ماذا يحدث في ليبيا؟
الاستماع للمقال صوتياً
|
انسحبت مفوضية الانتخابات الليبية من المشهد وأغلقت أبواب مكاتبها وحلّت لجانها الانتخابية المنتشرة على الأراضي الليبية كافة قبل 48 ساعة فقط من الموعد المضروب للانتخابات الرئاسية المباشرة الأولى من نوعها منذ سقوط نظام معمر القذافي قبل نيف وعشر سنوات.
إغلاق آخر ليس سياسياً هذه المرة رافق المشهد الضبابي في ليبيا وطال حقول نفطية، تمّ فرضه بقوة السلاح، بينما انتشر مسلحون من ميليشيات مختلطة في جنوب العاصمة طرابلس وبدأ المناخ السياسي المتلبّد يُنذر بالأسوأ القادم بعد أن أصبح جلياً أن الانتخابات لن تنطلق في موعدها المحدّد، وأن تأجيلها مفتوح على كل الاحتمالات بما فيه اندلاع العنف من جديد وانهيار العملية السياسية برمتها التي كانت تسير سيراً وئيداً ومتعثراً تشوبه التناقضات والاختراقات الأمنية حيث الميليشيات المتعددة الجنسيات هي سيدة الموقف الأمني.
انهيار العملية الانتخابية سيشكّل نكسة لبرنامج واشنطن الخاص بليبيا، ولا سيما أنها دفعت وحلفائها الأوروبيين بقوة لإنجاح مؤتمر باريس الذي حضرته نائبة الرئيس الأميركي، كاميلا هاريس، واستهدف الضغط لإجراء الانتخابات في موعدها بغض النظر عن هشاشة الوضع وعدم استقراره، بينما هدّد الرئيس الفرنسي كل من يحاول تقويض العملية الانتخابية،بفرض عقوبات رادعة، وطالب بسحب الميليشيات كافة وفوراً من ليبيا.
من نافلة القول أن الانتخابات الليبية جاءت على أرضية متصدّعة بالتجاذبات والأجندات الغريبة عن ليبيا وأهلها. وصار المشهد الليبي مقارباً لنظير له في سوريا وهو يتمزّق على أيدي المرتزقة من حملة السلاح المستأجرين من تركيا وروسيا وغيرها من الدول ذات المصالح، أو تلك التي تريد اقتسام النفوذ والثروة الوطنية التي حُرم منها أهلها منذ عقود من عمر الاستبداد، ويبدو أن استرجاعها ما بعد سقوط حكم الرجل الواحد أصبح بعيداً عن المنال بعد أن توزّع قميص عثمان بين غريب طامع وقريب متسلّط.