حزب الله وإسرائيل.. من تفاهم نيسان إلى التطبيع
الاستماع للمقال صوتياً
|
المحامي أدوار حشوة
مرت على لبنان ثورات واحتلالات وأحداث تسببت في إنهيار نظامه المصرفي وقطاعات السياحة والطب والصحة والنقد والتعليم، وصار دولة تحت الإفلاس والإحتلال الإيراني وحكومة من الحرامية!
من يعتقد أن المفاوضات بين إسرائيل ولبنان برعاية أميركية هي لوضع خارطة للحدود البحرية تمهيدا لإقتسام الثروات النفطية والغازية يقع في الخطأ، فهي مفاوضات تذهب من الحدود والغاز والنفط إلى الاعتراف والتطبيع والسلام.
في أي حرب بين دولتين لم تحسم بعد، يمكن لكليهما عقد مفاوضات برعاية مراقبين من الأمم المتحدة من أجل تلوصول لهدنة هدفها وضع حدود لوقف إطلاق النار ومناطق المجردة من السلاح، ولا تتجاوزهما، ولا تحمل معنى الاعتراف ببعضهما. ويمكن لأي طرف أن يعود للقتال وقت يشاء، وليس للهدنة زمن ملزم وليس فيها أي اعتراف أو الوعد به.
الرئيس الأميركي كشف هذه المفاوضات ولم يعتبرها جزءا من اتفاقية الهدنة، واعتبرها إتفاقية اعتراف وسلام وقال ذلك صراحة لقادة اسرائيل حين أوقفوا المفاوضات (بأنها لصالح اسرائيل وتتم بموافقة حزب الله وهي فرصة لا يجب خسارتها).
قاد المفاوضات من الجانب اللبناني، نبيه بري، مفوضا من حزب الله، وباقي الوفد اللبناني مجرد ديكور .
حزب الليكود رفض المفاوضات مقتنعا أن إسرائيل ليست بحاجة لمفاوضات مع حزب الله لاستثمار نفط وغاز الساحل، لأنها قادرة على حماية هذا الاستثمار بالقوة في حين أنها تستطيع منع لبنان من الاستثمار إلا بشروطها.
حزب الله وقع مع إسرائيل تفاهم نيسان في العام 2006 وأذعن وأبعد قواته مسافة 50 كم عن حدود إسرائيل، وتعهد بحراسة حدودها من أية عمليات من طرف عناصره أو من غيرها في سلام شبيه بسلام الأسد على الحدود السورية الإسرائيلية.
في السياسة لا يمكن جمع حالة العداء والحرب في عقود عمل وامتياز بحجم استثمار النفط والغاز في شراكة لا استقرار فيها ولا يمكن لأي شركة استثمار أن تعمل في منطقة بدون ان يسبقها اعتراف وتطبيع وصلح معلنا جاء أم مستورا.
الاستثمار بالشراكة مع لبنان – وفيه ألوف الصواريخ خارج سيطرة الدولة وبيد حزب الله الذي قراره بيد إيران – هو مجازفة تفتقد الحكمةوالثقة، وهو سبب اعتراض نيتنياهو غلى العملية برمّتها.
في المفاوضات تنازل نبيه بري مبكرا وسريعا عن الخط 29 إلى الخط 23، وعدد من أعضاء الوفد فوجئوا بقراره ىدون مشورتهم.
الخط 29 هو خط الجيش اللبناني موثق بمخططات ودراسات دولية. أما الخط 23 فهو خط اسرائيل ابتلعت به مساحة نفطية مدروسة تبلغ 600 كم مربع.
شركة توتال هي الواجهة لمجموعة شركات غربية صاحبة امتيازات التنقيب والانتاج والتصدير، وعون ونصرالله ونبيه بري استعجلوا الأمر قبل زوال تغطية عون لهم بالانتخابات، لكي يضعوا عمولاتهم في جيبهم.
بعد أن حصلت إسرائيل على التنازل إلى الخط 23، دفعت بطلب معطّل، وصارت تريد مساحة من الأرض اللبنانية تقابل الخطوط المتنازل عنها تضم مدينة رأس الناقورة وما حولها، مدعية أن المساحة المقابلة للخط 29 يجب أن يكون من حقها حرم مقابل في البر .توقفت المفاوضات بانتظار تنازل حزب الله وعون وبري عن الناقورة، لولا التدخل الصارم من الرئيس الأميركي شخصيا معتبرا موافقة حزب الله تعني التطبيع والاعتراف ولا يجب خسارتها .
لولا تنازل حزب الله عن الخط 29 المقابل لرأس الناقورة، بسرعة ودون دراسة وخلافا لتقرير الجيش، ما كانت اسرائيل ستطالب برأس الناقورة.
الآن صرنا نعرف لماذا إذا ضربت إسرائيل قوات حزب الله في سوريا، لايرد عليها حزب الله في إسرائيل، ويكتفي بعبارته المكرورة: سنردّ في الوقت المناسب!