أي خطوات ممكنة لكي تساعد واشنطن لبنان؟

خاص وايتهاوس ان أرابيك

انعقدت في ٢٩ نيسان المنصرم في العاصمة الاميركية اجتماعات لممثلي ٦ من المنظمات اللبنانية الاميركية هدفت الى تسليط الضوء على التحديات التي تواجه لبنان والدعم الاميركي المطلوب.

لا يمكن لمن يرافق الدعم الاميركي عن كثب ان ينكر الانخراط الاميركي المتعدد الأوجه ان على مستوى الدعم المقدم للجيش اللبناني او على مستوى دعم المؤسسات المدنية والمؤسسات الانسانية لا سيما بعد انفجار مرفأ بيروت في ٤ آب ٢٠٢٠. وهذه المساعدات يعتبرها كثر انخراطا سياسيا حتى لو اتسمت بالطابع الحياتي ويعرض الولايات المتحدة وسفارتها في بيروت لانتقادات عنيفة من جانب ” حزب الله” الذي يشكل ذراعا ايرانية في لبنان ويحظى بالدعم الايراني المطلق على مستويات متعددة باعتباره هذا الانخراط تدخلا اميركيا اكثر منه اي شيء اخر . يكبر الحزب من حجمه بوضع نفسه طرفا متحديا لما يسميه هيمنة اميركية في لبنان بالنيابة عن ايران التي يتحدث باسمها الامين العام للحزب حسن نصرالله حين يطلق التهديدات في اتجاه اسرائيل .

لا شك ان المسؤولين في واشنطن يدركون تماما ان السلاح الذي يمتلكه ” حزب الله” ويفرض من خلاله قراره على السلطة اللبنانية يشكل العقبة الكأداء التي تحول دون نهوض لبنان . المسألة في ان القوى السياسية تمارس السياسة عبر الفساد والهدر والزبائنية هي من العوامل المؤثرة في ما وصل اليه لبنان من انهيار ولكن سلاح الحزب بات امرا اساسيا والمعرقل الرئيسي على طريق استعادة لبنان سيادته وممارستها على اراضيه . يحتاج لبنان الى دعم العاصمة الاميركية من اجل خطة تقوم على تفاهمات ما معلنة او غير معلنة من اجل تحييد هذا السلاح وليس ضرورة نزعه. بين التوجهات التي ترغب بها غالبية لبنانية ثمة نقاط اساسية تندرج وفق الاتي :

اولا: مساعدة واشنطن على قبول اسرائيل بالاستجابة للتحفظات ال١٣ التي سجلها لبنان على طول الخط الازرق على ان يقطف اي نجاح الجيش اللبناني في اطار حكم جديد مما يعزز موقع الدولة.

ثانيا: معالجة هذا الموضوع الذي يحتاج الى قرار سياسي اميركي وارادة سياسية يأتي بعد التفاهم على رئيس جديد للجمهورية.

ثالثا: توزيع القوى السياسية في المجلس النيابي الجديد وعدم قدرة الثنائي مبدئيا على “صنعه” يفتح المجال للتركيز على شخصية من خارج الاصطفاف اللبناني الداخلي والتقليدي مما يجعل رئيس الجمهورية المقبل غير مرتهن في الداخل لا سيما اذا كان من اصحاب الاختصاص الرفيع في المسائل المالية والتنموية تواكبه شخصية سنية قادرة وغير مسيسة . اختيار شخصية مماثلة والاهم ان تكون غير مرتهنة في السجالات السياسية والاصطفافات لا يعني ضعفا.

رابعا: تخفيف الضغط المالي عن كاهـل لبنان، والمحافظة على التوازنات الاجتماعية فيه، بإعطاء الضوء الاخضر لعودة النازحين السوريين الى بلادهـم ،حيث يتوفر الامن، اذ ان انتظار تحقيق الحل السياسي يعني وقوع التوطين الفعلي لعدم القدرة لدى الاوروبيين والغربيين على توقع وقت العودة ولان ممثل الامين العام للامم المتحدة ذاته قال انه بخلاف التوصل الى قواسم مشتركة بين اللاعبين الدوليين على مسار استانا وجنيف لا امل بحصول تقدم او تحقيق خرق في الحل السياسي وفقا لقرار مجلس الامن . عودة النازحين يمكن ان تقترن بدور فاعل للامم المتحدة سواء لناحية الية العودة او اعطاء المساعدات في الداخل السوري والحصول على ضمانات من النظام السوري لناحية سلامة العائدين وامور اخرى تحددهـا. كما ان عودة النازحين تتطلب ابعاد شبح قانون قيصر عن لبنان تسهـيلا للعودة.

خامسا: وضع مشروع جدي لاعادة اعمار وتنمية لبنان . فالدور الرائد في هذه الخطة يكون للدولة وعلى رأسها رئيس جديد . وكلما تحققت هذه المعطيات ضعف الارتهان الداخلي لهذا الحزب المسلح او سواه.

سادسا: ان تحييد السلاح يؤدي عملانيا الى تعطيل مفاعيله انطلاقا من ان المقاربة التي تعتمدها الادارة الاميركية مع ايران حول العودة الى العمل بالاتفاق النووي يجب ان تشمل تفاهمات اخرى على غرار تلك التي تطالب بها ايران في طلبها رفع اسم الحرس الثوري عن قائمة العقوبات الاميركية.

لبنان الصغير قد لا يكون مهما في حسابات واشنطن وهو ليس كذلك من دون اي اوهام حول ذلك حتى لو كان رسالة في تعدديته في المنطقة في نظر الفاتيكان او ربما فرنسا ايضا . ان المنطق الذي يربط سلاح الحزب بالاعتبار الاقليمي على قاعدة انه يخرج عن قدرة لبنان على ايجاد حل له يدفع حكما لربط مصير لبنان بالتفاهمات الاقليمية سواء تلك التي تجري بين المملكة السعودية وايران او تلك التي تجري بين واشنطن والدول الاخرى مع ايران . تحييد السلاح كمرحلة اولى عبر تفاهمات تجريها واشنطن مع اسرائيل من جهة ومع ايران من جهة اخرى اذا كان للعودة الى الاتفاق النووي فرصة وشروط لاحقا، يمكن ان يساهم في وضع السلاح على الهامش كمدخل على الاقل او كمرحلة أولى.

يحتاج لبنان ان يقدم خطوات عملية قابلة للتنفيذ وافكار ممكنة، لا ان يكون ورقة على طاولة المفاوضات مع ايران بحيث يتم التسليم بنفوذ ايران او تجاهل هذا النفوذ كليا . ولا يجوز ان تتركه واشنطن لقمة سائغة لخصومها.

*روزانا بو منصف : صحافية وكاتبة سياسية في الشؤون السياسية والديبلوماسية في صحيفة ” النهار ” اللبنانية منذ ٣٠ سنة. مجازة في الاعلام والصحافة المكتوبة وحائزة على دراسات عليا في العلوم السياسية . عملت في مؤسسات صحافية واعلامية عديدة وتفرغت للعمل في جريدة النهار والديلي ستار الى جانب اعطاء محاضرات في الجامعات واصدار كتيبات في العلاقات اللبنانية الاميركية والاستراتيجية الدفاعية بناء على التجربة السويسرية الى جانب تقديم استشارات في ملفات سياسية الى جهات ديبلوماسية محلية واجنبية.