دراسة حديثة تحذر من ’أفغنة أوكرانيا’ وتهديدها لأمن وأوروبا
الاستماع للمقال صوتياً
|
عواقب الاستعانة بـ 60 ألف متطوع
بقلم إيهاب نافع
كابتب وباحث سياسي متخصص في شئون الجماعات المتطرفة – نائب رئيس تحرير جريدة الجمهورية المصري
حذرت دراسة حديثة صادرة عن مركز تريندز الإماراتي للبحوث والاستشارات، تحت عنوان “أفغنة أوكرانيا”.. تهديد إرهابي للأمن والاستقرار في قلب أوروبا”، من المخاطر التي تمثلها الحرب الأوكرانية الحالية من تحويل أوكرانيا بعد الحرب إلى أفغانستان جديدة في قلب أوروبا، وما يمثله ذلك من تلك الإستعانة الحالية بالمتطوعين في أتون الحرب الدائرة من كلا الطرفين في روسيا وأوكرانيا بدعم أوروبي.
الدراسة التي أعدها إيهاب نافع، الباحث المتخصص في شئون الجماعات المتطرفة، شددت على أن أوروبا تعيش واحداً أخطر التهديدات الأمنية والسياسية في تاريخها الحديث، فضلاً عن كونه أقوى تهديد إرهابي حقيقي، وأنه رغم خوض أوروبا حروبا عدة في مواجهة الإرهاب لكن جميعها كان خارج أراضيها من خلال الانخراط في تحالفات تحت قيادة الولايات المتحدة الأمريكية تارة، أو تحت قيادتها تارات أخرى، حيث تعددت تلك المواجهات من أفغانستان إلى كلٍّ من سوريا والعراق ومالي وبوركينا فاسو وأعماق أفريقيا.
أشارت دراسة “أفغنة أوكرانيا”.. تهديد إرهابي للأمن والاستقرار في قلب أوروبا، إلى أن المختلف هذه المرة أن أوروبا قد تضطر لمواجهة خطر الإرهاب على أراضيها، ففي الوقت الذي تبدو فيه الحرب الأوكرانية مواجهة بين جيوش نظامية قد تنتهي بالسلام في أي لحظة من خلال التوصل إلى اتفاق سياسي، لكن هذه الحرب لها وجهان آخران: أولهما أنها واحدة من أخطر المواجهات غير المباشرة بين روسيا والولايات المتحدة وحلف الناتو، وثانيهما، وهو الوجه الأخطر لتلك الحرب، أنها استحضرت روح “الحرب الأفغانية” بشكل وصل بالبعض إلى توصيفها مباشرة بأنه يجري “أفغنة أوكرانيا”؛ بمعنى إقحام جيوش غير نظامية وجماعات مسلحة من كلا الجانبين الروسي والأوكراني، وهو ما يعني أن هؤلاء المتطرفين سيمثلون تهديداً حقيقياً للأمن في أوكرانيا وأوروبا كلها، بل إنه يجري إعداد أوكرانيا لأن تصبح خنجراً في الخاصرة الأوروبية يهدد أمنها وينال من استقرارها، بشكل يجعل منظومتها الأمنية محل استهداف في موجة متطورة شديدة الخطورة من الإرهاب، التي ربما لن تجدي معها نفعاً تحالفات مواجهة الإرهاب عبر الضربات الجوية والتعامل عن بُعد، كما كان يحدث في غالب التجارب الأوروبية السابقة.
الدراسة عقدت مقارنة تفصيلية بين الحرب في أفغانستان، والحرب في أوكرانيا، من حيث طبيعة المواجهات، وأطرافها، وعناصر مواجهاتها، وما أفضت اليه الحرب في أفغانستان، واحتمالات تكرار النموذج الأفغاني في قلب أوروبا، خاصة مع قابلية المعركة للاستمرار لفترة طويلة.. متوقفة الدراسة أمام تغذية تلك المعارك بنحو 60 ألف مقاتل من جنسيات عربية وغربية وإفريقية وآسيوية، فضلا عن مجاهرة الحكومة الأوكرانية ودعم غالب دول أوروبا لهذا التوجه، بل والتعامل مع من يشاركون في الحرب كالأبطال.
وخلصت الدراسة إلى تكرار كل من الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا وروسيا السيناريوهات ذاتها التي جربتها في حروب سابقة في أفغانستان والعراق وسوريا، والجميع يدرك المخاطر المحدقة بالاستعانة بالمرتزقة في الحرب. كما أن المرتزقة يمثلون واحدة من أهم أوراق المعارك الدائرة ميدانياً في الوقت الراهن، ويزيدون من تعقيدات المشهد العسكري لدى كلا الجانبين، ويزيدون من أمد المعارك، ويسهمون في إفشال الجهود الدبلوماسية لحل الأزمة.
وأن الحرب الأوكرانية أعادت تنشيط وجود المرتزقة وجمعت شتاتهم من أفغانستان، والشرق الأوسط، وأفريقيا، وأحضرت المئات من الذئاب المنفردة إلى ساحات القتال في مواجهة الروس في الحرب الأوكرانية، وأن تجميع كل هذه الأعداد من المرتزقة من مختلف أنحاء العالم يفتح المجال لأقوى وأوسع اختراق أمني على مدار التاريخ الحديث لمنظومة الأمن في أوروبا، وأنه مع انتهاء الحرب مع روسيا ستكون بداية صعبة لنموذج مختلف من المرتزقة والإرهاب في قلب أوروبا، بل ومن الوارد أن يلتفت هؤلاء لصناعة عدو جديد في الداخل الأوروبي، وفي هذا الإطار ستدفع أوروبا لسنوات طويلة أو ربما لعقود مقبلة ثمناً باهظاً مقابل سماحها بدخول المرتزقة أراضيها.
ولمزيد من المعلومات يمكن مطالعة الدراسة عبر موقع Trends