العراق.. الصدر يرمي كرة النار في “حضن” السنّة والأكراد
الاستماع للمقال صوتياً
|
وايتهاوس إن أرابيك- بوّابة العراق
بغداد – عمر الشمري
رمت الأطراف السياسية العراقية بجميع أوراقها تقريباً، في سياق صراعها نحو السلطة، وبلغت مستويات عليا، مثل الاشتباكات المسلحة، فيما دخلت تلك الأطراف هدنة غير معلنة، حتى انتهاء زيارة أربعينية الإمام الحسين.
وطالب الصدر، حلفاءه من القوى السنية والكردية، بالاستقالة من مجلس النواب، لنزع الشرعية عنه، ومن إمضاء إجراءات الانتخابات المبكرة، وهو مطلب لأول مرة يعلنه الصدر بشكل واضح، ما يضع حلفاءه في حرج بالغ، فضلاً عن إحراج الصدر، في حال رفضهم لذلك، وهو أشارت إليه بعض التعليقات السياسية.
ويتمثل مطلب الصدر الآن، بحل مجلس النواب، وإجراء الانتخابات المبكرة، تحت إدارة حكومة مصطفى الكاظمي، مع رفضه تعديل قانون الانتخابات، وهو مسار ترفضه قوى الإطار التنسيقي، المدعومة من إيران، إذ تخشى من تكرار سيناريو انتخابات عام 2018، التي مُنيت فيها بهزيمة كبيرة.
لذلك يرفض الصدر، عقد أية جلسة لمجلس النواب، على رغم وجود حلفائه على رأس السلطة التشريعية، مثل محمد الحلبوسي، ونائبه عن الحزب الديمقراطي الكردستاني، شاخوان عبدالله، وأصبحت لديه “فوبيا” من أية جلسة للبرلمان، تحسباً لأية خطوات، أو قرارات لا تصب في صالحه.
وبعد مطالبته لحلفائه بالانسحاب من المجلس، بدى الصدر، وكأنه حرك المياه الراكدة، وضرب في قاع أعمق، إذ رمى الكرة في ملعب أصدقائه، الذين يتوجسون من تلك الخطوة، تحسباً من استغلال قوى الإطار التنسيقي لها، والدفع بنواب جدد، قد يكونوا من فريقها، ما يُخل بالعملية السياسية بشكل عام.
كواليس هذين الحزبين (السيادة، والديمقراطي الكردستاني) تشير إلى رفضهما الانسحاب من مجلس النواب بتلك الطريقة، دون الحصول على ضمانات أو وعود، أو التوقيع على ميثاق يضمن الاعتراف بنتائج الانتخابات المقبلة، فضلاً عن أن مسار الانتخابات المبكرة، غير واضح، بالنسبة لأغلب تلك الأحزاب، وما هو هدف الصدر من الانتخابات المقبلة بشكل دقيق.
وترى أوساط سياسية، أن موقف الحزب الديمقراطي الكردستاني وائتلاف السيادة السني، من شأنه أن ينعكس على التحالف القائم مع التيار الصدري، حيث سيرى فيه تخليا عنه، مشيرة إلى أن الصدر لم يعد، بعد التحفظات على مقترحه الأخير، يملك ترف الخيار، وأن إمكانية احتكامه للشارع مجددا لفرض أجندته، مخاطرة غير مضمونة العواقب، كما أثبتت التجربة خلال الأيام الماضية.
وبات ينظر إلى خيار الانتخابات المبكرة، في العراق، على أنه يهدف بشكل أساس لإعادة نواب التيار الصدري، بعد الخطوة المتعجلة، التي اتخذها مقتدى الصدر، وسحب نوابه الـ73 من البرلمان، خاصة وأن القوى السياسية الفائزة في الانتخابات الماضية غير متحمسة لهذا السيناريو، بسبب المعوقات التي تعترضه، والإشكاليات القانونية والإدارية.
وما يجعل أغلب الأحزاب الفائزة في الانتخابات العراقية، غير متحمسة لفكرة الانتخابات المبكرة، هو غياب المسار الواضح، وعدم وضوح الإجابة على السؤال الأهم: ماذا بعد الانتخابات؟، وماذا لو أفرز هذا الاقتراع، نفس الخارطة السياسية، وهو متوقع، بسبب استقرار جماهير تلك الأحزاب، وانتشارها في جغرافية معينة، ما يعني العودة إلى المربع الأول، وعدم تحقيق أي تقدم، في العملية السياسية.
الصدر، وجد نفسه وحيداً الآن في ظل التطورات الأخيرة، ورفض القوى السنية والكردية، الانسحاب من البرلمان، وفق هذا الوضع، ما يعني إمكانية تفكك تحالفه مع تلك القوى، لكنه عندئذ سيكون في وضع حرج، فإما إبرام تحالف مع قوى الإطار التنسيقي، وهو إجراء مستبعد، لجهة العداء المستحكم بين الطرفين، كما أن الصدر ذهب بهذا العداء إلى أبعد نقطة ممكنة، عبر التخوين والقذف والاتهامات، وغيرها، أو العودة إلى تحالفه مع السنة والأكراد، وإبرام صيغة تسوية معهم، لا الحديث عبر التغريدات والبيانات.