من نانسي إلى مرح.. مع الحب!
الاستماع للمقال صوتياً
|
مرح البقاعي
رسالة المحرّر
لا أعرف كيف وصل عنوان بريدي الالكتروني إلى حملة السيدة نانسي بيلوسي – وهي اليوم غدت المتحدثة السابقة باسم مجلس النواب – لأتلقى رسالة من حملة تديرها لجمع التبرعات إثر إعلانها الرسمي عن مغادرتها موقع زعامة الحزب في المجلس، وأنها ستترجّل لتبقى عضواَ عادياً فيه.
إلا أنه لا يمكنني سوى أن أبدي إعجابي بالانتقال الديمقراطي السلس للسلطة في واشنطن، المبني على صوت كل مواطن أميركي أدلى برغبته الخاصة وحدّد اختياره لاسم من يمثله في دوائر القرار السياسي الأعلى في البلاد.
كما أني لا أخفيكم سراً أن الفوز المتواضع للجمهوريين الذين أنتمي إليخم منذ عشرين عاماً، إنما ينبي عن حتمية الإصلاح في البنية الأساس للحزب، وفي نظامه الهرمي غير المرن، وفي ضرورة تجديد الدماء فيه وحقنها بخبرات وطاقات نسائية وشبابية تحمل معها أفكاراً جديدة ومبتكرة تواكب سرعة العصر والنقلات العالمية في السياسات والاستراتيجيات.
كما لا يمكنني إلا أن أنقل للقارئ مشهد القيم والتقاليد الأميركية التي تحكم التجديد السياسي إثر كل انتخابات عامة، وكيف يرسم كل زعيم سياسي الخطوط العامة لإرثه حين يغادر منصبه بافتتاح صرح ثقافي باسمه أو بتأسيس منظمات إنسانية لدعم الحريات والعدالة والديمقراطية للشعوب، أو في إطلاق مركزً للبحوث السياسية وتطوير صناعة القرار وآلياته.
هكذا شهدنا تأسيس معهد رونالد ريغان الرئاسي، ومكتبة أوباما العامة، ومؤسسة جورج بوش الإنسانية، واليوم تجمع نانسي بيلوسي التبرعات لإنشاء ما دعته “صندوق إرث بيلوسي”.
للمصداقية، سأضعكم في ترجمة لصيغة الرسالة التي وصلتني (بالخطآ) كما وصلت الألوف من أنصارها، علماً أني لن أتبرّع للسيدة بيلوسي.
كتبت بيلوسي:
مرح، كان شرفاً لي أن أخدمك كرئيسة لمجلس النواب.
على الرغم من أنني أعلنت للتو أنني سأتنحى عن زعامة الحزب الديمقراطي – إلا أنني أتعهد بتكريس بقية حياتي لمساعدة الديمقراطيين على الفوز والحفاظ على تقدمهم.
ولهذا السبب أطلقت للتو صندوق Pelosi Legacy Fund الخاص بي.
مرح، لقد أعلنت للتو أنني سأتنحى عن منصب رئيس مجلس النواب للمساعدة في بدء موجة جديدة من الديمقراطيين لقيادة بلادنا إلى الأمام.لقد كان أكبر شرف في حياتي أن أكون المتحدث الخاص باسمك.
أفضل طريقة يمكنك من خلالها تكريم الإرث الذي عملت على بنائه هي مساعدتي في حماية كل خطوة في مسيرتنا نحو الأمام الذي كافحنا لتحقيقه.
وهذا هو سبب إعلاني عن صندوق إرث بيلوسي. سيذهب كل دولار لانتخاب الديمقراطيين، وهزيمة الجمهوريين، ودعم الموجة الجديدة المذهلة من القادة الديمقراطيين الذين سيدفعون ببلدنا إلى الأمام.
ليس هناك من ينكر أن الديمقراطيين حققوا للتو انتصارات تاريخية في هذه الدورة التي تحدت التوقعات وأوقفت الموجة الحمراء التي اعتقد الجميع أنها قادمة. لقد حققت ذلك يا مرح.
آمل أن أحصل على 100000 تبرع قبل منتصف ليل اليوم لأاعلن عن إنطلاق صندوق Pelosi Legacy Fund.
فصل المقال يكمن في روح الرسالة وليس في متنها. فلم نشهد بيلوسي مثلاً تدخل قصراً جديداً لتسكنه بعد انتهاء خدمتها العامة، ولا هي اقتنت يختاً ضخماً لرحلاتها الترفيهية الخاصة، أو أنها توسطت -مستغلّة منصبها – لتعيين أبنائها أو أقرباء لها في مناصب عليا قبل مغادرتها السلطة.
ولأني جمهورية ولم تمثلني بيلوسي يوماً، إلا أني لا أملك إلا أن أحتفي بالمنطق السياسي وبالمسؤولية الوطنية والأخلاقية التي يجب أن يتمتع بها السياسي الأميركي في دولة القانون.