أبرز العناوينوزارة الخارجية الأميركية

كلمة الوزير بلينكن في الدورة 49 لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة

بلينكن: يتطلع الناس في أوكرانيا وحول العالم إلينا للنهوض والتوحّد، ويجب علينا ألا نخذلهم.

الاستماع للمقال صوتياً
Credit FP

 

وزارة الخارجية الأمريكية
تصريحات عبر الفيديو
أنتوني ج. بلينكن، وزير الخارجية

الكلمة مسجّلة مسبقا
1 مارس 2022

المفوضة السامية باشيليت، السيد الرئيس، الزملاء الأعضاء، يسرّ الولايات المتحدة أن تنضمّ مجدّدا إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.

تتعرّض المبادئ التي تقع في صميم عمل هذا المجلس بل والأمم المتحدة بأسرها للتحديات اليوم أكثر من أي وقت آخر في التاريخ الحديث.

ففي الوقت الذي نجتمع فيه الآن، تشنّ روسيا هجوما متعمّدا، غير مبرر وليس له داع على أوكرانيا، منتهكة بذلك القانون الدولي ومستهزئة بالمبادئ الأساسية للسلم والأمن الدوليين، وخالقة أزمة في مجالي حقوق الإنسان والإنسانية.

وتتزايد التقارير الواردة عن انتهاكات روسيا لحقوق الإنسان وانتهاكات القانون الإنساني الدولي عددا في كلّ ساعة.

لقد استهدفت الضربات الروسية المدارس والمستشفيات والمباني السكنية. إنهم يدمرون البنية التحتية الحيوية، التي تزوّد ملايين الأشخاص في جميع أنحاء أوكرانيا بمياه الشرب والغاز الضروري لمنعهم من الموت من البرد والكهرباء. كما تعرّضت حافلات وسيارات مدنية وحتى سيارات إسعاف للقصف. تفعل روسيا هذا كل يوم – وعلى امتداد أوكرانيا.

قالت المفوضة السامية أمس إن الهجمات الروسية قتلت ما لا يقل عن مائة مدني، بينهم أطفال، وجرحت مئات آخرين. وقالت إنها تتوقع أن تكون الأرقام الحقيقية أعلى من ذلك بكثير. ولا تزال الخسائر في الأرواح تتزايد، بما في ذلك العديد من المدنيين القتلى والجرحى في الضربات الصاروخية الروسية الوحشية التي أصابت مجمعا سكنيا في خاركيف يوم أمس. وتسبّب العنف الروسي إلى نزوح أكثر من نصف مليون أوكراني من البلاد في غضون أيام قليلة، بمن فيهم أطفال وكبار السن وأشخاص ذوي إعاقة، وهم جميعا يعرّضون أنفسهم للخطر من خلال سفرهم عبر مناطق الصراع.

واعلموا أنه إذا نجح الرئيس بوتين في تحقيق هدفه المعلن بإسقاط حكومة أوكرانيا المنتخبة ديمقراطياً، فإن أزمة حقوق الإنسان والأزمات الإنسانية ستزداد سوءاً. انظروا إلى شبه جزيرة القرم، حيث قام الاحتلال الروسي بعمليات قتل خارج سلطة القضاء والاختفاء القسري والتعذيب والاحتجاز التعسفي واضطهاد الأقليات العرقية والدينية والقمع الوحشي للمعارضة.

وفي روسيا نفسها، يكثّف الكرملين قمعه – حيث كان، حتى قبل الغزو، يغلق منظمات حقوق الإنسان، ويضطهد النشطاء المناهضين للفساد والمعارضين السياسيين ويقوم بتسميمهم وسجنهم.

وبحسب التقارير الواردة، اعتقلت السلطات آلاف الروس الذين احتجوا سلمياً على الغزو، وأوقفت أيضا صحفيين كانوا يغطّون المظاهرات. وأصدر المسؤولون الروس تحذيرا للصحافة في البلاد من أن أي تقرير يشير إلى الهجوم على أنه “عدوان أو غزو أو إعلان حرب” – أي بعبارة أخرى أي تقرير يقول الحقيقة – سيؤدي إلى حجب وسائل الإعلام وتغريمها. وقال مكتب المدعي العام الروسي إن أي روسي يساعد دولة أجنبية أو منظمة أجنبية أو منظمة دولية خلال ما يسمى بـ “عمليتها” يمكن أن يعرّض نفسه للسجن لمدة تصل إلى 20 عاما.

