مقال الرأي

جورج واشنطن مرتدياً قبعة ترامب الحمراء

بقلم مرح البقاعي

الاستماع للمقال صوتياً

بحشد غفير ولافت استقبلت ولاية أريزونا الرئيس الأسبق دونالد ترامب وبعبارة كتبت على لوحة ضخمة “انقذوا أميركا“، بينما ردّ الرئيس ترامب الاستقبال الحار للجمهور بتوزيع قبعته الحمراء على المحتشدين حول المنصة الخطابية التي أقامها لدعم مرشحة الحزب الجمهوري لمنصب حاكمة ولاية أريزونا في الانتخابات النصفية للعام 2022 وهي الإعلامية ومقدّمة البرامج التلفزيونية السابقة كيري ليك.

وقد افتتح ترامب خطابه بالحديث من جديد عن أن الانتخابات الرئاسية للعام 2020 كانت مزورة، وذلك في محاولة الرد غير المباشر على خطاب الرئيس جو بايدن الذي ألقاه في الذكرى الأولى لأحداث 6 يناير في الهجوم على مبنى الكابيتول إثر خسارة ترامب للانتخابات. أما المرشحة ليك فقد قالت على المنصة “إن vالآباء المؤسسين للولايات المتحدة ما كانوا إلا أن يكونوا جمهوريين ومؤيدين لترامب لو كانوا بيننا اليوم”، وتوقعت “أنه لو قُدر لجورج واشنطن أن يكون بين الحشد لكان يرتدي قبعة ترامب الحمراء”.

خطاب ترامب ولهجته لم تتغير البتة، وقد استعرض ما يراه أزمات لم يتوصل الرئيس بايدن إلى إيجاد مخارج لها اعتباراً من قضايا الهجرة غير الشرعية ومعضلة الحدود الجنوبية للولايات المتحدة، مروراً بمعدلات الجريمة المرتفعة، وصولاً إلى أداء بايدن وطريقة تعامله مع فلاديمير بوتين وكيم جونغ أون، فالأول “يهدد ليس فقط بغزو أوكرانيا بل كوبا أيضاً، والرئيس الكوري جونغ أون يطلق تجارب صاروخية حيّة من جديد” كما ورد في خطابه.

الملاحظ أن الجمهور المتواجد على المدرجات لا يرتدي الأقنعة الواقية ولا يراعي التباعد الاجتماعي بالرغم من الارتفاع غير المسبوق للإصابات بالمتحول أوميكرون في الولايات المتحدة، وكأن المجتمع الأميركي قد انقسم بين مقنّعين يرمزون إلى الديمقراطيين وغير مقنعين يمثّلون بعضاً من أتباع ترامب ومعظمهم أيضاً لا يؤمن بنجاعة اللقاح ولم يتلقاه رغم أن ترامب نفسه كان قد تلقى 3 جرعات منه. إلا أن ترامب يقول إنه “لا يستطيع أن يتحمّل بعد اليوم التعليمات التي تفرضها إدارة بايدن على الأميركيين بحيث يجبرون الأطفال أن يكبروا وهم مرتدين لقناع، ويسجنون الكبار في منازلهم” كما أفاد.

يخطط ترامب لمؤتمرين انتخابيين في الشهر الواحد حتى موعد انتخابات 2022 الذي يصادف في شهر تشرين الثاني/نوفمبر القادم، الأمر الذي سيجعل حضوره متواصلاً في وسائل الإعلام ما سيؤثر بطبيعة الحال على تأجيج الجدل وحدّة المقارنات بين سياساته وتلك التي يتّبعها خلفه بايدن في القضايا الأساسية سواء كانت داخلية مثل إدارة أزمة الوباء والحالة الاقتصادية والمعيشية المتراجعة للمواطن الأميركي، إلى السياسات الخارجية وفي مقدمتها الخروج المخزي للولايات المتحدة من أفغانستان وتركها بسهولة للمتطرفين من جماعة طالبان، إلى المواقف الرخوة للإدارة الحالية من المحادثات مع روسيا وكذا المفاوضات النووية مع إيران، حيث تبدو اللهجة الأميركية متساهلة في كلا الحالتين وكأن الهدف لوفود بايدن هو الوصول إلى توافقات بغض النظر إن كانت تحقق المصلحة القومية الأميركية أم تبتعد عنها.

وفي ظل تدني نسب القبول الشعبي الأميركي لأداء الرئيس بايدن في معظم استطلاعات الرأي، فإن الظهور الذي سيكون متكرراً وحاشداً للرئيس الأسبق ترامب سيزيد من حدة المواجهات السياسية ويعقد المشهد الانتخابي الذي سيحسم ليس فقط من سيسيطر على مجلسي النواب والشيوخ في العام 2022، بل سيحدد مسار انتخابات الرئاسة القادمة ويرجح كفة أي من الحزبين سيفوز بها.

مرح البقاعي

مستشارة في السياسات الدولية، صحافية معتمدة في البيت الأبيض، ورئيسة تحرير منصة .’البيت الأبيض بالعربية’ في واشنطن
زر الذهاب إلى الأعلى