خيبة أمل العراقيين إلى عنان السماء.. هل يتدخل المجتمع الدولي؟
الاستماع للمقال صوتياً
|
بغداد – وايتهاوس إن أرابيك
توقف الزمن بالعملية السياسية في العراق، إلى ما بعد الانتخابات المبكرة، التي أجراها في تشرين الأول أكتوبر من العام الماضي، فيما تعمقت الأزمات بين الأفرقاء، وسط تحول في مزاج الرأي العام، وتموضع جديد للأحزاب.
عندما كانت الحكومات العراقية، تتشكل خلال السنوات الماضية، فإنها تقوم على التوافق والمحاصصة بين الكتل الفائزة، وعندما أراد زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، تغيير تلك المعادلة، رفضت أغلب الأحزاب، بما فيها حلفاؤه، من الأكراد والسنة.
لذلك، فإن الخلاف اليوم ليس على مسألة تشكيل الحكومة، وتوزيع الوزارات، والوظائف فيها، وإنما حول شكل الحكومة، وترسيم الحدود بين الأقطاب الحاكمة، وانبعاث رؤية جديدة شعبية، وسياسية كذلك، نحو حصر المسؤولية بيد عدد قليل من الأفراد، ليسهل محاسبتهم لاحقاً، وتحديدهم، في بلد يعني من مسألة الإفلات من العقاب.
ويبدو أن عملية الحكم السياسية، وصلت إلى طريق مسدود بفعل الضغوط الشعبية، والتزام مقتدى الصدر، برؤية حكومة أغلبية، على أن يذهب الآخرون، نحو خانة المعارضة.
تدخل دولي
هذا المشهد فتح الحديث كثيراً في ساحات النقاش العراقي، عن إمكانية حصول تدخل دولي، وإن كان محدوداً، لتصويب العملية السياسية، وهذا يأتي مدفوعاً بالالتزام الأخلاقي للمجتمع الدولي، الذي يتعين عليه دوماً تقديم المساعدة للشعب العراقي، بسبب الأخطاء الكارثية التي ارتُكبت منذ سقوط نظام صدام حسين عام 2003، وعدم القدرة على تأسيس نظام حكم يقوم على العمل المؤسساتي، ويحافظ على الهوية الوطنية.
في وقت سابق من الثلاثاء، قدمت مبعوثة الأمم المتحدة لدى العراق، جينين بلاسخارت، إحاطة لمجلس الأمن الدولي عن الوضع في العراق إذ أكدت أن الخلافات تسود على لغة الحوار في البلاد، مشيرة إلى أن المحافظات الجنوبية تشهد مناوشات مسلحة والطبقة السياسية غير قادرة على حسم الأزمة.
وتشير بذلك، إلى الصدامات المسلحة التي تعيشها محافظة البصرة الجنوبية، وتتجدد بين الحين والآخر، بين الفصائل المسلحة، التابعة للتيار الصدري، وأخرى تابعة للإطار التنسيقي المدعوم من إيران.
وقالت بلاسخارت: إن “خيبة أمل الشعب قد وصلت إلى عنان السماء، لقد فقد العديد من العراقيين الثقة في قدرة الطبقة السياسية في العراق على العمل لصالح البلد وشعبه، ولن يؤدي استمرار الإخفاق في معالجة فقدان الثقة هذا سوى إلى تفاقم مشاكل العراق”.
ولفتت إلى أن “النظام السياسي ومنظومة الحكم في العراق يتجاهلان احتياجات الشعب العراقي، ويمثل الفساد المستشري سبباً جذرياً رئيساً للاختلال الوظيفي في العراق، ولا يمكن لأي زعيم أن يدّعي أنه محمي منه، وإبقاء المنظومة كما هي سوف يرتد بنتائج سلبية”.
وقالت، إن “الدعوات الموجهة لقادة العراق كثرت لحثهم على التغلب على خلافاتهم وتشكيل حكومة منذ إجراء الانتخابات قبل عام، في العاشر من تشرين الأول/أكتوبر 2021″، مشيرة إلى أنه “خلال الأشهر الأثني عشر الماضية كان للشقاق ولعبة النفوذ السياسي الأولوية على حساب الشعور بالواجب المشترك وقد تركت الأطراف الفاعلة على امتداد الطيف السياسي البلد في مأزق طويل الأمد. وكان العراقيون رهينة لوضع لا يمكن التنبؤ به ولا يمكن احتماله، ليتحول إلى اشتباكات مسلحة”.
آفاق الحلول
كان الصدر يلتزم الصمت السياسي، لكن الأجواء الإعلامية التابعة كانت تتعهد بمزيد من الاحتجاجات والاعتصامات في حال المضي بتشكيل الحكومة، ويوم الثلاثاء، تبين كذلك أن هذا الموقف تقريباً، هو موقف الصدر.
وأعلن الصدر، استعداده للحوار، لكن بشرط أن يكون علنياً أمام الشعب العراقي، ويفضي إلى إقصاء الطبقة السياسية الحالية من سدة الحكم في البلاد، وهي شروط تبدو صعبة المنال، بسبب تعقيدات الوضع، وتمسك الفاعلين الأساسيين بموقفهم، وعدم التفريط بامتيازاتهم.
ويتعين بشكل سريع على الأحزاب الحالية، التي حكمت البلاد لمدة عقدين، التنحي من السلطة، وتقوية المجتمع المستقل لتسلم زمام المبادرة، مثل النواب المستقلين، والشخصيات غير الحزبية من التكنوقراط، كخطوة أولى، ثم البدء بتسليم زمام الحياة السياسية، والانسحاب بشكل هادئ، في حال كانت هناك نوايا سليمة بالفعل، وتبحث عن مصالح الشعب العراقي.