في دوغما الطموح الروسي
الاستماع للمقال صوتياً
|
المحامي أدوار حشوة
بعد سقوط الاتحاد السوفياتي وانتهاء الحرب البارده وتبعثر دول الاتحاد، فقدت روسيا قطبيتها الدولية، في حين صارت الولايات المتحدة الأميركية هي القطب الأول بحجمها السياسى والعسكري في العالم.
الصين تحولت من استراتيجية عداء الغرب الرأسمالي إلى استراتيجية التجارة معه، وحققت مكاسب اقتصادية باهرة، وغزت أسواق الغرب والعالم، وصارت القطب الاقتصادي الأول والميزان التجاري لصالحها كدولة دائنة لا مدينة.
روسيا تراجع اقتصادها، وسياسة العداء للولايات المتحدة داخليا لم تتغير، والرأي العام عاد للحنين إلى معاداة الغرب. وحاليا لم يبق لها من دور قطبي عالمي غير حق الفيتو الذي ورثته من الاتحاد السوفياتي ولكنها لا تمثل ثقلا مهما في المجتمع الدولي.
الرئيس بوتين القادم من عالم المخابرات السوفياتي، هدفه أن يستعيد أدوار وحجم الاتحاد السوفياتي ليلاقي حنين الرأي العام، فصار يتدخل في شؤون الدول لكي يبدو لاعبا سياسيا مهما مستغلا حق الفيتو ليعطل أي إجماع دولي، وعن هذا الطريق يعتقد أنه سيبدو حاجة ضرورية للسلام والاستقرار في العالم.
الطموح الروسي هو الوقوف ضد نظام القطب الواحد لا بالقوة ولا بالاقتصاد، بل بسلاح حق الفيتو المعطِّل.
في الاقتصاد ليس لروسيا أهمية في العائد العالمي ونسبة مشاركتها لا تتجاوز 6%، في حين نسبة الصين 23%، أوروبا 22%، والولايات المتحدة 21%.
مما لا شك فيه أن الدور الروسي المعطل يعود تصاعده إلى توجهات السياسة الأميركية في عهد الرئيس أوباما وامتدادا إلى عهد الرئيس ترامب، ما أعطى الروس بطاقة مرور خضراء للتدخل خارج حدود الحجم والضرورة في سوريا، وفي قلب مناطق النفط والغاز، ولأول مرة وصلت قواعدها إلى شواطئ المياه الدافئة على البحر الأبيض المتوسط.
مع بطاقة المرور هذه صارت روسيا على يقين من ضعف الغرب، الأمر الذي يحقق لها دورا يسمح لها بتنفيذ مخططها في استعادة دور الاتحاد السوفياتي ودوله.
في العام 2014 هاجمت أوكرانيا واستولت على القرم ومنطقتين مقابل صمت الغرب وأميركا.
استغلت روسيا هذا الضعف فهاجمت عموم أوكرانيا وحاصرت عاصمتها كييف، فتحركت أميركا وأوروبا ودعمت أوكرانيا في حق الدفاع ولكن في حذر ورغبة معلنة أنها لا تريد الحرب مع روسيا.
إذا تُرك بوتين على هواه سيتحول إلى هتلر روسي، وسيعرّض دولا أوروبية لخطر محتوم.
طموح بوتين (كل ما كان من دول الاتحاد السوفياتي هو لروسيا أو منطقة نفوذ لها).
هذا الطموح يحتاج وقفة صلبة لإرادة عالمية مضادة، وإلى ولايات متحدة أميركية
تجيد الردع.