العراقيون حين يلاحقهم شبح المجهول!
الاستماع للمقال صوتياً
|
ريهام الحكيم
وايتهاوس إن أرابيك – بغداد
يعيش العراقيون منذ نشوب الأزمة السياسية الأخيرة عقب الإنتخابات النيابية التي أجريت في أكتوبر/تشرين الماضي، أزمات معيشية واقتصادية بعدما تحول الإنسداد السياسي إلى حجر عثرة في تشكيل حكومة مكتملة الصلاحيات وتحقيق تنمية إقتصادية تنجح في تجاوز التراكمات التي خلفها الجمود السياسي.
وعلى وقع الصراع المحتدم بين السياسيين، انعكست حالة من الخوف والتهديد على حياة العراقيين ومصادر رزقهم مع عدم تمكن القوى السياسية من تشكيل حكومة لإدارة دفة البلاد، فضلا عن تصاعد الخلافات بين القوى الشيعية المتصارعة “التيار الصدري” وتحالف “الإطار التنسيقي” حول شكل الحكم، وآلية تشكيل الحكومة.
وبعد فشل البرلمان في الإتفاق على اسم رئيس الجمهورية، أو رئيس الوزراء الجديد، امتد الصراع على السلطة بين الفصائل المتناحرة إلى اشتباكات دموية في شوارع العاصمة بغداد.
ارتباط السياسية بالاقتصاد
وترتبط أزمة العراق السياسية بأزماته الإقتصادية، فالحروب والصراعات ساهمت في اختلال هيكل الإنتاج وضعف قطاعات الصناعة والزراعة والخدمات.
ولم يستفيد المواطن العراقي من ارتفاع أسعار النفط عالميا، بسبب تعطل مشروع قانون الموازنة العامة لسنة 2022، والذي بدوره أثرعلى إنسيابية عمل الإدارات الحكومية في تنفيذ برامجها وخططها.
وتتخطى نسبة البطالة في العراق، حدود 35 في المئة نتيجة توقف الأعمال في القطاع الخاص، وبسبب سوء الإدارة الإقتصادية والإعتماد على الاقتصاد الريعي، حيث باتت الدولة هي الممولة الوحيدة لمعيشة المواطنين.
أما الفساد، فبدأت قصته فى العراق قبل أكثر من 19 عاما بعد الغزو الامريكى للعراق فى 2003 مباشرا، حين بدأ الحديث عن مشاريع إعادة الإعمار التي استنزفت مليارات الدولارات على مشاريع البنى التحتية التي لم ترى النور، فضلا عن العقود الوهمية لتسليح الجيش، وأخرى للنفط والخدمات العامة وبناء آلاف المدارس.
وذكرت منظمة الشفافية الدولية أن العراق في المرتبة 157 من أصل 180 دولة في مؤشر مدركات الفساد.
وحذر تقرير البنك الدولي من أن المزيد من التأخير في تشكيل الحكومة وإقرار موازنة عام 2022، سيؤدي إلى الحد من إستخدام إيردات البلاد المفاجئة من النفط، وقد يخفض النمو الإقتصادي مجددا.
أزمة متعددة الأوجه
ويتزامن الصراع السياسي في وقت يرتفع فيه أسعار الطاقة بعد غزو روسيا لأوركرنيا، وغياب الحكومة الجديدة والإنفاق العام المستقر يعيق اى استراتيجية طويلة الآجل للتعامل مع أزمات العراق الإقتصادية والبيئية.
ويعتمد العراق على النفط لتمويل موازنته منذ عقود، وليس من السهولة عليه الإنتقال إلى مورد آخر بسرعة، إذ تحتاج القطاعات الإنتاجية إلى مراحل متعددة من بنى تحتية وموارد بشرية وخبرات لتهيئتها وإعدادها كمصدر مالي يستطيع تمويل الموازنة.
وللتغير المناخي ايضا تأثيرة على السكان المحليين، إذ يواجه العراقييون قسوة تأثير ارتفاع درجة حرارة كوكب الارض، طبقا لتقرير منظمة “بيركلي إيرث” الأمريكية لعلوم البيانات البيئية.
والعراق هو خامس دولة معرضة لتاثيرات تغير المناخ. وأشار تقرير المنظمة الدولية للهجرة، إلى نزوح 20 ألف شخص العام الماضي من مناطقهم بسبب ندرة المياه.
كما أن الصراع السياسي ساهم في تأخير مشاريع البنية التحتية التي تدعم إمدادات المياة، و ملف التفاوض بشان الوصول إلى المياه مع الحكومات المجاورة مثل تركيا، وهو ما يقود إلى المزيد من تأثر البلاد والمواطنيين بتدهور المناخ.