تلك بالضبط هي انتهاكات حقوق الإنسان التي تم إنشاء هذا المجلس لوقفها. إذا لم نستطع أن نتّحد الآن، فمتى سيمكننا ذلك؟

يجب أن نرسل رسالة حازمة وموحدة مفادها أن الرئيس بوتين يجب أن يوقف هذا الهجوم غير المبرر دون قيد أو شرط، كما قال الأمين العام والمفوضة السامية، وأن يسحب القوات الروسية على الفور من أوكرانيا.

يجب علينا أن ندين، بحزم وبشكل لا لبس فيه، محاولة روسيا الإطاحة بحكومة منتخبة ديمقراطياً، وانتهاكاتها الجسيمة لحقوق الإنسان وانتهاكاتها للقانون الإنساني الدولي. وعلينا أن نتخذ خطوات لمحاسبة الجناة. يعتبر قرار هذا المجلس بإجراء مناقشة عاجلة حول الأزمة في أوكرانيا خطوة مهمة نحو ضمان التوثيق والمساءلة، وأشكر جميع الأعضاء الذين أيدوا ذلك.

كما يجب أن نؤكد على ضرورة التزام روسيا، حتى في غزوها غير القانوني، باحترام القانون الإنساني الدولي، بما في ذلك ما يتعلق بحماية المدنيين في النزاع.

وينبغي لأعضاء المجلس التوقف عن استخدام اللغة التي تشير إلى أن جميع الأطراف تتحمّل مسؤولية متساوية في الهجوم غير المبرر الذي هو من جانب واحد. هذا ليس عادلاً – إنه خطأ – وهو يفشل في وضع المساءلة في مكانها الصحيح. وينطبق الشيء نفسه على الأعضاء الذين يجادلون، زورا، بأن التنديد بانتهاكات حقوق الإنسان هو “تسييس” للوضع. إن من المعيب التحدث عن أن انتهاكات حقوق الإنسان تسيّس الوضع.

يجب أن نرفض محاولات روسيا تبرير هذا الهجوم زورا على أنه دفاع عن حقوق الإنسان – ففي ذلك استخدام مغلوط للمصطلحات التي نحتفظ بها لأبشع الفظائع وعدم احترام لكل ضحية من ضحايا تلك الجرائم.

أخيرا، يجب أن نضغط على الكرملين لاحترام حقوق الإنسان لجميع الروس – بما في ذلك حقّ المواطنين في التعبير سلما عن المعارضة وحقّ الصحفيين في نقل الأخبار – وتقديم المعلومات لعائلات الجنود الروس التي تستحقّ معرفة مصير أفرادها المحبوبين، الذين قُتلوا في الحرب التي اختارها الرئيس بوتين.

يمكن للمرء أن يتساءل بحقّ عمّا إذا كان ينبغي السماح لدولة عضو في الأمم المتحدة تحاول الاستيلاء على دولة عضو أخرى في الأمم المتحدة، بينما ترتكب انتهاكات مروعة لحقوق الإنسان وتتسبب في معاناة إنسانية هائلة، بالبقاء في هذا المجلس.

ورغم أننا نركّز هنا على الأزمة في أوكرانيا، فإن هذه الأزمة ليست الجزء الوحيد من العالم الذي يحتاج إلى اهتمام المجلس.

في بيلاروسيا، يقوم نظام لوكاشينكا بقمع وحشي للمجتمع المدني والحركة المؤيدة للديمقراطية في البلاد، مستخدما القمع العابر للحدود لإسكات منتقديه في الخارج أيضا، وتمكين الغزو الروسي. وفي الأيام الأخيرة، اعتقلت السلطات البيلاروسية مئات الأشخاص الذين تظاهروا سلميا ضد الهجوم الروسي.

وفي الصين، تواصل الحكومة ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضدّ الإنسانية في سنجان في حقّ الأغلبية المسلمة من الأويغور والأقليات الأخرى، ونحن هنا نحثّ المفوضة السامية على إصدار تقريرها دون تأخير عن الوضع هناك.

ويجب علينا مضاعفة جهودنا لمعالجة الأزمة الإنسانية المتنامية في أفغانستان والضغط على طالبان لاحترام حقوق جميع الأفغان، ووقف الاعتقالات الجائرة للمتظاهرات والصحفيات، وإنهاء الأعمال الانتقامية، والسماح لجميع الأفغان بالتعليم والعمل في كل قطاع.

كما تتطلّب أزمات حقوق الإنسان في بورما وكوبا وجمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية وإيران ونيكاراغوا وجنوب السودان وسوريا وفنزويلا واليمن، من بين أمور أخرى، اهتماما مستمرّا من هذا المجلس.

ولا ينبغي أن ندين الانتهاكات فحسب في كل مكان من هذه الأماكن، بل يجب أن نعمل على وقفها ومحاسبة مرتكبيها.

