تُصرّح أنها لا تريد سقوط النظام وإنما تغيير سلوكه فقط.
لكن بجردة حساب بسيطة، نستطيع أن نخبر المجتمع الدولي ماذا يعني بقاء واستمرار هذا النظام في حكم سوريا، وبالذات بشار الأسد ،الذي سبق وأعلن انتصاره على “المؤامرة الكونية” وهذا ما جعله أكثر شراسة، سواء في التعامل مع شعبه أو مع محيطه العربي والإقليمي، وصولا إلى الدول الغربية التي وقفت (بخجل) ضده في مناصرة مطالب الشعب السوري.
إنَّ استمرار بشار الأسد في السلطة يعني منحه مزيداً من تطوير آليات التعذيب والقتل والانتقام والاغتيالات بحق كل من سبق أن عارضه ومن سيكون مستقبلاً.
مع الأسد سوف تزداد الجرائم ويعم الفساد والمحسوبية ويتصاعد مستوى الفقر وتتراجع الخدمات وينهار التعليم، وهذا بدوره سيؤدي إلى الجهل الثقافي وانهيار منظومة القيم، وبالتالي نشوء مجتمع انتهازي ومفكك وجاهل. وهذا ما تنضوي عليه أهدافه للقبض نهائياً على كل أطراف المعارضة، ويُبقي معه في النهاية الجهلاء الذين يسهل التلاعب بهم والسيطرة عليهم.
ولأن بشار الأسد استعان بحلفائه من الإيرانيين والميليشيات التابعة لهم بالإضافة إلى الروس من أجل تثبيت حكمه ومواجهة ثورة شعبه، فإن هؤلاء الحلفاء سوف يسعون للحصول على امتيازات لا نهائية في البلد التي ساعدوا نظامها، وهم على الأغلب لن يغادروا سوريا، بل سيتابعوا نهب الثروات على حساب إفقار الشعب السوري.
ومما لا شك فيه، أن روسيا تسيطر اليوم على القرار العسكري في سوريا وتتحكم بقطاعات أمنية أصبحت تابعة لها ، أما إيران فسعت لخلق بيئة طائفية موالية لها عبر خلق كانتونات تحمل هويتها وتمتلك كل عناصر القوة لمواجهة باقي فئات الشعب، وهو ما يضع سوريا على فوهة بركان طائفي قابل للانفجار في أي لحظة، ويمكن أن يستمر في الاشتعال والتدمير لعشرات من السنين تأتي.
*ياسر أشقر – مترجم وكاتب صحفي مقيم بميشيغان في الولايت المتحدة.