كل الدروب إلى صنعاء سالكة!
الاستماع للمقال صوتياً
|
المحامي أدوار حشوة
اليمن أرض العرب العاربة (أبناء قحطان)، والآخرون في الجزيرة هم من العرب المستعربة (أبناء النبي اسماعيل بن إيراهيم). ومن هذا التنوع العرقي كانت هناك عبر التاريخ صدامات بينهما.
كان اليمن عصيا على أي احتلال أجنبي عبر التاريخ. أرض جبلية وتطل على ساحل يمتد من البحر الأحمر إلى بحر العرب، ويملك قدرة دفاعية خاصة، إلى درجة أن الدولة العثمانية لم تحاربه وتركته إختيارا للإمام حميد الدين وأسرته في منطقة حكم ذاتي وبقي كذلك مستقلا.
الملك عبد العزيز في حروبه لتوحيد الجزيرة اصطدم باليمن وأرسل جيشين لمحاربة الإمام يحيى حميد الدين الجيش الأول بقيادة سعود بن عبد العزيز والثاني بقيادة ابنه الثاني فيصل، وكلاهما تعثرا في الحرب في منطقة جبلية وعرة، فكتب سعود يطلب أغذية واموالا لشراء العشائر، في حين كتب فيصل يطلب أن يصالح والده اليمن ويتنازل لهم عن مناطق يطلبونها في نجران، وأن لا يعود للحرب معهم لأنهم قادرون على حرب طويلة، والمحارب لا يحتاج في اليوم الواحد لأكثر من 3 تمرات في مسيرة 3 أيام من صعدة إلى صنعاء.
الملك وافق على الصلح وسحب قواته وأعطاهم مناطق في نجران وأوصى أبناءه أن لا يقربوا اليمن.
كان نظام الحكم اليمني إماميا يملك السلطتين الدينية والدنيوية، فالإمام يحكم بلدا يسود فيه المذهب الزيدي، وهو مذهب من مذاهب الشيعة والأقرب الى أهل السنة.
عام 1962قام عبد الله السلال (ضابط من صنعاء) بانقلاب عسكري على النظام الإمامي مدعوما من مصر وقوى من أحزاب اليسار العربي أغلبهم مقيمون خارج اليمن بين مصر ولبنان وسوريا، وتخصيصا من الناصريين والبعثيين والقوميين العرب.
إثر الإنقلاب غادر الإمام البدر بن حميد الدين، آخر حكّام المملكة المتوكلية اليمنية – إلى السعودية. أما مصر فأرسلت قوات، وساهمت في إحداث تغيير بسيط في المجتمع وقدمت شهداء واستعجلت الانسحاب وتركت فراغا.. وشهد اليمن أحداثا وخلافات بين أحزاب وعشائر.
القوميون العرب سيطروا في عدن، وحزب الحق الذي أسسه عام 1997 عبدالملك الحوثي وأخوته في صعدة، وكانت حصة البعث وزارة الخارجية التي تسلّمها صديقنا محسن العيني. وشهد اليمن على امتداد عقدين من الزمن حكومات عديدة غلب عليها الطابع العسكري.
في العام 2014، وإثر خلافات داخلية نشبت بعد رحيل الرئيس على عبدالله الصالح، اقتحرت السعودية حلا سياسيا رفضه الحوثيون.
وقام لواء مسلح بقيادة ابن علي عبدالله الصالح ومعهم عشائر من أنصار الله باجتياح صنعاء وما حولها فاندلعت الحرب الحالية، وانهارت الدولة، وسقط ضحايا بعشرات الألوف من الطرفين، ووقعت مجاعات وهجرات، ومبعوث أممي يأتي ومبعوث يغادر، ولا حل! فإيران تدخلت بالمال والسلاح إلى جانب الحوثين ضد السعودية، وتحول الصراع الى حرب أهلية ومذهبية.
في عدن تدخلت دولة الإمارات عسكريا ودعمت وجودا شعبيا يعارض وحدة اليمن مكونا من يسار ماركسي ويسار معتدل وحكومة محلية موالية للروس.
هذا هو الوضع الحالي، ومن يعتقد أنه بالمال أو السلاح سيحسم الحرب لصالحه بعد هذه المجازر ويعيد السلام ووحدة اليمن بـ “تبويس الشوارب” يقع في الخطأ.
بدون حل دولي وعربي يخفف من الوجود والتأثير الإيراني لا يمكن في الزمن المنظور أن تنجح الهدنة. ولكن إذا سقط النظام في إيران، وأعيدت روسيا إلى حجمها واتزانها، فحينها ستكون كل الدروب إلى صنعاء سالكة.
مما لا شك فيه أن السعودية تورطت في حرب استنزاف لمدى طويل، وصارت هذه الحرب ساحة لأهداف أبعد من مساحة اليمن، ومع ذلك لا نافذة أفضل من الأمم المتحدة.