ومع ذلك، في الوقت الذي يحتاج فيه العالم إلى الوضوح الأخلاقي والموقف الموحّد من هذا المجلس، تجادل بعض الحكومات بأن السيادة تمنح الدول الحقّ في فعل ما تريد داخل حدودها. ليس من قبيل المصادفة أن العديد من الحكومات التي تطرح هذه الحجة تنتهك هي ذاتها حقوق الإنسان بشكل منهجي – وقد التزمت الصمت بشكل مخيف في مواجهة اعتداء روسيا الصارخ على سيادة أوكرانيا.

يبدأ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بكلمة “عالمي” لأن الدول قررت أن هناك حقوقا معينة يحقّ لكل شخص في كل مكان التمتع بها، ولذلك فلدى أعضاء هذا المجلس مسؤولية خاصة تتمثل في تعزيز تلك الحقوق – وليس إضعافها.

ولعلّ إحدى طرق القيام بذلك ترحيب كلّ دولة بفحص سجلاتها. في أيلول/ سبتمبر، أصدرت الولايات المتحدة دعوة رسمية دائمة لجميع خبراء الأمم المتحدة الذين يقدمون تقاريرهم ويقدمون المشورة بشأن قضايا حقوق الإنسان المواضيعية. إننا نحثّ كل عضو في المجلس على اتخاذ هذه الخطوة.

نحن نعلم أن لدينا عملا يتعيّن علينا القيام به للنهوض بحقوق الإنسان في بلادنا. وكلّ دولة عضو تعلم ذلك أيضا. ولكن ما يهمّ هو أن نلزم أنفسنا جميعا بنفس المعايير، وأن نعمل على معالجة أوجه القصور لدينا، كما نفعل نحن.

وإليكم ما يمكن أن تتوقعونه أيضا من الولايات المتحدة في هذا المجلس.

أولا، نحن ملتزمون بالعمل مع البلدان الأخرى، بما في ذلك تلك التي لا نتفق معها دائما، لتعزيز حقوق الإنسان، كما رأى الأعضاء خلال تعاملهم مع الممثّلة الدائمة لدى الأمم المتحدة في جنيف، السفيرة شيبا كروكر، ومع سفيرتنا الجديدة في مجلس حقوق الإنسان ميشيل تايلور.

ثانيا، لقد سمعنا مرارا أن الولايات المتحدة تركّز في كثير من الأحيان على تعزيز الحقوق المدنية والسياسية أكثر مما ركزت على تعزيز الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. يتطلّع الناس في جميع أنحاء العالم إلينا للقيام بالأمرين معا – ونحن نفهم هذه الدعوة.

ثالثا، سنواصل مواجهة التحيّز ضدّ إسرائيل والتركيز غير العادل وغير المتناسب على إسرائيل في المجلس. تشكّل لجنة التحقيق والبند 7 الدائم من جدول الأعمال وصمة عار على مصداقية المجلس، ونحن نرفضهما بشدة.

رابعا، سنواصل النضال من أجل حقوق الإنسان لأفراد مجتمع الميم العين؛ والأشخاص ذوي الإعاقة؛ وأعضاء الأقليات العرقية والإثنية والدينية؛ والنساء والفتيات؛ وجميع الفئات السكانية المهمشة والأشخاص المعرضين للخطر.

في الأيام الأخيرة، خرج الناس في كلّ قارة للتظاهر ضد الغزو الروسي – ومن أجل حقوق الأوكرانيين. إنهم يفهمون أنه إذا سمحنا بالدهس على قواعد النظام الدولي بشكل صارخ في أي مكان، فإننا نضعفها في كل مكان. وعلى حدّ تعبير أحد الطلاب المحتجّين في إستونيا، “إذا لم تكن أوكرانيا دولة (برأي الرئيس بوتين) … فيمكن للرئيس بوتين أن يقول إن إستونيا ليست دولة أيضا”.

إننا نؤيّد هذه القواعد، ليس في مواجهة أي حكومة، بل لأننا نرى مصلحتنا المشتركة في الكفاح من أجل عالم يتمتّع فيه جميع الناس، من جميع الدول، بحقوق الإنسان وبالسلام والأمن، ولأن التاريخ أظهر لنا الظلام والمعاناة التي تنتج عن التخلّي عن هذه القواعد.

يتطلع الناس في أوكرانيا وحول العالم إلينا للنهوض والتوحّد، ويجب علينا ألا نخذلهم.


للاطّلاع على مضمون البيان الأصلي يرجى مراجعة الرابط: State.gov

هذه الترجمة هي خدمة مجانية مقدمة من وزارة الخارجية الأمريكية، مع الأخذ بالاعتبار أن النص الإنجليزي الأصلي هو النص الرسمي

زر الذهاب إلى الأعلى