بوتين إذا “كبّر رأسه”!
الاستماع للمقال صوتياً
|
المحامي أدوار حشوة
من يعتقد أن قرار ضم عدة أقاليم من أوكرانيا عبر استفتاء في زمن الحرب يعكس موقف قوة روسي، فإنه لا ريب يقع في الخطأ، لأن هذا القرار إنما هو موقف يأس وحسب! فحين لم يتوفر لبوتين أن يحقق الضم بقوة الحرب، لجأ يأسا إلى حلول على الورق.’
بوتين يخسر على أرض المعركة -وبشكل متدهور – خسارات غير قابلة للعكس أو التعديل.
زيلنسكي حشد أكثر من مليون جندي تدرّبوا مسبقا، فكانوا أكثر فاعلية على الأرض مع دعم غربي بارز ومتطور لهم في السلاح، ومع دعم مالي بلغ 17 مليار دولار من الولايات المتحدة وحدها، و 13مليار آخر هي على الطريق.
حتى قوات الاحتياط لن تساعده على عكس الواقع الصعب، لأن الاحتياطي غير مدرّب، وفي العرف العسكري وباللهجة الشامية الدارجة هو احتياطي “مبهدل” ولا يفيد إلا للاستهلاك الداخلي.
في نفس يوم ضم الأقاليم بالاستفتاء، حرّر الأوكرانيون 600 كم مربع من أراضيهم المحتلة، ومدينة كبرى هي مدينة ليمان، عقدة المواصلات والإمداد الهامة.
حاليا ما يزال بوتين يدّعي الصمود والنصر، ولكن بعد وقت سيكون هناك اعتراف بالخسارة، وسيشهد تراجعا إلى خطوط دفاع خلفية.
انضمام أوكرانيا إلى الناتو سيتمّ، ولكنه ليس حاليا على الطاولة، لأن الأهم الآن هو المحافظة على الخط الانهزامي للروس.
سيواجه الروس ما بعد تراجعهم إلى خطوط خلفية، تفكك قطعات عديدة بسبب الهروب الفردي والاحتياطي وفرارهم الآلاف إلى دول الجوار. أضف إلى ذلك انتشار الكسل والفوضى والفساد في الإدارة.
ضابط متقاعد أميركي حين سألته ماذا لو استعمل بوتين نوويا تكتيكيا محدودا داخل أوكرانيا؟ قال: “سنرد وندمّر قواعدهم وسفنهم في البحر الأسود ونقطع خطوط مواصلاتهم وذخيرتهم إذا استلزم الأمر، فلا مجال للتفكير بالديبلوماسية مع مجانين”.
المادة الخامسةمن حلف الناتو (أي عدوان على أي عضو فيه هو اعتداء على الكل).
الرئيس الأميركي وجه تهديدا مباشرا لبوتين (سيد بوتين، لا تسِء فهمي أبدا! فإذا اعتديت على أي عضو في الناتو سندافع عن كل إنش من أراضيه).
يخطئ بوتين خطاَ فادحا إذا “كبّر رأسه”، وعليه أن يسعى إلى من يساعده سياسيا على انسحاب مشرّف لأنه خسر الحرب.
في قلب هذه المعمعة، اندلعت حرب داخلية بين بوتين و جنرالات من جيشه، وكل طرف حمّل الآخر المسؤولية عن الفشل. بينما يخوض الطرفان صراع تصفية متبادلة بدأها بوتين بتسريح ضباط كبار كانوا نجوما في احتلال سوريا.
كل المؤشرات تنبئ أن خط التطهير يمكن أن يمرّ على بوتين نفسه، ما سيكون المخرج الوحيد والأسرع للأطراف كافة من غلواء هذه الحرب المدمّرة.