روسيا تزجّ بحليف “المصادفة” في سوريا بحربها على أوكرانيا
الاستماع للمقال صوتياً
|
كتبت مرح البقاعي
رسالة التحرير
في خطوات أمنية غير مسبوقة قامت حكومة طهران بتزويد 51 مدينة وبلدة في عموم إيران بنظام دفاع مدني ستكون مهمته الرد على أي هجوم خارجي، وذلك مع تصاعد التوتر بينها وبين الولايات المتحدة في الأسابيع الأخيرة.
الدفاعات المستحدثة تلك ستمكّن القوات المسلحة الإيرانية من “تحديد ومراقبة التهديدات باستخدام برامج تعمل على مدار الساعة”، حسب تصريح لنائب وزير الدفاع الإيراني، الجنرال مهدي فرحي الذي أضاف في لقاء له مع الإعلام المحلي: “نتعامل على أن الحرب التقليدية قد تم استبدالها بأنواع جديدة من الهجومات سواء كان الاعتداء إلكتروني أوبيولوجي أوإشعاعي”.
تأتي الإجراءات الدفاعية مع تصاعد التوترات العسكرية في البحر الأحمر هذا الأسبوع عندما حاولت البحرية الإيرانية – في اعتدائين متواليين – الاستيلاء على عدة طائرات أمريكية بدون طيار (درونز) من المياه الدولية.
وقع الحادث الأول عندما حاولت سفينة إيرانية الاستيلاء على درونز أميركية كانت تحلّق في الخليج العربي عن طريق سحبها خلف سفينتها، قبل أن يسارع الأسطول الخامس الأميركي ويرسل طائرة هليكوبتر وسفينة لمنع محاولة الطاقم الإيراني.
وذهبت إيران إلى أبعد من ذلك في محاولتها الثانية عندما احتجزت مجدداً طائرتين بدون طيار أميركيتين تعملان بالقرب من بعضهما البعض في المياه الدولية.
البنتاغون لم يقف مكتوف الأيدي، وأجهزة مراقبة الأسطول الخامس اكتشفت مرة أخرى محاولات إيران العدوانية، وأرسل طائرة هليكوبتر باتجاه السفينة الإيرانية. اقتربت المروحية من السفينة الحربية الإيرانية ووجدت طاقم السفينة يحاول إخفاء الدرونز الأميركيتان بالقماش المشمع، فما كان إلا أن قام الجنود على السفينة الإيرانية بإلقاء الطائرتين بسرعة في البحر الأحمر.
هذا كان نموذجاً للتحرش الإيراني الأحدث بالقوات الأميركية أثناء قيامها بمهام في المياه الدولية معلن عنها مسبقاً لدًول الإقليم.
طهران تريد أن تدفع بالصدام مع أميركا نحو الحافات وذاك بغية الضغط عليها لتحقيق أكبر مكاسب ممكنة قبيل التوصل إلى اتفاق نووي جديد يقوم بالتعويض عن اتفاق 2015 الذي ألغاه الرئيس الأسبق دونالد ترامب في العام 2018، الأمر الذي أعاد الملف النووي إلى حيّز الغموض والتجاذبات، وتهرّب إيران من التزاماتها في وضع نشاطها النووي تحت الرقابة الأممية.
لم تكتف طهران بإثارة البحرية الأميركية أثناء طلعات لها روتينية، بل اتجهت هذه المرة نحو روسيا لتبيعها طائرات درونز إيرانية الصنغ لدعمها في حربها على أوكرانيا، وتحريض المزيد من الصدامات غير المباشرة مع واشنطن من خلال دعم موسكو في معاركها مقابل حلفاء أوكرانيا من دول الناتو وفي مقدمتهم الولايات المتحدة.
وفي مساعي ما قد يكون مجازاً أشبه بـ “زواج متعة” بين موسكو وطهران، والأقرب إلى عقد ارتباط سريع تفرضه الحاجات الآنية، قامت طائرتا شحن روسيتان بنقل الدفعة الأولى من طائرات درونز من سلسلة “شاهد” و”مهاجر6″، وكلاهما مصنوع في إيران.
فروسيا كانت بطيئة في تطوير قدرات طائراتها بدون طيار القتالية، والعقوبات جعلت من الصعب اقتناء التكنولوجيا المستوردة واللازمة لصناعة الدرونز، حيث نأت الشركة المصنعة الرئيسة في الصين عن بيعها إلى روسيا أو أوكرانيا لتجنب التورط في الحرب. ومن هنا تبدو موسكو في أشد الحاجة إلى هذا النوع من الإمداد.
واشنطن التي تتابع بدقة الجسر الجوي للمعدات القتالية بين موسكو وطهران، لديها معلومات دقيقة أيضاً عن القطع الأساس المصنوعة منها الدرونز الروسية التي قامت موسكو بتطويرها واستخدامها في شهر يوليو الفائت، والتي كشفت التحقيقات في حطام بعض ما سقط منها أثناء المعارك على أرض أوكرانيا أنها تحوي قطعاً مسروقة من التكنولوجيا الغربية.
وواشنطن قامت بما يلزم للتصدي لاعتداءات الدرونز الروسية. فقد تضمّنت أحدث حزمة مساعدات أميركية لأوكرانيا أنظمة مضادة للطائرات بدون طيار تُعرف باسم صواريخ VAMPIRE، والتي يمكن لصواريخها الموجهة بالليزر اصطياد طائرات الدرونز بصورة استباقية وبدقة بليغة. ولدى صواريخ فامباير الأميركية ميزة إضافية لسهولة التنقّل بها، حيث يلزم لتشغيلها شخصان فقط ويمكن تثبيتها بسهولة على ظهر شاحنة نقل صغيرة الحجم.
فصل المقال يكمن في أن صفقة الدونز بين إيران وروسيا قد تكون سبباً رئيساً في تعطيل التقدّم في المفاوضات النووية التي تهدف إلى إنجاز اتفاق جديد بين إيران والعالم الحرّ، وقد تكون تلك الصفقة المشبوهة طلقة الخلاص التي ستقوم بالإجهاز على المفاوضات النووية المتعثرة أصلاً.