جوهر الاختلاف بين الصين وأميركا في العلاقة مع الشرق الأوسط
الاستماع للمقال صوتياً
|
كتبت الجوهرة بنت فهد بن جغيمان
“الصين و المملكة العربية السعودية شريكان استراتيجيان شاملان. وفي السنوات الأخيرة، و بفضل الالتزام و التوجيه من قادة البلدين، نمت العلاقات بينهما بقوة مع تعاون مثمر في مختلف المجالات، ونحن على استعداد للعمل مع المملكة لتعزيز الثقة المتبادلة وتعميق التعاون و تعزيز شراكتنا الاستراتيجية”. هكذا أجاب المتحدث باسم الخارجية الصينية حين تم سؤاله من أحد الصحفيين عن تقييم الصين لعلاقاتها مع المملكة العربية السعودية.
تتميز العلاقات السعودية الصينية بالالتزام و الاتزان، فالصين أكبر مستهلك للنفط الخليجي، كما تعد المملكة أكبر شريك اقتصادي للصين في منطقة غرب آسيا و شمال افريقيا، والصين هي المقصد الأول للاستثمارات الخارجية المباشرة للسعوديين.
إثر زيارة الرئيس الأميركي للمنطقة الشهر الماضي، هناك حديث شبه مؤكد عن زيارة للرئيس الصيني لرعاية قمة التعاون العربي الصيني. هذه الزياره ستعزز العلاقات الصينيةالسعودية في مختلف المجالات كما ستؤكد على ثقل السعودية على الصعيد الدولي والسياسي و الاقتصادي و الديني وحجم تأثيرها في المنطقى والعالم.
السعودية وهي تستقبل الرئيس الصيني ستتميز بخبرتها الطويلة في التعامل الرصين مع واقع من تنافس القوى الدولية، وذلك منذ عهد الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود الذي أرسى سياسة الاتزان و الالتزام، الأمر الذي عزز من ثقل المملكة و رفع من قدرتها على التكيف مع الأحداث الدولية الحاسمة. السعودية تدرك معايير اختلاف القوى، وتعي أن أهم أدوات القوة الأميركية للهيمنة العالمية هو السلاح بشكل مباشر، و هو ما تختلف عنها الصين تماماً. فالصين تتجه للقياده بأدوات مختلفة، سياسية و اقتصادية و تقنية، كما تتسم الصين باحترام الشؤون الداخلية للدول وتؤيد عدم التدخل في الدول سياسياً.
مما لاشك فيه ان انكفاء واشنطن عن المنطقه فتح المجال للقوى الدولية الناشئة لاستغلال الفراغ الذي قد تتركه واشنطن، وهذا ما دفع دول المنطقة للبحث عن شراكات متعددة لحسم الملفات المهمة ودعم الأمن والسلام والمساهمه في استقرار المنطقة. لذلك فإن تعدد الشركاء يعني دائما تعدد الخيارات لمواجهة كافة الاحتمالات. لذلك تتجه دول المنطقة إلى الانفتاح على الشراكات والتحالفات الدولية التي تشير أيضا إلى مستقبل يسوده عالم متعدد الأقطاب. فقوة القطب الأحادي تواجه اليوم أسئلة معقدة، لذلك نشهد العالم يعيش في خضم حرب باردة يتم تبريدها في الشرق الأوسط.
دول المنطقة وعلى رأسها السعودية تعمل وفق سياسة الانفتاح الذي يخدم مصالحها ويساعد على اقتناص الفرص التي تحقق أهدافها. إنفتاح منطقة الخليج نحو الصين لا يعني أبداً مراجعتها لعلاقاتها مع الغرب في بقعة جغرافية أثبت التاريخ أنها تؤمن بتعدد الشركاء وتنوع الفرص وتخالف المصالح.