آخر التحديثاتأبرز العناوينمقال الرأي

روسيا وايران وصناعة العقبات

الاستماع للمقال صوتياً

كتبت الجوهرة بنت فهد بن جغيمان*

خاص وايتهاوس إن أرابيك

المحرك الأساسي في العلاقات الدوليه هي المصالح المشتركة ومجالات التنافس السياسي والاقتصادي والعسكري، حيث يمكن أن يجمع أي دولتين متنافستين ظروف تفرض عليهما علاقات عسكرية واقتصادية والأهم علاقات سياسية تتبلور حولها المصالح المشتركة، السياسه الروسية ومنذ تسعينيات القرن الماضي اتسمت بالابتعاد عن التوجهات الأيدلوجية والاعتماد على المقاربات السياسية والاقتصادية في تحديد مواقف وتوجهات روسيا في المحيطين الإقليمي والدولي، والأمر الذي سمح ببعض التفاهم مع عدد من الدول التي كانت تحمل العداء لروسيا وتعتبر ايران احد هذه الدول.

Image Credit WHiA.US

بالحديث عن المصالح بدات موسكو بتطوير علاقاتها مع طهران في العديد من المجالات ولقيت هذه السياسة تجاوب ايراني كبير لحاجه إيران لمتنفس في ظل عزلتها الدولية، وباتت الحاجة متبادلة للتعاون السياسي والعسكري والاقتصادي في ظل مواجهة الدولتين لعقوبات قد فرضت عليهما عزله سياسية ولابد من كسرها عبر هذا التعاون، حيث تتعاون الدولتين سياسيا لتوحيد المواقف والتوجهات تجاه عدد من القضايا الاقليميه والدوليه.

ولم تغب الجغرافيا عن المساهمة في تكوين هذه العلاقة، حيث يساهم موقع إيران على حدود مع دولة أفغانستان القريبه من روسيا وتشارك الدولتين في الأزمة السورية الى تقارب سياسي اقتصادي روسي- ايراني، كما ان موقع إيران على الخليج العربي ساهم في تقارب سياسي من خلال قدرة روسيا على بناء تواصل سياسي متين بين إيران ودول الخليج العربي.

وبالمقابل يساهم نفوذ إيران السياسي في سوريا بضمان منع استخدام اراضي سوريا لتسهيل اي عمليات نقل للغاز عبر الاراضي السورية نحو البحر المتوسط مما يعزز موقف روسيا من منع تصدير الغاز الى اوروبا مستقبلا والاعتماد على الطرق الاكثر تكلفة عند نقل الغاز الصلب من الخليج وهي عملية مكلفة وهذا يشكل جزء من رد على العقوبات المفروضه عليها من الغرب وصناعه مقاومة جماعيه ضد الغرب.

ومن المهم الإشارة إلى أم الحرب الروسية الأوكرانية ساهمت هذه الحرب في صناعة مجال للتعاون العسكري حيث قالت مصادر حكومية أميركية إن إيران لن تبيع طائرات مسيرة لروسيا فحسب، بل ستوفر تدريبات على كيفية استخدامها أيضا وفقا للإدارة الأمريكيه ونشرت الولايات المتحدة مؤخرا معلومات استخبارية مفادها أن مسؤولين روسا زاروا إيران مرتين على الأقل هذا الصيف لتفقد طائرات مسيرة قتالية تعتزم طهران تزويد الجيش الروسي بها لتمكينه من التصدي للعتاد الغربي الذي يتدفق إلى أوكرانيا.

إيران لا يمكنها تحمل خسارة روسيا في أوكرانيا فاذا تم إضعاف روسيا نتيجة إما هزيمتها أو دخولها في “استنزاف طويل “، فمن المحتمل ألا تكون قادرة على البقاء بقوة في سوريا كما كانت منذ أن بدأت تدخلها عام 2015م، وبدون الدعم الجوي الروسي، فإن إيران وحزب الله سيواجهان “وقتا أكثر صعوبة في التعامل مع المعارضين الداخليين للرئيس السوري بشار الأسد، وخلال القمة الثلاثية التي كان موضوعها الأساسي الوضع في سوريا، بحث بوتين أيضا مع نظيريه الإيراني إبراهيم رئيسي والتركي رجب طيب إردوغان ملف الحرب في أوكرانيا.

وبطبيعة التغير الدائم للعلاقات الدولية قد تستمر هذه العلاقة لوقت وجيز حيث ان ميزان المصالح لم يحسم بعد بوجود هذه الضبابية في التوجهات المستقبلية للدول المتنافسة في المنطقة وتوجه إيران الى التعامل مع موقعها كدولة داعمه للفوضى خارجيا وغير مستقرة تماما داخليا مع تزايد التركيز الدولي عليها قد يوجهها الى طريق مغاير لكل ما يمكن توقعه اليوم، او تستمر بسكوت امريكي تستدعيه حاجة الولايات المتحدة الى دولة منافسه على المنطقة في هذا الوقت، ولعل السؤال الأخير يقول ماهو حجم التأثير الروسي على إيران فيما يخص الاتفاق النووي مع ايران..؟

*الجوهره بنت فهد بن جغيمان حاصلة على بكالريوس في القانون والعلاقات الدولية، كاتبة سياسية متخصصة في منطقة الخليج وامنها الاقليمي

زر الذهاب إلى الأعلى